أمن
.
إسرائيلي سبعيني اختفى أثره في إثيوبيا، وشابة إسرائيلية أُعلن اختطافها في العراق، ورجل أفغاني يحاول تفجير السفارة الإسرائيلية في أذربيجان، والمخابرات القبرصية تعلن عن إحباط هجمة ضد إسرائيليين في ليماسول، وفرار العقل المدبر في اللحظة الأخيرة، وقنبلة تنفجر في منزل رجل أعمال إسرائيلي يتاجر في العملات المشفرة في قبرص، والمخابرات التركية تعلن تفكيك "خلية شبحية" للموساد الإسرائيلي في إسطنبول.
كل هذه الحوادث الدرامية وقعت في أقل من شهر واحد، في تزايد ملحوظ في الهجمات ضد الإسرائيليين في الخارج. فماذا يحدث مع الإسرائيليين؟ وهل تحولوا إلى أهداف في الخارج؟
فوزان موسى خان، شاب أفغاني الجنسية، دخل أذربيجان عبر الحدود الإيرانية، وتنقل في العاصمة الأذرية باكو لبضعة أيام كسائح عادي. كل شيء كان يسير بطبيعية إلى أن ألقي القبض عليه فجأة في محيط السفارة الإسرائيلية ووجهت له تهم مغلظة بالإرهاب. فماذا حدث؟
الصراع الاستخباري الإسرائيلي الإيراني يمتد عبر العالم. أ ب
الاستخبارات الإسرائيلية تقول بأنها أبقت الشاب الثلاثيني تحت أعينها منذ لحظة دخوله البلاد ورصدت جميع تحركاته قبيل إبلاغ السلطات الأذرية بنواياه العدائية ومحاولته الحصول على أسلحة ومواد متفجرة، لتسارِع الشرطة الأذرية بدورها لاعتقاله وإخضاعه للتحقيقات المكثفة للوصول إلى شركائه المحتملين.
في بيان رسمي، قال جهاز أمن الدولة الأذري بأن الرجل الأفغاني المولود في عام 1990 "خطط مع أشخاص آخرين لارتكاب عمل إرهابي مصحوب بانفجار أو حريق أو أحداث أخرى مماثلة تؤدي إلى قتل وإصابة وإتلاف ممتلكات"، ولم تذكر أذربيجان الدولة التي تقف خلف الهجوم، لكن الموساد الإسرائيلي سارع للإعلان بأن الشاب دخل من إيران لإحراج طهران بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
في غضون ذلك، أصاب الذعر عائلة إسرائيلية بعد أن تلقت رسالة من هاتف أحد أقاربها الذي سافر لزيارة منطقة قوندر في إثيوبيا. الرجل الإسرائيلي إثيوبي الأصل وعمره 79 عاما، سُمع مضطرباً في رسالة صوتية قال فيها "ساعدوني، أنا في وسط الغابة، أمطار غزيرة تتساقط. كان من المفترض أن أعود يوم الأحد، ولكن يبدو أنني سأبقى هنا، لا أتمنى هذا لأعدائي".
أُرفق مع الرسالة صورة المسن ويداه مقيدتان من قبل الخاطفين المزعومين والذي طالبوا العائلة دفع فدية مقدارها نصف مليون بَرّ إثيوبي، 9 آلاف دولار، هذا الأمر دفع السلطات الإسرائيلية للقول بأن الدافع وراء الاختطاف من المرجح أن يكون جنائياً وليس سياسياً، ولكن ذلك لا يمنع احتمالية أن تقوم أحد الجماعات المسلحة بشرائه من قبل الخاطفين والمساومة عليه.
من احتفال ديني ليهود من أصول إثيوبية. أ ب
لهذا السبب سارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالقول إن قنصلها العام في أديس أبابا على اتصال حثيث مع السلطات الإثيوبية وشرطة الإنتربول لتأمين إطلاق سراح الرهينة المختطفة بأمان وبأقصى سرعة.
حادثة الاختطاف تلك أعادت للأذهان إعلان السلطات الإسرائيلية قبل بضعة أيام اختطاف مواطنة إسرائيلية-روسية شابة تدعى إليزابيث تسوركوف، 36 عاما، أثناء قيامها بأبحاث ميدانية لأطروحة الدكتوراة من جامعة برنستون الأميركية نهاية شهر مارس الماضي.
الشابة تسوركوف خدمت سابقاً في الجيش الإسرائيلي كضابطة استخبارات أثناء فترة تجنيدها إجباريا خلال الحرب الإسرائيلية وحزب الله في لبنان العام 2006، ولكنها قالت في عام 2020 إن قناعاتها تغيرت و"باتت ترفض الصهيونية بعد أن ترعرعت في بيئة صهيونية يمينية متشددة".
وعملت إليزابيث في عدة مؤسسات حقوقية تهتم بالشأن الفلسطيني قبيل انتقالها لإسطنبول قبل عدة سنوات، من ضمن تلك المؤسسات منظمة غيشا الإسرائيلية التي تعمل في مجال مساعدة الفلسطينيين في قطاع غزة، للحصول على تصاريح أمنية للسفر والعلاج في الضفة الغربية والقدس والخارج.
الشابة تسوركوف تتحدث العربية بطلاقة وعملت على تغطية الأوضاع السياسية والاجتماعية في سوريا والعراق لسنوات وزارت العراق بجواز سفرها الروسي نحو عشر مرات قبل اختفائها. وظهرت مؤخراً في مقطع مصور وهي تمتدح القيادي العراقي الشيعي مقتدى الصدر وهي ترتدي عباءة وحجاباً أسودين، واصفة إياه بـ"شخصية وطنية ترفض تدخلات الدول الغربية والعربية".
قبيل اختطافها من مليشيا كتائب حزب الله العراقي، الموالية لطهران، كانت إليزابيث تتجول في منطقة الكرادة ذات، وهي واحدة من الوجهات المفضلة لزائري العراق وتضم منازل مسؤولين بالدولة ورجال سياسة وتنتشر فيها كذلك مقرات المليشيات المسلحة الموالية لإيران.
وعلى الرغم من التواجد الأمني المكثف في المنطقة ونقاط التفتيش المتعددة، اختفى أثرها بالقرب من مستشفى الراهبات أثناء خروجها من مقهى رضا علوان، وكأنها تبخرت من المكان.
ظلت قصة الباحثة الشابة طي الكتمان بشكل متعمد من قبل الحكومة الإسرائيلية لتجنب تعقيد مفاوضات إطلاق سراحها أو تعريض حياتها للخطر، إلى أن كشف بعض الباحثين الأميركيين مصيرها المجهول.
وأعلنت السلطات العراقية فتح تحقيق شامل في ملابسات اختفائها. وقد نقلت وكالة بغداد اليوم عن مصادر أمنية لم تسمها بأن السلطات العراقية كان قد اعتقلت مواطناً إيرانياً يدعى محمد رضا حسين نوري يشتبه بضلوعه في عملية الاختطاف دخل العراق قبل 72 ساعة من الحادثة.
في بداية يوليو ٢٠٢٣، انفجرت قنبلة يدوية فجأة بعد إلقائها على منزل رجل إسرائيلي يعيش في قبرص ويعمل في مجال العملات المشفرة كالبتكوين، وفقاً لما نقلته القناة 13 الإسرائيلية. أول ظن السلطات القبرصية هو أن للأمر علاقة بنزاع مع منظمة إجرامية محلية في الجزيرة تطلب "إتاوة"، لكن شعبة الاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية أعلنت أنها تقوم بالتحقيق ومتابعة الحادث.
هذه القصة تشابهت مع حادثة وقعت قبل عامين، عندما نقلت السلطات الإسرائيلية رجل الأعمال الملياردير تيدي ساغي وآخرين على عجالة من نيقوسيا، عاصمة قبرص، إلى تل أبيب بعد اعتقال السلطات القبرصية قاتل روسي مأجور من أصول آذارية يدعى أورهان أسادوڤ، 40 عاما، قيل بأنه خطط لقتل رجال أعمال إسرائيليين في قبرص، وعُثر بحوزته آنذاك على مسدس وكاتم صوت وذخيرة.
في بادئ الأمر، قالت الحكومتان القبرصية والإسرائيلية إن المشتبه به لم يكن جزءاً من هجوم إيراني، والأمر قد يكون له علاقة بخلافات مالية بين ساغي الذي يملك شركات مقامرة إلكترونية ورجال أعمال آخرين، لكن إسرائيل غيّرت الرواية لاحقاً وقالت إن الحرس الثوري هو من يقف خلف الهجوم.
قبيل تلك الحادثة، كانت المخابرات القبرصية قد أعلنت أواخر شهر يونيو إفشال مخطط للهجوم على أهداف إسرائيلية ويهودية على أراضيها والتحفظ على الأدوات المستعملة في التخطيط للهجوم، وأثنت نيقوسيا في حينه على إسرائيل والولايات المتحدة لتعاونهما الاستخباراتي الذي أدى لهذه النتيجة. لكن العقل المدبر للعملية، وهو إيراني الجنسية، لاذ بالفرار قبيل العثور عليه.
بعد مرور بضعة أيام، نشر الموساد الإسرائيلي تسجيلاً مصوراً، زعمت أنه لعميل تابع لجهاز الحرس الثوري الإيراني يدعى يوسف شهبازي عباساليلو اختطفه عملاء الموساد داخل الأراضي الإيرانية، وإجباره على الاعتراف بركوب طائرة من إيران إلى قبرص الشمالية عبر إسطنبول بأمر من وحدة المخابرات الخارجية الإيرانية رقم 800 لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية في ليماسول.
يوسف قال في الفيديو إنه التقى خلية تجسس إيرانية سرية تضم مجموعة من الباكستانيين، وعَبَر من الجزء الشمالي الخاضع للسلطات التركية جنوب البلاد إلى مدينة ليماسول الساحلية واقتفى أثر رجل أعمال إسرائيلي والتقط صورا لمنزله ورصد تحركاته بهدف اغتياله. بعد تلك الحادثة، صرح مسؤول كبير في جهاز التجسس الإسرائيلي "سنصل لأي شخص يخطط لشن هجمات إرهابية ضد اليهود، أينما كانوا، بما في ذلك داخل إيران".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة