أمن‎

"الجهاد" تنتظر وقوع غزة في حجرها

نشر

.

Qassam Sbeih

من شباك غرفتها التي في الطابق الثالث بأحد أحياء خان يونس، رأت ميسون*، ٢٨ عاما، يوم الأحد ٣٠ يوليو مظاهرات وصفتها بـ "الكبيرة" خرجت تندد بمقتل ابن مدينتها شادي أبو قوطة. ترى ميسون أن الشباب في غزة وجدوا من "الحادث الأليم المتمثل في مقتل شادي فرصة للتعبير عن رأيهم المكبوت".

مظاهرات الأمس، لم تتوقف عند رفض مقتل شادي، بل تجاوزتها للتنديد بحماس، وأحرق المتظاهرون أعلام الحركة التي تسيطر على القطاع منذ العام ٢٠٠٦، مطالبين بإصلاح ظروفهم المعيشية والاقتصادية، ومنددين بالانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

انتهت المظاهرات باعتقال عدد من سكان القطاع وتفريق المتظاهرين، لكن غزة التي يعاني ٤٥٪ من سكانها، من البطالة حسب مسح القوة العاملة الذي أصدرته وزارة الإحصاء الفلسطينية للعام ٢٠٢٢، يبدو أنها لا تتجه للعودة إلى فتح أو حماس، وإنما إلى حركة الجهاد التي باتت تكسب أرضا من الثانية يوما بعد الآخر.

مقتل شادي تحت الجدار

حادثة مقتل شادي، تكشف حالة الاحتقان في الشارع الغزي ضد الحركة الإسلامية، عندما اعترض الشاب جرافة تابعة لبلدية خان يونس يوم الخميس ٢٧ يوليو، كانت تنوي هدم جدار منزله بحجة توسيع الشارع، معتبرة جدار شادي مبنيا خارج أرضه، لكن سائق الجرافة لم يتوقف عند اعتراض الشاب وإنما هدم الجدار الذي كان يقف تحته شادي، ليلقى مصرعه تحت الأنقاض.

اندلعت المظاهرات في غالبية مناطق قطاع غزة، وشهدت اشتباكات بين قوات حماس والمواطنين. أ ب

هذه الحادثة وما ترتب عليها من مظاهرات شعبية اندلعت في غالبية مناطق القطاع، جعلت ميسون تقول لبلينكس "يعني كلنا احتمال نموت نتيجة إهمال جهة معينة". بعد مقتل شادي بساعات ثار أهل عشيرته والمنطقة التي يسكن فيها ضد قرارات المجالس المحلية وحكومة حماس التي تحكم القطاع منذ ٢٠٠٦.

على إثرها قدم رئيس بلدية خان يونس استقالته مع مجلسه البلدي في نفس اليوم. وزار وفد قال إنه يمثل حركة حماس عائلة أبو قوطة معزيا في وفاة نجلها، وقال الوفد إنه مع مطالب العائلة مهما كانت، وشددوا خلال اللقاء على "ضرورة محاسبة الجاني".

مثل هذه الحوادث بالإضافة إلى نسبة البطالة العالية بين شباب القطاع والحصار الأمني المفروض على غزة، كانا السبب في المظاهرات التي تخرج للمرة الأولى ضد حماس في البقعة التي تحكمها.

بالتوازي مع المظاهرات في القطاع، وفي نفس اليوم، كان قادة الفصائل الفلسطينية في اجتماع بالقاهرة يبحثون فيه المصالحة بين فتح وحماس في الضفة وغزة، وحضر ممثلون عن كل الفصائل الفلسطينية باستثناء حركة الجهاد الإسلامي التي أعلنت على لسان نائب أمينها العام محمد الهندي ليلة ٢٩ يوليو أنها لن تحضر اجتماع القاهرة احتجاجا على ما أسمته "الاعتقال السياسي بحق المقاومين في الضفة من قبل السلطة".

حماس التي كانت تستفيد سابقا من أي اعتقال تنفذه السلطة بحق نشطاء حقوقيين أو عسكريين لتعلن استنكارها ذلك، لم تقاطع الاجتماع كما فعل الجهاد، ويرى المحلل السياسي محمد أبو إياد على قناته في تلغرام والتي يخصصها لتحليل الأحداث في فلسطين أن شعبية الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس في ازدياد في الضفة وغزة، وسط تراجع كبير في تأييد السلطة في الضفة، وشعبية حماس في غزة.

لم تضرب صاروخا واحدا

عمر*، أحد سكان غزة الذين فقدوا منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي على القطاع منتصف شهر مايو الماضي، يقول لبلينكس "لم نسمع أن حماس ضربت صاروخا واحدا خلال المعركة الأخيرة"، يضيف "أنا لست سياسيا، لكن من واقع الحياة في غزة أرى أن الجهاد يتصدر الواجهة الآن، ويستغل رغبة حماس في التهدئة مع إسرائيل".

شعارات "بدنا نعيش" تصدرت مظاهرات أهالي غزة ضد حركة حماس. أ ب

الجهاد الإسلامي تصدر الأخبار في آخر معركتين بين غزة وإسرائيل، ومدّد أذرعه العسكرية إلى الضفة الغربية عبر فصائل مسلحة مثل كتيبة جنين، وكتيبة بلاطة، وكتيبة طولكرم وغيرها.

وفقا لما يراه نشره محمد أبو إياد إبان عقد اجتماع القاهرة فإن الجهاد الإسلامي يمهد لتحويل نفسه في نظر الفلسطينيين من فصيل عسكري، إلى حركة سياسية تتمكن من اتخاذ قرار مقاطعة اجتماع أو مؤتمر أو قمة، وذلك في سبيل الاستعداد إلى أخذ المشهد الفلسطيني إلى وجود ثلاثة ألوان تتنازع على الحكم في الضفة وغزة وهي الأصفر (علم حركة فتح)، والأخضر (علم حماس)، والأسود (علم حركة الجهاد)، بعد أن ظل الأولين في صدارة المشهد السياسي منذ ١٩٩٤.

*الأسماء الواردة في القصة، مستعارة بناء على رغبة أصحابها، نظرا لحساسية الوضع الأمني في غزة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة