الفيتو الروسي يخيف "غياث" و٤ ملايين سوري غيره

من خلال معبر باب الهوى تمر مساعدات إنسانية للملايين إلى الأراضي السورية، بالتحديد هؤلاء المتمركزين في المناطق الشمالية الغربية التي ما تزال إلى اليوم خاضعة لسلطة المعارضة وبعيدة عن نفوذ النظام السوري.

ولتنفيذ وتنظم آليات عبور تلك المساعدات، طُرح مقترحين على طاولة الاقتراع أحدهما قدمته روسيا وتضمن تمديد مفاعيل آلية توصيل المساعدات لمدة ٦ أشهر فقط وهو المقترح الذي رفضته كلا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.

على الجهة المقابلة، تقدمت كلا من سويسرا والبرازيل بمقترح آخر لتمديد المفاعيل مدة ٩ أشهر، وهو المقترح الذي لاقى موافقة ١٣ عضوا فيما امتنعت الصين عن التصويت، واستخدمت روسيا حق الفيتو فعرقلت المقترح بحسب وكالة فرانس برس.

التمثيل الدبلوماسي الرسمي للجانب السوري، أبدى توافقا مع الفيتو الروسي، حيث صرح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير بسام صباغ أن مشروع القرار الغربي لم يعكس تطلعات سوريا أو يطمئنها إلى إمكانية تنفيذه بحسن نية، بينما مدة الأشهر الست تتيح إجراء عمليات تقييم ومتابعة، وذلك حسب وكالة الأنباء الرسمية.

كانت الوكالة السورية الرسمية أشارت في أحد تقاريرها الإخبارية إلى أن القرار ينتهك سيادة سوريا بحجة إيصال المساعدات عبر الحدود، وأضافت: "بينما عرقل الغرب اعتماد مشروع قرار روسي يمثل محاولة صادقة لتمكين المجلس من الاضطلاع بمسؤولياته".

وفقا لرؤية الحليفتين، روسيا وسوريا، إن عملية إدخال المساعدات من خلال معبر باب الهوى تشكل انتهاكا لسيادة الأخيرة، ومن ثم تطالب سوريا بوصول المساعدات من من المعابر التي يسيطر عليها النظام، وعلى الجهة الأخرى تخشى المعارضة أن يتسبب ذلك في وقوع المساعدات الغذائية وغيرها في الجهات الرسمية.

من وجهة نظر سويسرية، كان يمكن لمشروع الأشهر الـ٩ أن يضمن إمداد السوريين بالمساعدات خلال أشهر الشتاء القاسية في العام المقبل، إذ قالت باسكال بيريسويل، السفيرة السويسرية أن القرار :"كان من شأنه أن يجعل اجتياز أشهر الشتاء الصعبة ممكنا".

أضافت السفيرة كذلك أنها تشعر بالإحباط جراء عرقلة القرار، بيد أن "الفيتو الروسي" لن يضح حد للجهود المبذولة في محاولة إيجاد حل لمعضلة المساعدات السورية.

جازية المحمد، امرأة سورية في الخمسينيات من العمر، تشكو لمراسل فرانس برس من ضيق ذات اليد، وتشرح كيف تشكل المساعدات ركن ضروري لاستقامة الحياة فتقول: "ذبحنا الجوع والعطش، نريد مساعدات إضافية.. ولا يجوز أن تغلق روسيا المعبر".

حياة المحمد لم تتأثر بأهوال الحرب الأهلية في سوريا فقط وإنما أيضا الزلزال المدمر الذي ضرب أراضيها قبل أشهر حاصدا آلاف الأرواح من بينهم زوجها وابنتها، ومن ثم تعيش السيدة برفقة ٥ من أبنائها، وفي ظل ارتفاع الأسعار تعتبر المساعدات وسيلتها الضرورية لتدبير شؤون الأسرة المعيشية بالحدود الدنيا.

تعود جذور تسليم تلك المساعدات لسوريا للعام ٢٠١٤ عندما سمح مجلس الأمن بتسليمها لأول مرة في مناطق تسيطر عليها المعارضة التركية، وذلك عبر أكثر من نقطة حدودية ما بين العراق والأردن وتركيا، إلا أن مساعي كلا من الصين وروسيا في المجلس تمكنت تحديد مساحات التسليم، لتصل إلى نقطة واحدة فقط في باب الهوى.

وتتجدد عملية التصويت على آلية تقديم المساعدات بشكل دوري، جاذبة موجة جدل في كل مرة، وقد جرى التصويت عليها سابقا في عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢٢.

في المنطقة البعيدة عن نفوذ النظام السوري، يحصل حوالي ٤ ملايين شخص على المساعدات القادمة من خلال الأمم المتحدة، ٨٠٪ من هؤلاء نساء وأطفال، تعتبر مسألة تجديد تفويض إرسال الإمدادات إليهم بشكل سنوي مسألة حاسمة من وجهة نظر الأمم المتحدة، كما تعتبر منظمات غير ربحية في تعمل في سوريا أن فشل وصول تلك الإمدادات لمستحقيها يضع حياة الملايين في خطر.

جاء ذلك في بيان مشترك للمنظمات صدر الثلاثاء، أكدوا خلاله أن تدهور جودة المعيشة خاصة في ضوء أزمة الزلزالين المدمرين خلال العام الجاري، جعلوا حوالي ٤.٤ مليون شخص معتمدين على المساعدات الإنسانية في سوريا، وفقا لموقع CNN.

وتصف الأمم المتحدة الوضع السوري بأحد أكثر حالات الطوارئ الإنسانية والحماية تعقيدا في العالم، وذلك في ضوء التضخم وغياب الأمن الغذائي و عودة انتشار الكوليرا.

وتقدر المنظمة أن حوالي ١٥.٣ مليون شخص في سوريا بحاجة لمساعدات إنسانية، فيما تتوقع أن يزداد ذلك الرقم.

داخل دائرة مجلس الأمن، تنعم ٥ دول أعضاء فقط بحق الفيتو في نظام تصويت، وهي الدول التي خرجت من الحرب العالمية منتصرة، وفي الوقت ذاته هم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

وتضم القائمة القصيرة كلا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وفرنسا وروسيا التي خلفت الاتحاد السوفيتي بعد انهياره تسعينيات القرن الماضي.

وبموجب ذلك الحق، يمكن لأي من الدول الخمسة أن توقف قرار لمجلس الأمن باستخدام الفيتو أو حق النقض حتى ما إذا كانت دول المجلس الأخرى جميعها صوتت بالموافقة.

إلا أن نظام مجلس الأمن يستقطب العديد من الانتقادات في السنوات الماضية، حسب صحيفة الغارديان.