أمن‎

فلسطينيون يتحايلون على الجيش الإسرائيلي "بطرق مبتكرة" لحماية المسلحين

نشر

.

Qassam Sbeih

بعد العملية التي نفذها شاب فلسطيني قرب مفرق تقوع في مدينة بيت لحم في ١٦ يوليو وأصاب فيها ٣ مستوطنين إسرائيليين، بعض الفلسطينيين فكروا في المنفذ الهارب والذي لم تكن هويته معروفة بعد، ولأنهم يعرفون عن الجيش الإسرائيلي وتطوره التكنولوجي الرهيب، فإن أي منفذ لعملية لا يُقتل في وقتها، يعيش في البراري ولا يستخدم الهاتف، لأنه يتوقع أن منظومة إسرائيل الأمنية كشفت هويته فلا يعود إلى بيته على افتراض أنه مراقب، ولا يتواصل مع أحد افتراضيا لنفس السبب. قبل أن يكشف الجيش الإسرائيلي مكان منفذ العلمية عمار النجار، ٢٠ عاما، بعد ٤٨ ساعة من لحظة وقوع العملية، دعا الفلسطينيون كما يدعون بعد كل ما يسمونها "عملية فدائية" لحذف المخزون الذي تحفظه كاميرات المراقبة الموجودة على أبواب المحال التجارية أو البيوت.

"احذف تسجيلات الكاميرات"

بعد عملية تقوع مباشرة بدأت دعوات شبابية تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى تطبيق تلغرام الذي كثر استخدامه بين الفلسطينيين لنشر كل ما يتعلق بالأخبار الأمنية، ركزت هذه الدعوات على ضرورة حذف تسجيلات كاميرات المراقبة لأن الجيش الإسرائيلي بعد كل عملية يقوم بتمشيط المكان وفي دائرة قد يصل محيطها لـ ١٥ كم من مكان تنفيذ العملية. بعد ساعة من الحدث باشرت القوات الإسرائيلية في سحب تسجيلات الكاميرات من المحال التجارية في المناطق المجاورة مثل بلدة جناتا التي تبعد ٥ كم عن مكان تنفيذ العملية.

وهو ما دفع الفلسطينيين لتصويرهم من أمام السوبرماركت الذي تواجدوا فيه للحصول على التسجيلات، وقاموا بتجديد الدعوة للجميع عبر تصميم بوستات تحوي عبارات "كن درعا وحصنا للمقاومة، واحذف تسجيلات الكاميرات".

علبة تونة وربطة خبز على الأشجار

ولأن منفذ العملية عادة لا يعود إلى بيته وينام بين أشجار الزيتون في البراري، يقوم الفلسطينيون بشراء الخبز والمعلبات مثل علب التونة والفطر والمرتديلا المعلبة، ويذهبون إلى أراضيهم البعيدة عن محيط البيوت في بلداتهم والتي غالبا ما تكون مزروعة بأشجار الزيتون، ويعلقون المعلبات وربطات الخبز على جذوع شجر الزيتون. ويعزي الفلسطينيون ذلك إلى أن منفذ العملية المطارد لا يذهب لأي سوبر ماركت ليشتري طعاما خوفا من أن يكشف مكانه بفعل الكاميرات أو العملاء الذين يعملون لصالح الجيش الإسرائيلي، ولا يريدون له أن يظل جائعا. يقول محمد أبو سرية من مخيم جنين: "بعد وقوع إحدى العمليات الكبيرة في مستوطنة دوتان، قالت لي ابنتي سلمى وهي في السابعة من عمرها: معي عشرين شيكل يا بابا خلينا نشتري فيهم معلبات ونحطهم على الزيتون".

ويرى أبو سرية أن خطوات الفلسطينيين في تأمين الغذاء للمطاردين بهذه الطريقة ناجحة بالفعل ويعلل ذلك بـ "ولا كيف في ناس بتتطارد أسبوعين وثلاث وشهر في البراري وما بظهروا على الشارع ولا بنكشفوا، لأنهم بوكلوا من المعلبات والخبز إلي بنحطلهم إياه".

"إحلق عالصلعة"

في الثاني من أكتوبر عام ٢٠٢٢ نفذ شاب أصلع من مخيم شعفاط عملية وقتل فيها مستوطن وجندي إسرائيلي على الحاجز الذي ينصبه الجيش الإسرائيلي بالقرب من المخيم الذي يقع على جدار الفصل العنصري ويقطع التواصل بين شعفاط والقدس التابعة لها أصلا، إلا أن الجيش الإسرائيلي كشف اسم منفذ العملية وشكله عبر تسجيلات الكاميرات وأعلن في بيان وقتها أن "منفذ العملية هو عدي التميمي من مخيم شعفاط وسيقوم جيش الدفاع الإسرائيلي بعمليات التمشيط للبحث عنه".

ظل عدي صاحب الـ ٢٠ عاما مطاردا لم يعرف له أثر لأكثر من أسبوعين، وفي تلك الفترة التي ظل الجيش الإسرائيلي يحاصر المخيم فيها للبحث عن عدي داخله، لاحظ شباب من المخيم أن عدي أصلع، فذهبوا إلى محلات الحلاقة وأزالوا شعرهم كاملا، بحسب ما نشر شباب المخيم على وسائل التواصل في تلك الفترة "تمويه للاحتلال كي لا يعرف من هو عدي الحقيقي".

"يلا نضحك عالخوارزميات"

أهالي الضفة الغربية وقتها فكروا في طريقة يساندون فيها عدي المطارد ومخيم شعفاط المحاصر، فراحوا ينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي اسم عدي بطريقة مبالغ فيها وفي مواضيع شتى مثل "عدي صاحب الدكانة ضربني" أو "عدي روح من أميركا تعالوا سلموا عليه" وكذلك في محادثاتهم الشخصية على واتساب وتطبيقات المراسلة الأخرى صاروا ينادون على بعضهم البعض باسم عدي. وعزى أهالي الضفة ذلك إلى أنهم يحاولون "خربطة الخوارزميات" لأن الجيش الإسرائيلي حسب اعتقادهم بعتاده التكنولوجي يراقب كلمة عدي على الهواتف ويتجسس على رسائل الفلسطينيين كي يكشف مكان المطارد عدي التميمي.

كاميرا خاصة بالإسرائيليين

خلال تلك الفترة كان الإسرائيليون قد كشفوا خطة حذف لتسجيلات الكاميرات، فركبوا هم كاميرات مراقبة تابعة لهم على مفارق الشوارع الرئيسية في الضفة الغربية، وفي ١٩ أكتوبر ٢٠٢٢ وبعد ١٧ يوم ظل فيها عدي مطاردا، قرر عدي أن يرفع الحصار عن أهل مخيمه، وحسب ما قال أبوه لوسائل إعلام محلية وقتها، إن عدي اتصل به وقال له إنه "سيستشهد"، وبعد المكالمة بساعة واحدة كشفت كاميرات المراقبة الإسرائيلية عدي التميمي في محيط مستوطنة معالي أدوميم التي تبعد عن مخيم شعفاط ٤٠ كم يحمل مسدسا ويطلق النار على المستوطنين هناك. وانتشر فيديو عدي المصور بواسطة الكاميرا الإسرائيلية لحظة اطلاقه النار على المستوطنين وإصابة واحد منهم، ولحظة إطلاق الجيش الإسرائيلي النار عليه وقتله.

بعد هذا الحدث عاد الفلسطينيون يصممون بوستات وينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي يدعون فيها لتحطيم كاميرات المراقبة الإسرائيلية التي تنتشر في الشوارع الرئيسية في أنحاء الضفة الغربية.

ومنذ بداية ٢٠٢٣ حطم الفلسطينيون الكاميرات على ٣ مفارق مختلفة في الضفة وهي: مفرق ريتشون عتصيون، مفرق حوارة، ومفرق شعفاط.

ومنذ بداية ٢٠٢٣ قُتل ٢٨ إسرائيلي في عمليات نفذها فلسطينيون مثل إطلاق نار أو دهس أو طعن، فيما قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من ٢١٠ فلسطينيين أغلبهم في غزة وجنين ونابلس حسب وكالة وفا الفلسطينية.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة