أمن
.
من مزرعته الكائنة في غرب أفغانستان قرب الحدود بين بلاده وإيران، سمع محمد نعمان صوتا خافتا لإطلاق نار في مايو الماضي، صحيح أنه معتاد على هذا الصوت منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة قبل عامين، لكن هذه المرة كان السبب مختلفا، حيث تتصاعد التوترات بين البلدين الجارتين والسبب "المياه الثمينة" بحسب تعبيره.
الآن تتصاعد التوترات بين الجانبين، في الوقت الذي أعلنت فيه طالبان حشد مجموعة من الانتحاريين، بجانب ما تمتلكه من أسلحة أميركية، استعدادا لما قالت عنه "الحرب القادمة" مع جارتها إيران.
من سيستان وبلوشستان شرقي إيران حيث يعاني الإقليم من جفاف غير مسبوق خرج الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل شهرين ليحذر حركة طالبان الأفغانية "احترموا اتفاقية تزويدنا بالمياه، أو تحملوا العواقب".
خرج "الجنرال موبين" المعروف في حركة طالبان ويسخر من رئيسي، عارضا هدية عبارة عن جالون من ٢٠ لتر من المياه، فتندلع بعدها اشتباكات بين الجانبين على الحدود مخلّفة قتيلين من حرس الحدود الإيراني، في مقابل مقاتل واحد من الحركة.
طفل أفغاني يحمل الماء في جرة يسير على طول طريق في قرية تيلانشي في مقاطعة باروان في 3 أغسطس 2023- أ ف ب
رغم التحركات الدبلوماسية عقب الاشتباكات لخفض التصعيد تحشد طالبان ليس فقط مقاتليها، وكذلك عشرات الانتحاريين، إضافة إلى مئات المعدات العسكرية والمركبات والأسلحة التي تركها الجيش الأميركي خلال انسحابه من أفغانستان، بحسب المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لتايم.
حينما انسحبت الولايات المتحدة من العاصمة الأفغانية كابول لتكتمل سيطرة طالبان على أفغانستان عام ٢٠٢١ تركت خلفها غنيمة للحركة تقدر بما يقرب من ٢٤ ألف سيارة من طراز هامفي، إضافة إلى ٩٠٠ مركبة قتالية بحسب تقديرات مجلة فورين بوليسي، إضافة إلى الأسلحة التي كانت تمد بها واشنطن الجيش والأمن الأفغاني، فيما يقدر عدد مقاتلي الحركة قبيل سيطرتهم مباشرة بأكثر من ٨٠ ألف مقاتل بحسب الغارديان.
في أعقاب اشتباكات مايو، أعلن حرس الحدود الإيراني تعزيز قدراته على مستوى الأفراد والسلاح والاحتياجات اللوجيستية على الحدود الشرقية لا سيما بعد اشتباكات مع مهربي المخدرات في هذه المناطق أيضا بحسب تصريحات قائد قائد قوات حرس الحدود العميد أحمد كودرزي لولاية إرنا الإيرانية الرسمية.
ويشكل إجمالي قوات الجيش الإيراني أكثر من ٥٧٥ ألف عسكري إضافة إلى ٣٥٠ ألف آخرين في قوة الاحتياط ويحتل المرتبة ١٧ عالميا وفق موقع جلوبال فاير باور.
ما بين استعداد إيران وأفغانستان على الحدود من أجل المياه تتزايد مخاوف نعمان حال لم تتفق البلدان على نظام لتقاسم المياه محذرا في نهاية حديثه من حرب إقليمية قد تندلع نتيجة ذلك في المنطقة.
يلعب الانتحاريون دورا محوريا ضمن مقاتلي حركة طالبان، ويعزي أتال أحمدزاي، الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية في جامعة سانت لورانس في نيويورك في مقال بمجلة فورين بوليسي أهمية سلاح الانتحاريين في طالبان إلى سببين رئيسيين، الأول هو أن مجموعة الانتحاريين جزء من الطابع المؤسسي للوحدات المسلحة للحركة، التي تحتاج إليه وتستخدمه داخليا وخارجيا، أما السبب الثاني أن هذه المجموعة تستخدم كجزء من التوازنات داخل داخل الحركة نفسها.
هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها طالبان الانتحاريين كآداة من أدواتها للمواجهات العسكرية فقد حشدتهم قبل ذلك خلال توتر سابق مع طاجيكستان في أكتوبر عام ٢٠٢١ حيث تصفهم الحركة بما يسمى "لواء الاستشهاد"، وفق راديو أوروبا الحرة.
تعبيرية عن الجفاف
تتأثر أكثر من ٣٠٠ بلدة ومدينة إيرانية من أزمة المياه حيث يتأثر أكثر من ٩٧٪ من الجفاف، وانتقل أكثر من ٢٠ مليون شخص إلى المدن نتيجة جفاف الأرض الزراعية، ففي محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية فقط فرت أكثر من ١٠ آلاف عائلة وفقا لتقرير نقلته مجلة تايم.
أدت درجات الحرارة المرتفعة نتيجة التغير المناخي إلى جانب عوامل أخرى إلى زيادة الضغط على إمدادات المياه في حوض نهر هلمند، الذي يغطي حوالي 40٪ من أفغانستان.
وفقا لموقع ساينس فإن مستويات المياه الجوفية انخفضت بمعدل 2.6 متر ما بين ٢٠٠٣ و٢٠٢١ فيما يقدر الباحثون أن كمية مياه نهر هلمند التي تصل إلى إيران انخفضت بأكثر من النصف خلال العقدين الماضيين، ويرجع ذلك جزئيا إلى بناء سدود جديدة والتوسع في الزراعة التي تعتمد على الري الدائم (بخلاف مياه الأمطار) في أفغانستان.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة