أمن
٨٦ دولة حول العالم يعتمد سكانها على المساعدات الغذائية والنقدية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، ولكن هذا البرنامج لن يستطيع في الفترة المقبلة إلا مساعدة سكان ٤٨ دولة بعد أن اضطر إلى وقف حصص ٣٨ دولة من هذه القائمة ما بين أفغانستان وسوريا واليمن والغرب الأفريقي.
جاء ذلك في ضوء إعلان البرنامج عن تخفيض المساعدات المقدمة لتلك الدول أو إدراجها في مخططات لقطع المساعدات قريبا، والسر في ضعف التمويل.
ففي مؤتمر صحفي لنائب التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، كارل سكاو، كشف البرنامج عن ملامح أزمة تمويلية كبيرة أدت إلى عجز الوكالة عن تلبية احتياجاتها واحتياجات المستفيدين من خدماتها، فيما تتزايد على الجهة الأخرى معدلات الجوع الحاد دون سبيل إلى انفراجة قريبة.
اضطر برنامج الأغذية العالمي لخفض مساعداته في ٣٨ دولة على الأقل. (المصدر: وكالة فرانس برس)
كانت الأزمة قد بدأت تشتد من قبل، ما تسبب في خفض الحصص الغذائية للمجتمعات المستفيدة سابقا، في أفغانستان على سبيل المثال، فأصبح نصيب المستفيدين من الطعام ٥٠٪ فقط بعد أن كان ٧٥٪ وفقا للنائب التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، تلك المجتمعات التي عرضتها الأزمة لخطر الحصول على طعام أقل وحياة أقل استقرارا، تصنف كمجتمعات تواجه بالفعل مستويات طارئة من الجو.
بحلول بدايات موسم الصيف على أفغانستان شرقا، ازداد الوضع في التدهور، إذ اضطر البرنامج لقطع الطعام عن ٨ مليون مستفيد في البلاد مايو الماضي، ليصبح عدد المستفيدين فقط ٥ مليون شخص.
دول عربية، لم تكن أفضل حظا، ففي يوليو الجاري فقد حوالي ٢.٥ مليون سوري على ما كان مقدر لهم سابقا من دعم وغذاء بعد أن كان البرنامج قد حاول التأقلم بشكل سابق بخفض الحصص الغذائية إلى نحو ٥٠٪ فقط، بيد أن تحديد الوجبات لم يعد الوسيلة الوحيدة للسيطرة على الأزمة.
في اليمن أيضا يبدو أن الفجوة التمويلية من شأنها أن تخلق المزيد من المعاناة، إذ من المتوقع أن يلجأ البرنامج إلى قطع المساعدات في أغسطس عن ملايين من المستفيدين، بالتحديد ٧ مليون شخص، بينما عمد البرنامج في فلسطين إلى خفض المساعدات النقدية بنسبة ٢٠٪ خلال شهري مايو ويونيو.
ذلك بالإضافة إلى غرب إفريقيا الذي يشهد تزايد في معدلات الجوع الحاد وتواجه معظم بلدانه تخفيضات كبيرة في الحصص الغذاء، ولا سيما أكبر سبع عمليات يقوم بها برنامج الأغذية العالمي؛ بوركينا فاسو ومالي وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى ونيجيريا والنيجر والكاميرون.
قطع المساعدات بالنسبة لصناع القرار ليس باليسير، إذ أنه يتطلب وفقا لسكاو عقد مفاضلات غير محمودة بين الفئات المحتاجة وتلك الأكثر احتياجا، إذ يحدد أن البرنامج يبدأ بقطع المساعدات عن الأشخاص في مستوى الجوع بغية إنقاذ هؤلاء الذين يتضورون جوعا، أو بكلمات أدق وصلوا مرحلة الجوع الكارثي، إلا أن سكاو أضاف: "من الواضح أن تخفيض الحصص الغذائية ليس هو السبيل للمضي قدما".
قبل الوصول لتلك النقطة القاتمة، ساهمت عناصر عدة وتقلبات عالمية في تدهور الأوضاع وارتفاع الاحتياجات الإنسانية خاصة في الفترة بين عامي ٢٠٢١ و ٢٠٢٢، ما بين تفشي الجائحة واشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، غير أن تلك الاحتياجات الإنسانية مستمرة في التصاعد والزيادة في حين ينضب التمويل بدوره.
بحسابات مادية صرفة يحتاج برنامج الأغذية العاملي لميزانية تشغيلية تصل حوالي ٢٠ مليار دولار أميركي، عبر تلك المبالغ يستهدف البرنامج توصيل المساعدات لكل المحتاجين، إلا أن المستهدف يتغير بتغير الأوضاع العالمية، حتى أنه بات اليوم يتراوح ما بين ١٠ و ١٤ مليار دولار، أي المبلغ المتوسط التي حصل عليه البرنامج خلال الأعوام القلائل الماضية.
٣٤٥ مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد
لهذا العالم، جاء معدل المنح ليفرض واقعا جديدا، إذ وصل حوالي ٥ مليارات من الدولارات فقط، فيما ما يزال ٣٤٥ مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بينما يتعرض مئات الملايين من الناس لخطر تفاقم الجوع، فيما اعتبره سكاو استمرار لأكبر أزمة غذاء في التاريخ.
٣٤٥ مليون شخص في العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. (المصدر: وكالة رويترز)
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة