أمن‎

الأردن يلاحق مخدرات سوريا من معاملها إلى منافذ تهريبها

نشر

.

Camil Bou Rouphael

يواصل الأردن محاولاته لوقف حملة تهريب المخدرات القادمة من سوريا عبر أراضيه، بكل الوسائل المتاحة، فبعد التوعد بالضرب بيد من حديد، عقدت لجنة مشتركة أردنية – سورية، الأحد، في عمان أوّل اجتماع لها للبحث في مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود بين البلدين على ما أعلنت وزارة الخارجية الأردنية في بيان.

وكانت اللجنة الأردنية - السورية المشتركة للتعاون في مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، شكّلت تنفيذا لما اتفق عليه خلال اجتماع عمان التشاوري الذي استضافه الأردن في الأوّل من مايو الماضي.

ما بحثته اللجنة الأحد هو "التعاون في مواجهة خطر المخدرات ومصادر إنتاجه وتهريبه، والجهات التي تنظّم وتدير وتنفّذ عمليات تهريبها عبر الحدود إلى الأردن" على ما جاء في بيان الوزارة. كذلك، بحثت "الإجراءات اللازمة لمكافحة عمليات التهريب، ومواجهة هذا الخطر المتصاعد على المنطقة برمتها".

الكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت

عملية منظمة

الكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت، لكن تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت المخدّر الأوّل على صعيد التصنيع والتهريب وحتى الاستهلاك في دول المنطقة.

وكان وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، زار سوريا في الثالث من يوليو الحالي وبحث مع الرئيس السوري، بشار الأسد، في ملفّي اللاجئين السوريين ومكافحة تهريب المخدّرات. واتفق الجانبان خلال تلك الزيارة على عقد اجتماع اللجنة الأول في عمّان. وكان اجتماع تشاوري حول سوريا عُقد في عمّان في الأول من مايو بمشاركة وزراء خارجية كلّ من سوريا والأردن والسعودية والعراق ومصر، بحث في موضوع مكافحة تهريب المخدرات، وسُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها.

في 17 فبراير من العام الماضي، أعلن الجيش الأردني أنّ السلطات الأردنية أحبطت خلال نحو 45 يوما مطلع عام 2022 دخول أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون، ما يعادل الكمية التي تمّ ضبطها طوال العام 2021، عبر الحدود الممتدة على نحو 375 كيلومترا. وتؤكد المملكة أنّ 85٪ من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب إلى خارج الأردن، وخصوصا إلى السعودية ودول الخليج.

توعد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في 22 مايو بضرب عصابات المخدرات المحلية والإقليمية التي تهدد أمن المملكة "الوطني والإقليمي بيد من حديد". ويُعدّ جنوب سوريا، وتحديدا محافظتا السويداء ودرعا، معقل طرق تهريب أساسية لحبوب الكبتاغون نحو الأردن.

وينشط الجيش الأردني منذ سنوات في مجال إحباط عمليات تهريب أسلحة ومخدرات آتية من الأراضي السورية، لا سيما بعد أن تحوّلت الى منصة لتهريب المخدرات، وخصوصاً الكبتاغون الذي يُصنّع في سوريا، إلى دول الخليج. وينفّذ الجيش الأردني غارات داخل الأراضي السورية لإحباط عمليات تهريب، وفق فرانس برس التي تلفت إلى أن بعضها يعود بعضها الى العام 2014.

ويقول الأردن إن تهريب المخدرات، عبر الحدود الأردنية السورية الممتدة على مسافة نحو 375 كيلومترا، بمثابة "عملية منظمة" تستعين بطائرات مسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة.

بعض عمليات التهريب المحبطة منذ ٢٠٢٢

خلال نحو 45 يوما مطلع عام 2022 دخل الأردن أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون

القبض على أكثر من ألف شخص

  • أعلنت مديرية الأمن العام في الأردن في بيان، خلال الرابع من يوليو، إلقاء القبض على أكثر من ألف من تجار ومروجي المخدرات وضبط كميات مختلفة من المخدرات في أحدث عملية لها. ونقل البيان عن الناطق الإعلامي باسم المديرية عامر السرطاوي قوله "تم خلال شهر يونيو التعامل مع 593 قضية اتجار وترويج لموادّ مخدرة، ألقي القبض خلالها على 1098 شخصا ما بين تاجر ومروج لمواد مخدرة، منهم أشخاص مصنفون خطرين، جرى إحالتهم جميعا للمدعي العام لمحكمة أمن الدولة".
  • "تمّ خلال تلك القضايا ضبط 124 كيلوغراما حشيش و900 ألف حبة كبتاغون و٨ آلاف حبة مخدرة، و٤ كيلوغرامات كريستال مخدر و37 كيلوغراما من الماريجوانا و24 غرام كوكايين وإثنين كيلوغرام حشيش صناعي و2,4 كيلوغرام بودرة حشيش صناعي ومجموعة من الأسلحة النارية"وفق السرطاوي الذي أكّد أنّ "عمليات مكافحة المخدرات والحملات الأمنية مستمرّة في مناطق المملكة كافة بحزم ومن دون تهاون في ملاحقة وقطع الطريق على كلّ من يحاول التعامل بالموادّ المخدرة تعاطيا أو ترويجا أو اتجارا".

خلال ١٣ يونيو، أعلن الجيش الأردني في بيان، أنّ قوات حرس الحدود أسقطت طائرة مخدرات مسيرة

إسقاط طائرة مسيرة

  • خلال ١٣ يونيو، أعلن الجيش الأردني في بيان، أنّ قوات حرس الحدود أسقطت طائرة مسيرة مقبلة من سوريا حاولت اجتياز الحدود الأردنية وهي محملة بالمخدرات. ونقل البيان عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة قوله إنّ "قوات حرس الحدود وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية العسكرية وإدارة مكافحة المخدرات، رصدت محاولة اجتياز طائرة مسيرة من دون طيار الحدود بطريقة غير مشروعة من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية، وتمّ إسقاطها داخل الأراضي الأردنية".
  • وأضاف أنّ "بعد إسقاط الطائرة تبين أنّها تحمل 500 غرام من مادة الكريستال (المخدرة)"، مشيرا إلى "تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة". وأكد المصدر لفرانس برس أنّ "القوات المسلحة الأردنية ماضية في التعامل بكل قوة وحزم، مع أيّ تهديد على الواجهات الحدودية، وأيّة مساعٍ يراد بها تقويض وزعزعة أمن الوطن وترويع مواطنيه". أعلن الجيش الأردني في 25 فبراير الماضي إسقاط طائرة مسيرة آتية من سوريا وهي تحمل قنابل يدوية وبندقية.

الطائرة التي أسقطت تحمل 500 غرام من مادة الكريستال (المخدرة)

العاهل الأردني يتوعّد

  • أمام هذا الواقع، توعّد الملك الأردني عبدالله الثاني بضرب عصابات المخدرات المحلية والإقليمية التي تهدد أمن المملكة "الوطني والإقليمي بيد من حديد"، وفق ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي. وأكّد الملك عبد الله خلال زيارته إدارة مكافحة المخدرات التابعة لمديرية الأمن العام "تقديم الدعم الكامل للقوات المسلحة الأردنيّة، الجيش العربي ولإدارة مكافحة المخدرات، بما يمكنهما من التصدي لعصابات المخدرات المحلية والإقليمية، والضرب بيد من حديد لكلّ من يهدد أمننا الوطني والإقليمي". وشدّد على أنّ "قوّاتنا المسلّحة وأجهزتنا الأمنيّة أثبتتا دوما كفاءة وقدرة عاليتين في الدفاع عن أمن الأردن، وما زالتا مستمرتين بالتصدي لعصابات المخدرات المحلية والإقليمية".
  • وجّه الملك عبد الله بـ"صياغة استراتيجية وطنية وقائية شاملة تشترك بها الجهات ذات العلاقة كافة، تهدف لنشر ثقافة مجتمعية وتوعوية من المخدرات تساهم في إشراك المجتمع بمكافحتها وتلافي آثارها المدمّرة على المجتمع والفرد". ويأتي الموقف الأردني على وقع انفتاح عربي متسارع نحو دمشق بعد 12 عاما من نزاع مدمر.

توعّد الملك الأردني عبدالله الثاني بضرب عصابات المخدرات المحلية والإقليمية

المُهرّب البارز يُقتل بغارة

  • قُتل في الثامن من مايو مهرّب المخدرات البارز مرعي الرمثان مع زوجته وأطفالهما الستة جرّاء غارة جوية استهدفت منزلهم في جنوب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار الى أنّ الأردن نفّذ العملية، فيما لم تؤكد عمان أو تنف تنفيذ الضربة.
  • وقال حينها ناشط في محافظة السويداء متابع لملف تهريب المخدرات لفرانس برس من دون الكشف عن هويته، "لم يكن بإمكان أحد تهريب أي شيء عبر الحدود من السويداء من دون علم الرمثان". وأضاف حينها: "نتوقع أن نرى انعكاسا ملحوظا للضربة على عمليات التهريب"، مشيرا إلى تقارير عن مغادرة مهربي مخدرات آخرين منازلهم على إثرها.

قُتل في الثامن من مايو مهرّب المخدرات البارز مرعي الرمثان

عملية وأكثر من ٣ ملايين حبة كبتاغون

  • في ١١ ديسمبر ٢٠٢٢، أعلن الجيش الأردني أنّ قوات حرس الحدود أحبطت عملية تهريب مخدرات من الأراضي السورية وضبطت أكثر من ٣ ملايين حبة كبتاغون و8773 كف حشيش. ونقل البيان عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة قوله إنّ "قوات حرس الحدود رصدت من خلال المراقبات محاولة مجموعة من المهربين اجتياز الحدود بطريقة غير مشروعة من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية، وجرى تحريك دوريات ردّ الفعل السريع وتطبيق قواعد الاشتباك بالرماية المباشرة عليهم، مما أدّى إلى إصابة عدد منهم وفرار الآخرين إلى داخل العمق السوري". وأضاف أنّه "بعد تكثيف عمليات البحث والتفتيش للمنطقة جرى العثور على 8773 كف حشيش و٣ ملايين و141 ألف حبة كبتاغون، بالإضافة إلى 376 طلقة كلاشنكوف"، مشيرا إلى "تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة".

196 كف حشيش و610 ألف حبة كبتاغون

  • في ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٢، أعلن الجيش الأردني، أنّ قوات حرس الحدود أحبطت فجرا عملية تهريب مخدرات من الأراضي السورية وصادرت كميات من المخدرات. ونقل البيان عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة قوله إنّ "المنطقة العسكرية الشرقية أحبطت، ضمن منطقة مسؤوليتها، محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من الموادّ المخدرة آتية من الأراضي السورية". وأضاف أنّ "قوات حرس الحدود رصدت من خلال المراقبات الأمامية محاولة مجموعة من المهربين اجتياز الحدود بطريقة غير مشروعة من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية، وتمّ تحريك دوريات ردّ الفعل السريع وتطبيق قواعد الاشتباك بالرماية المباشرة عليهم، مما أدى إلى فرارهم إلى داخل العمق السوري". وأوضح المصدر أنّه "بعد تكثيف عمليات البحث والتفتيش للمنطقة تم العثور على 196 كف حشيش و610 ألف حبة كبتاغون، وتمّ تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة للتعامل معها".

تجارة الكبتاغون تفوق قيمتها ١٠ مليارات دولار

أكثر من 6 ملايين حبة كبتاغون

  • خلال ٢٧ أغسطس ٢٠٢٢، أعلن الجيش الأردني في بيان، أنّ قواته أحبطت عملية تهريب مخدرات من الأراضي السورية وصادرت أكثر من ٦ ملايين حبة كبتاغون و578 كف حشيش.
  • ونقل البيان عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة قوله إنّ "المنطقة العسكرية الشمالية، أحبطت فجرا، على إحدى واجهاتها محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من الموادّ المخدرة مقبلة من الأراضي السورية باتجاه الأراضي الأردنية". وأضاف: "جرى تطبيق قواعد الاشتباك مع المهربين، مما أدّى إلى إصابة أحدهم وفرارهم باتجاه الأراضي السورية وضبط المركبة المحملة بكميات كبيرة من الموادّ المخدرة".
  • وأوضح المصدر أنّ المركبة كان تحوي على "578 كف حشيش وستة ملايين و447 ألف حبة كبتاغون، وألف و876 حبة كبسول مخدرة نوع لاريكا، وعدد من الأجهزة والمعدّات المستخدمة لغايات التهريب"، مشيرا إلى "تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة".

٨٠٪ من التجارة مركزها سوريا

قتل ٤ مهربين

  • في ٢٢ مايو ٢٠٢٢، أعلن الجيش الأردني أنّه قتل ٤ مهربين وأصاب آخرين لدى محاولتهم اجتياز الحدود من سوريا إلى المملكة وبحوزتهم كميات كبيرة من المخدرات. ونقل البيان عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة قوله إنّ "المراقبات الأمامية لقوات حرس الحدود وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وإدارة مكافحة المخدرات، رصدت مجموعة من الأشخاص قادمين من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية، حاولوا اجتياز الحدود بطريقة غير مشروعة بإسناد من مجموعات مسلحة، حيث قامت آليات ردّ الفعل السريع بالتعامل مع هذه المجموعات من خلال تطبيق قواعد الاشتباك".
  • "العملية التي وقعت فجرا، أسفرت عن مقتل 4 مهربين وإصابة عدد منهم وفرار الآخرين إلى داخل العمق السوري"، حسب الجيش الذي أضاف أنه "بعد تكثيف عمليات البحث والتفتيش للمنطقة تم العثور على 637 ألف حبة كبتاغون و181 كف حشيش و39 ألفا و600 حبة ترامادول وسلاح كلاشنكوف، وتم تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة". وأكّد المصدر أنّ "القوات المسلحة، أحبطت ومنذ بدء العام الجاري العديد من عمليات التسلل والتهريب بكافة أشكاله".
  • وشدّد الأردن الذي يستضيف نحو 1,6 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة في سوريا في مارس 2011، خلال السنوات القليلة الماضية الإجراءات عند حدوده مع سوريا التي تمتد لأكثر من 300 كيلومتر وأوقف وسجن عشرات المقاتلين، وعدد كبير منهم من المتطرفين، لمحاولتهم التسلل إلى الأراضي السورية للقتال هناك، وفق فرانس برس.

في ٢٢ مايو ٢٠٢٢، أعلن الجيش الأردني أنّه قتل ٤ مهربين

اعرف أكثر

حبوب الكبتاغون من سوريا

خلال سنوات من حرب مدمرة، تغيّرت خارطة سوريا، فرُسمت خطوط جديدة ومعابر داخلية تفصل بين المناطق، لكن شيئا واحدا بدا وكأنه عابر للتقسيم ولخطوط التماس فتحوّل إلى تجارة مربحة تفوق قيمتها ١٠ مليارات دولار: الكبتاغون. ووفق فرانس برس أن المسألة أكثر تعقيدا من كون الكبتاغون مجرّد حبوب سحرية ارتبط اسمها بتنظيم داعش، فهذا المخدر يدرّ مدخولا هالا على أطراف متنوعة في بلد أنهكت الحرب اقتصادها.

من شمال سوريا إلى جنوبها مرورا بباديتها وسواحلها، وبغض النظر عن القوى المسيطرة عليها، سواء أكانت قوات موالية للنظام كان أم معارضة له، تتخطّى حبوب الكبتاغون الانقسامات، لتحوّل سوريا الغارقة في نزاع دام منذ 2011، إلى دولة مخدرات. وتشمل دورة إنتاج وتهريب هذه الحبوب المخدرة لبنان المجاور الذي ينوء أيضا تحت ثقل انهيار اقتصادي. وتُعد حبوب الكبتاغون أبرز الصادرات السورية، وتفوق قيمتها كل قيمة صادرات البلاد القانوني، حسب تقديرات فرانس برس.

وباتت سوريا مركزا أساسيا لشبكة تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا وصولا إلى دول الخليج مرورا بدول أفريقية وأوروبية، وأجرت وكالة فرانس برس مقابلات مع أكثر من 30 شخصا من مهربين ومسؤولين أمنيين حاليين وسابقين في سوريا ودول أخرى، فضلا عن ناشطين ومسؤولين محليين على دراية بصناعة الكبتاغون، وطلب معظمهم عدم الكشف عن أسمائهم. وتتداخل علاقات تجارية وعشائرية وقبلية ومصالح بين خطوط تهريب وتجارة الكبتاغون.

باتت سوريا مركزا أساسيا لشبكة مخدرات تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا

"رأسمالها خفيف وأرباحها كبيرة"

في منطقة نائية في البقاع اللبناني، يقول شخص لديه علاقات مع عدد من التجار مكنته من الاطلاع والتوسّط في صفقات كبيرة، عن تجارة الكبتاغون، لفرانس برس "رأسمالها خفيف وأرباحها كبيرة". ويتقاسم ٤ أو ٥ تجار كبار، وفق هذا الوسيط، شحنة واحدة ميزانيتها ١٠ ملايين دولار تغطّي الموادّ الأولية وطرق التهريب التي تُعرف بـ"السكة"، و"الرشاوى"، وتعود بربح قدره 180 مليون دولار. ويوضح: "إذا خسروا أوّل ١٠ ملايين، وثاني عشرة ملايين، وحتى ثالث عشرة، بمجرّد أن تنجح شحنة واحدة في المرور، يكون التاجر رابحا". ويتمّ إجمالا تهريب الكبتاغون في أكياس بلاستيكية صغيرة، ويطلق على كل كيس من مئتي حبة عبارة "الشدّ"، ويوضع أحياناً خمسة من أكياس "الشد" في كيس أكبر.

في العام 2021، ووفق بيانات رسمية، صادرت القوى الأمنية في دول عدة أكثر من 400 مليون حبة كبتاغون. وبحسب ما أظهرت مضبوطات من العام 2022، يبدو أن "صادرات" الكبتاغون ستفوق تلك التي تمّت في العام السابق. لكن هذا ليس سوى رقم بسيط جدّا مقارنة مع ما لم يُضبط.

ويقول مسؤولون أمنيون إنّه، مقابل كل شحنة يتمّ ضبطها، تصل ٩ شحنات أخرى إلى وجهتها. ويترواح سعر حبة الكبتاغون بين دولار و25 دولارا. وإذا احتُسب سعر الحبة بـ٥ دولارات، ووصلت ٤ من أصل ٥ شحنات إلى وجهتها، تتخطّى قيمة تجارة الكبتاغون السنوية ١٠ مليارات دولار. ويّعد ذلك أقلّ تقدير لتلك التجارة الضخمة.

مقابل كل شحنة يتمّ ضبطها، تصل ٩ شحنات أخرى إلى وجهتها

سوريا مركز ٨٠٪ من التجارة

وبما أن ٨٠٪ من تلك التجارة مركزها سوريا، وفق مسؤولين أمنيين تحدثوا لفرانس برس، يكون الكبتاغون أبرز صادرات تلك الدولة، ويعود عليها بأرباح تفوق حجم ميزانيتها بـ٣ أضعاف. "ويستفيد نظام الرئيس بشار الأسد ودائرون في فلكه وشبكة تجار الحرب بشكل هائل من تجارة الكبتاغون"، وفق وصف وكالة الأنباء الفرنسية.

ويقول مستشار سابق للحكومة السورية لوكالة فرانس برس من خارج سوريا "لا توجد محرّمات في الحروب، والبلاد كانت ولا تزال في حاجة ماسة للنقد الأجنبي من أجل رفد اقتصاد الدولة". ويضيف: "استطاعت صناعة الكبتاغون أن ترفد الخزينة ولو بجزء من العملة الأجنبية من خلال اقتصاد ظلّ متكامل يبدأ من استيراد المواد الأولية، وصولا للتصنيع وأخيرا التصدير".

وتتورّط أجهزة أمنية وعسكرية سورية عدّة في تلك التجارة، قد تكون أبرزها الفرقة الرابعة التي تتبع ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، وفق ما أفادت مصادر عدّة بينها أمنيون سابقون في سوريا ومهربون وخبراء، وفق فرانس برس. وتقول كارولين روز من معهد نيولاينز الذي نشر تحقيقا حول صناعة الكبتاغون، "لعبت الفرقة دورا أساسيا في حماية وتسهيل وتهريب الكبتاغون في حمص واللاذقية، وفي نقل الشحنات إلى مرفأي طرطوس واللاذقية".

ويقول ناشط معارض متابع لعمليات التهريب "يحصل مصنعو الكبتاغون أحيانا على الموادّ الأولية من الفرقة الرابعة، وتكون موضوعة أحيانا في أكياس عسكرية". ويشير باحثون في الموضوع إلى أنّ لحزب الله اللبناني دورا مهما في حماية صناعة الكبتاغون، وخصوصا في المنطقة الحدودية. ويتّهمه سكان في جنوب سوريا بالوقوف خلف انتشارها في مناطقهم. وينفي الحزب أي علاقة له بهذه الصناعة. وتُعد الفرقة الرابعة أبرز الفرق العسكرية المنتشرة في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، وتتمتع بنفوذ كبير في مرفأ اللاذقية في غرب البلاد. وحسب فرانس برس، لطالما شكّلت الحدود اللبنانية السورية مسارا لتهريب البضائع على أنواعها. ولم تعد تقتصر عمليات تهريب الكبتاغون على الحدود الشرقية للبنان خصوصا بعد حملة أمنية طالت التجار، فتحوّل كثر إلى الحدود الشمالية.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة