أمن‎

طائرات "الإنفلونسرز" الأوكرانية تضرب موسكو

نشر

.

Camil Bou Rouphael

المسؤولون في أوكرانيا نادرا ما يناقشون علنا الهجمات على أهداف داخل روسيا، بما في ذلك موسكو، لكن أدلة نيويورك تايمز تُظهر بذل جهود متزايدة لشنّ ضربات بعيدة المدى داخل روسيا.

في هذا السياق برزت حادثة مهاجمة طائرة مسيّرة لبرج تجاري في مركز الأعمال بوسط موسكو، الأول من أغسطس، كان قد تعرض لهجوم سابق خلال عطلة نهاية الأسبوع، في حين أُسقطت طائرة مسيّرة واحدة على الأقل، وفق ما أفاد رئيس بلدية المدينة.

الولايات المتحدة تنفي "بشكل رسمي" تشجيعها شنّ هجمات داخل روسيا، إلا أن الطائرات المسيرة تتوالى على موسكو. ورغم عدم وقوع أضرار جسيمة أو خسائر في الأرواح خلال تلك الهجمات، لكن مسؤولا أوكرانيا كبيرا قال الأسبوع الماضي إنّ الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من هذه الهجمات، وفق رويترز.

فكيف جهزت كييف نفسها بهذه الأنواع من المسيرات التي يمكنها الوصول إلى الداخل الروسي واستهداف موسكو في حال كانت الولايات المتحدة الأميركية لا تُشجّع هذا الأمر ولا تدعمه؟ وأيّ أدلّة تورّط أوكرانيا تحدثت عنها نيويورك تايمز في تقريرها؟

البرج الموسكوفي الذي يتعرض لهجمات متعددة من الدرونز الأوكرانية. أ ف ب

مسيرات يطيّرها "انفلونسرز"

وجد تحليل نيويورك تايمز، استنادا إلى لقطات طيران وصور لنماذج أولية وحطام على الأرض، بالإضافة إلى مقابلات مع خبراء ومسؤولين، أن أوكرانيا تتسابق لتوسيع نطاق أسطولها المحلي من الطائرات من دون طيار، والهجوم بشكل متكرر في روسيا.

فاستخدمت ما لا يقل عن ٣ طائرات مسيرة أوكرانية مختلفة في هجمات داخل روسيا، بما في ذلك موسكو، مما يشير، حسب قول الصحيفة الأميركية، إلى الدور الأوكراني في الضربات التي لطالما ظلّ الغموض يكتنفها في كييف.

رفض المسؤولون الأوكرانيون إعلان أو نفي المسؤولية عن ضربات الطائرات من دون طيار على الأراضي الروسية. لكن نماذج الطائرات من دون طيار الثلاث، التي يبدو أنها قادرة على الطيران لمئات الأميال من أوكرانيا إلى موسكو، استخدمت في ضربات في روسيا.

الجيش الروسي صدّ ليلا هجوما شنته ٣ مسيّرات بحرية أوكرانية على سفن دورية تابعة لها في البحر الأسود. مصدر الصورة: أ ب

في أواخر ديسمبر، تلقى المؤثر الأوكراني، إيهور لاتشينكوف، مكالمة هاتفية غير متوقعة من مسؤولين في جهاز المخابرات العسكرية الأوكراني، وقال في مقابلة إنهم طلبوا منه المساعدة في تمويل إنتاج "طائرة من دون طيار يمكنها الطيران لمسافات بعيدة".

تمكن لاتشينكوف من خلال متابعيه على تلغرام من جمع نحو نصف مليون دولار، للمساعدة في بناء ما أسماه "طائرة انتحارية أوكرانية من دون طيار". وقال إن "المبلغ ليس صغيرا لكن النتيجة ستكون قوية".

بعد أسبوع واحد من هجوم بطائرة من دون طيار في 3 مايو على الكرملين، شكر لاتشينكوف متابعيه على تحقيق هدفهم في جمع الأموال. وأرفق ثلاث صور لنفسه بجانب طائرة من دون طيار لم تكن مرئية من قبل، والتي أطلق عليها اسم بوبر.

ويذكر أن العديد من التقارير تحدّثت عن استقطاب أوكرانيا للمشاهير والمؤثرين المحليين والعالميين لرصد الدعم والتسويق لقضيتها.

٣ أنواع من الطائرات

استخدمت الطائرات من دون طيار الثلاث التي حددتها صحيفة نيويورك تايمز، Bober وUJ-22 Airborne وطراز ثالث باسم غير محدد، لضرب أهداف في روسيا، بما في ذلك موسكو، وتزايدت الهجمات. كان عدد طائرات كاميكازي من دون طيار التي تم إطلاقها إلى روسيا بين مايو ويوليو ضعف العدد الإجمالي لعام 2022 بأكمله.

في موسكو وحدها، كانت هناك ٦ ضربات منذ هجوم 3 مايو على الكرملين، بما في ذلك الأحد، في الحي المالي بالمدينة. تم ربط الطائرات من دون طيار التي حددتها الصحيفة بثلاث هجمات، في 30 مايو، و24 يوليو، و30 يوليو، وربما لعبت دورا في الهجمات الأخرى أيضا.

استهدفت الطائرات الأوكرانية في العديد من الهجمات المباني في العاصمة. رغم أنّ هدف كييف في المناطق الحضرية، حتى الآن، يبدو بث الخوف أكثر من التسبب في إراقة الدماء أو التدمير واسع النطاق.

استخدمت ما لا يقل عن ٣ طائرات مسيرة أوكرانية مختلفة في هجمات داخل روسيا. مصدر الصورة: أ ب

تأتي جهود أوكرانيا لبناء طائرات انتحارية من دون طيار تطير لمسافات طويلة، في وقت تطلق روسيا أسرابا من الطائرات من دون طيار الإيرانية الصنع على العاصمة الأوكرانية ومدن أخرى.

تعتمد صناعة الدفاع في أوكرانيا جزئيا على التمويل الخاص والتبرعات، بما في ذلك من أمثال لاتشينكوف، لتطوير النماذج الأولية وتوسيع نطاق الإنتاج. تعمل الحكومة الأوكرانية أيضا على خلق حوافز للصناعة من خلال منح الشركات الخاصة هامش ربح أكبر من الطائرات من دون طيار التي تنتجها.

تطير للخلف؟

بالنسبة للعين المجردة، يبدو أن الطائرة من دون طيار، التي تعرف بهيكل الطائرة "الدافع"، تحلق للخلف نتيجة لخاصيتين: جناح صغير ثان، عند أنف الطائرة من دون طيار، ومروحة دافعة في الخلف بدلا من الأمام.

يقول صامويل بينديت، الخبير في الأنظمة العسكرية المستقلة في برنامج الدراسات الروسية التابع لمركز التحليلات البحرية، وهي منظمة بحثية مقرها فرجينيا الأميركية، إن نوع التصميم الذي تستخدمه أوكرانيا يمكن أن يوفر فوائد معينة للهجمات طويلة المدى، موضحا أن المروحة أو المحرك في الخلف لا يعيقان الرؤية وأجهزة الاستشعار.

في موسكو وحدها، كانت هناك ٦ ضربات منذ هجوم 3 مايو على الكرملين. مصدر الصورة: أ ب

في 25 يوليو، تم الإعلان أن أوكرانيا تخطط لزيادة استثماراتها في تكنولوجيا الطائرات من دون طيار ١٠ أضعاف، من حوالي 108 ملايين دولار في العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار هذا العام.

على عكس Bober، هناك بعض المعلومات العامة حول هذه الطائرة من دون طيار. فهي يمكنها الطيران لمدة ٦ ساعات على مدى 500 ميل، مما يجعلها قادرة على تغطية المسافة من المناطق الحدودية لأوكرانيا إلى موسكو.

لا يوجد عرض رسمي علني أو ذكر للطائرة الثالثة من دون طيار التي تعقبتها الصحيفة، ولكن شوهد حطامها في ٤ مواقع هجوم داخل روسيا، بما في ذلك بالقرب من موسكو.

تعتمد صناعة الدفاع في أوكرانيا جزئيا على التمويل الخاص والتبرعات. مصدر الصورة: أ ب

اعرف أكثر عن..

قافلة الطائرات نحو موسكو

كتب رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين على تطبيق تلغرام "جرى إسقاط طائرات مسيّرة عدة بواسطة أنظمة الدفاع الجوي خلال محاولتها التحليق فوق موسكو. إحدى هذه الطائرات اصطدمت بالبرج نفسه في حي موسكو سيتي كما حدث في المرة الأخيرة. واجهة المبنى في الطابق 21 تضررت".

وأضاف: "لا توجد معلومات عن سقوط ضحايا"، مشيرا إلى أنّ خدمات الطوارئ كانت في موقع الهجوم. وذكرت روسيا الأحد أنها أسقطت طائرات مسيّرة أوكرانية استهدفت العاصمة في هجوم أدى إلى تضرر برجين تجاريين في حي الأعمال موسكو-سيتي وسط مدينة موسكو.

ويعد وقت قصير على الهجوم، أفادت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس" عن إغلاق مطار فنوكوفو الدولي في موسكو لفترة وجيزة في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء. ونقلت تاس عن خدمات الطوارئ: "تم إغلاق مطار فنوكوفو لفترة مؤقتة أمام المسافرين الوافدين والمغادرين وتحويل الطائرات إلى مطارات أخرى"، قبل أن تورد لاحقا أن المطار استأنف عمله بشكل طبيعي.

نادرا ما كانت موسكو الواقعة على بعد 500 كيلومتر من الحدود الأوكرانية مستهدفة منذ بدء النزاع في أوكرانيا، إلى أن وقعت هجمات عدة بطائرات مسيّرة هذا العام.

استُهدفت موسكو وشبه جزيرة القرم بهجمات مسيّرات عدة خلال الأيام الأخيرة. مصدر الصورة: أ ب

مسيّرات بحرية أيضا؟

أكّد الجيش الروسي، الثلاثاء، أنّه صدّ ليلا هجوما شنته ٣ مسيّرات بحرية أوكرانية على سفن دورية تابعة لها في البحر الأسود، في خضم توتر متنام بين كييف وموسكو منذ انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب منتصف يوليو. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: "خلال الليل، حاولت القوات المسلحة الأوكرانية من دون نجاح بواسطة ثلاث مسيّرات بحرية مهاجمة سفينتَي الدورية في أسطول البحر الأسود الروسي، سيرغي كوتوف وفاسيلي بيكوف".

أضافت الوزارة: "دمرت مسيّرات العدو البحرية الثلاث" بنيران أطلقتها الزوارق الروسية، موضحة أن سفن الدورية هوجمت على بعد 340 كيلومترا جنوب غرب مرفأ سيفاستوبول مقرّ أسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.

والمسيّرات البحرية مراكب تعمل على سطح المياه من دون طاقم ويتم التحكم بها من بعد. وتتهم موسكو بانتظام الجيش الأوكراني باستخدام هذه المسيّرات فضلا عن طائرات جوية من دون طيار، لمهاجمة أهداف في البحر الأسود. وأكّد الجيش الروسي الأسبوع الماضي أنه صدّ هجوما بمسيّرتين بحريتين أوكرانيتين استهدفتا سفينة "سيرغي كوتوف" في البحر الأسود.

أسلحة الغرب في أوكرانيا

  • أعلنت الولايات المتحدة، نهاية يوليو، عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار. وتشمل المساعدات ذخائر لأنظمة دفاع جوي من طراز باتريوت وقاذفات صواريخ هيمارس، بالإضافة إلى قذائف مدفعية ومدرعات ومعدات أخرى من مخزون الجيش الأميركي، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع. وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أكد في بيان منفصل أنها مخصصة لمساعدة "الأوكرانيين على استعادة الأراضي" التي احتلتها القوات الروسية، منددا بالضربات الروسية التي استهدفت ميناء أوديسا الاستراتيجي.
  • بعد انسحابها في منتصف يوليو من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، بدأت روسيا بقصف مناطق الموانئ في منطقة أوديسا. يأتي هذا الإعلان في خضم هجوم مضاد للجيش الأوكراني يهدف إلى صد القوات الروسية في شرق وجنوب البلاد. وورد في تقرير سابق لفرانس برس، أنه رغم المساعدات العسكرية التي قدمها الغرب بالمليارات، لم يتمكن الجيش الأوكراني من استعادة سوى بضع مئات من الكيلومترات المربعة منذ بداية هجومه مع تحريره نحو ١٠ بلدات.
  • لا يتوقف الأمر عند المساعدات المالية من الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية والغربية، إلا أن الأمر يمتد أيضا إلى المساعدات العسكرية، ويذكر أن الولايات المتحدة أعلنت بداية يوليو عن قرارها تزويد أوكرانيا قنابل عنقودية للمرة الأولى منذ بدء الغزو الروسي لأراضيها، في خطوة لقيت انتقاد منظمات دولية.
  • أتى القرار الذي أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن اتخاذه كان "صعبا للغاية" في وقت تعاني قوات كييف للتقدم ميدانيا في هجوم مضاد أطلقته قبل شهر لاستعادة أراضٍ تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها. وقال بايدن إن اتخاذ هذا القرار كان "صعبا للغاية من قبلي. وبالمناسبة، لقد بحثت فيه مع حلفائنا"، وذلك في مقابلة مع شبكة "سي أن أن".
  • وحذّر من أن "ذخيرة الأوكرانيين تنفد"، متابعا "هذه حرب ذخائر. هم تنقصهم تلك الذخيرة ونحن تنفد لدينا". وشدد على أن "الأمر الأساس هو إما أن يمتلكوا هذه الأسلحة لوقف الروس الآن ومنعهم من وقف الهجوم الأوكراني المضاد، أو لا يمتلكونها. وأعتقد أنهم في حاجة إليها". وستندرج الذخائر العنقودية ضمن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار، ما يرفع إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن الى كييف منذ بدء الغزو الروسي الى أكثر من 41 مليار دولار.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة