أمن
.
اعتاد الشرطي الفرنسي أوليفييه* اصطياد السائقين المتهورين في شوارع مقاطعة شامبانيا الفرنسية، لكنّ شغفه بهذه المهنة تراجع منذ الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في فرنسا ضد قوات الأمن، وبات اليوم يجوب الشوارع "بلا هدف" أو يجلس بمصلحة الشرطة في انتظار مهمة طوارئ.
حال أوليفييه، الذي يبلغ من العمر 44 عاما، هو حال آلاف رجال الشرطة بالبلاد، الذين سئموا العمل في حفظ الأمن، وبات العديد منهم يتغيبون عن العمل لـ"أسباب صحية"، أو يقومون بالحد الأدنى من مسؤوليات العمل وذلك احتجاجا على قرار محكمة فرنسية سجن شرطي بمدينة مارسيليا اتُهِم، هو وثلاثة من زملائه، بالاعتداء على شاب من أصول مهاجرة في الأول من شهر يوليو الماضي.
يلجأ رجال الأمن إلى هذه الأساليب للالتفاف على قانون يمنعهم من التظاهر في الأماكن العامة حسب الموقع الرسمي للحكومة الفرنسية. ويخوّل القانون رقم 562 حق العزوف عن تأدية مهامهم اليومية كوسيلة بديلة، بحسب تصريح سكرتير نقابة الشرطة جون-كريستوف كوفي لموقع فرانس انفو.
يقول أوليفييه لصحيفة تيليغراف البريطانية إن اعتقال زميله الشرطي أشعر باقي العناصر بغياب حمايتهم، "بالنسبة للشرطة، لا يوجد افتراض بالبراءة أبدا، لأنك مذنب على الفور".
في غضون ذلك، قالت غزلان مارتي، وهي عضو في نقابة الشرطة الفرنسية، لموقع ميدي ليبر إنها "تشعر بالضيق جراء ما يحدث لزملائها في العمل"، وتشير إلى أنها لم تواجه مثل هذا الشعور في مهنتها منذ أن انضمت إلى الشرطة في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
المتحدث باسم نقابة الشرط في إقليم الألب البحرية اتهم "فئة من القضاة" والسياسيين اليساريين بمناهضة الشرطة، والانحياز إلى الضحايا.
الشرطة الفرنسية تتهم انحياز القضاء للمتهمين (المصدر أ. ب)
يستشهد بعض أفراد الشرطة بحادث وقع في مدينة نيس مطلع يونيو كدليل على انحياز القضاء، لمَن تصفهم الشرطة بـ"المجرمين"، على حساب الشرطة.
في تلك الحادثة، حاول رجل يقود سيارة مسروقة دهس ثلاثة من ضباط الشرطة، مما أدى إلى إصابة أحدهم. في البداية، اعتقدت الشرطة أنها كانت قضية واضحة تتعلق بمحاولة قتل، لكن المحكمة اعتبرتها مجرد حادث "عنف" و"مقاومة اعتقال". وردا على ذلك، تجمع حوالي 100 ضابط أمام مركز الشرطة المركزي في نيس للتعبير عن استيائهم من القرار.
كان حادث نيس مقدمة الاستياء العارم الذي تملك رجال الأمن في فرنسا، لكن حادث مارسيليا، الذي اعتقل فيه 4 رجال أمن، أفرج لاحقاً على 3 منهم، كان بمثابة القشة الأخيرة.
موقع راينبفالز الألماني يصف احتجاج رجال الأمن بأنه "الأزمة القادمة التي تهدد حكومة الفرنسية"، وذلك بعد الاحتجاجات العنيفة على إثر مقتل القاصر الفرنسي من أصول جزائرية نائل، واحتجاجات أصحاب الستر الصفراء.
في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان، صرح المدير العام للشرطة الوطنية فريديريك فو، أن "وجود الشرطي في السجن يحرمه من النوم" مؤكدا أنه "لا مكان لضابط الشرطة في السجن قبل أية محاكمة".
بدوره، يقول وزير الداخلية الفرنسي إن "لا أحد فوق القانون" مطالبا باحترام استقلالية العدالة.
يروي فالنتين غندروت، صحفي استقصائي أمضى شهوراً في العمل متخفيا كضابط في باريس، لصحيفة الغارديان "رأيت ضباط شرطة ينفذون العدالة بأنفسهم. رأيت ضباط شرطة يرتكبون أعمال عنف ويضربون الناس لأنهم شعروا أن نظام العدالة لم يتصرف بالسرعة الكافية، وأنه كان متساهلاً للغاية. لذلك أقاموا العدل بأنفسهم".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة