أمن‎

يائير نتنياهو.. "الأمير الصغير" يحرج والده

نشر

.

Muhammad Shehada

يائير، الابن الأكبر لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من زوجته الثالثة سارة بن عرتزي، لا يتوقف عن التسبب في المشاكل لأسرته منذ عشر سنوات وحتى اليوم.

يصف إسرائيليون الشاب الثلاثيني بـ"وريث العرش المدلل، المنغمس في حياة الترف والامتيازات"، و"غير المكترث كما لو كان نجم سينما"، فهو يواعد الحسناوات، ويرافق الأثرياء، ويصادق رؤساء حول العالم، ويعيش في بذخ على الرغم من أنه عاطل عن العمل منذ تخرجه وحتى إطلاقه بودكاست يحمل اسمه عام 2020.

بعد نفيه وعزله خارج إسرائيل لأشهر وتقييد ظهوره على مواقع التواصل الاجتماعي، يعود يائير، 32 عاما، لإحراج والده وإثارة عاصفة من الانتقادات في البلاد بسبب مشاركته تغريدة ضد رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي تقول إنه " الأكثر فاشلاً وتدميراً في تاريخ الجيش الإسرائيلي". وهو ما دفع نتنياهو الأب لإصدار بيان يدعم فيه رئيس الأركان هليفي، ويدين أي هجمات ضده.

ما قصة هذا الشاب، وكيف دفع الإسرائيليين للانتفاض دفاعا عن رئيس الأركان، وشن هجوم إليكتروني ضده.

يائير في المنفى الفاخر

في مارس الماضي، اختفى فجأة الشاب يائير عن الساحة السياسية ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل كامل، وذلك بعد أن اعتاد الظهور بجوار والده في الساحات العامة وشاشات التلفاز والدفاع عنه على تويتر عبر تغريدات لا تتوقف.

اختفاؤه أثار التكهنات حول مصيره، بعد نشر تغريدة قالل فيها إن "حكومة الولايات المتحدة تموّل المظاهرات الاحتجاجية ضد والده".

هذه التغريدة أثارت أزمة سياسية، دفعت وزارة الخارجية الأميركية لإدانة ونفي ادعاء يائير، ما تسبب لوالده في إحراج كبير مع الإدارة الأميركية.

يائير بصحبة والده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. أ ب

بعد أيام من الاختفاء، ظهر نتنياهو الابن في ڤيلا فاخرة في بورتوريكو يصل إيجارها 6 آلاف دولار في الليلة الواحدة، ويظهر إلى جواره ملياردير العملات الرقمية بروك بيرس، ما فسره إسرائيليون بأن والده نفاه خارج إسرائيل ليجنبهم اللغط الذي يثيره بتغريداته، مثل تشبيه المتظاهرين ضد والده بـ"النازيين الألمان"، وتهجمه على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

بعد شهرين من الاختفاء، عاد يائير لمواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى، لكنه نشر فقط صورته في المرآة على إنستغرام بـ"لوك" جديد دون أي تعليق. أثارت تلك الصورة بعض التخمينات حول خضوعه لجراحة تجميلية وتعريض الفك السفلي ليبدو أكثر وسامة، بالإضافة لتفسير امتناعه عن التغريد بأنه أوامر من والديه لتجنب المشاكل بسبب آرائه المثيرة للجدل.

منذ ذلك الحين، ويائير نادراً ما ينشر تغريدات على تويتر أو فيسبوك، أو حتى يظهر على شاشات التلفزيون، بل يكتفي في العادة بمشاركة تغريدات أخرى لنشطاء آخرين من اليمين الإسرائيلي المتشدد تهاجم المتظاهرين وقيادات المعارضة، وقضاة المحكمة العليا.

مصدر متاعب للعائلة

يائير ظهر بجوار والده للمرة الأولى عام 1996 عندما فاز والده في انتخابات الكنيست. كان عمره آنذاك ٥ أعوام، وظهر بشعر أشقر طويل يمسك بيد والدته بخجل. توارى بعدها نتنياهو الابن عن الأنظار لنحو عقدين من الزمن.

لكن اسمه ظهر مجدداً عام 2014 وأصبح في عين عاصفة من الانتقادات باعتباره "يهدد أمن واستقرار البلاد بأكملها" بحسب تعبير صحيفة ذي أتلانتيك، وكان السبب حينها هو مرافقته لشابة نرويجية تدعى ساندرا لايكنغر كانت زميلته في الجامعة العبرية في برنامج بكالوريوس العلاقات الدولية.

يائير يدلي بصوته في انتخابات العام ٢٠١٣، بصحبة والده ووالدته سارة بن عرتزي. أ ب

الجمهور الإسرائيلي بحث في تاريخ تلك الشابة بالتفصيل، فلم يجد لها أي جذور يهودية. الأمر الذي دفع خال الشاب لاعتبار ذلك "عملاً مشيناً كما لو أنه بصق على قبر جده وجدته"، وقال حجاي بن عرتزي بأنه "سيدفن نفسه حياً" إذا أقدم يائير على الزواج من غير اليهودية تلك، معتبراً مرافقته لها "أسوأ تهديد عبر تاريخ اليهود". بينما انتقد حلفاء نتنياهو من أحزاب اليمين فعلة ابنه باعتبار صداقة ابن رئيس الوزراء لسيدة غير يهودية يشكل خطراً على يهودية الدولة.

سرعان ما انفصل يائير عن ساندرا وواعد عارضة أزياء دنماركية إسرائيلية، يهودية تدعى ليي ليفي لفترة وجيزة.

راقصة وصفقة بـ٢٠ مليار

لم يمر سوى عام واحد على تلك الضجة، حتى تورط نتنياهو الابن في فضيحة جديدة كادت تعصف بوالده.

هذه المرة كانت مع ابن الملياردير الإسرائيلي وعملاق شركات الغاز كوبي ميمون، حيث ظهر صوت يائير في تسجيل صوتي مسرّب في العام ٢٠١٥، وهو يتسكع في ناد للتعرّي.

تعرّف الإسرائيليون على صوت يائير وهو يطلب من صديقه ميمون دفع أتعاب راقصة قائلاً "والدي أمّن لوالدك صفقة بعشرين مليار دولار، وأنت تشكو من (فاتورة بـ) 400 شيكل؟"، ثم يسأل نتنياهو الابن رفيقه عما إذا كان باستطاعتهما العثور على عاملة جنس في ذلك الوقت المتأخر، قائلاً "هل تعتقد بأن تلك النادلة قد تجارينا في ذلك؟".

وكان برفقة يائير في تلك الليلة موظفان في الدولة، حارس أمن وسائق، اضطرا لمرافقته من نادي تعري إلى آخر، برفقة رومان أبراموف، مسؤول الارتباط الإسرائيلي للملياردير الأسترالي جيمس باكر. وظهر صوت رومان وهو يطلب من يائير التوقف عن تكرار جملة "صفقة العشرين مليار" مرة أخرى، قائلا "فليساعدنا الرب إذا خرج هذا الأمر للعلن".

آراء معادية لليهودية

عامان وتكرر ظهور يائير في أزمة سياسية جديدة في العام 2017، عندما نشر صورة كاريكاتورية يظهر فيه رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، المعارض البارز لوالده، وخلفه شخص يرتدي عباءة سوداء على جبينه علامة الماسونية يُغري باراك بالمال. ومن خلفهما رجل على هيئة سحلية يرمز لنظرية مؤامرة "المتنورين الذين يحكمون العالم سراً".

يغري الرجل الماسوني بإعطائه القوة، وفي النهاية يقف الملياردير اليهودي الهنغاري جورج سوروس خلف السحلية، ويمنحه الكرة الأرضية كاملة.

تلك التغريدة المعادية لليهود لاقت الترحاب من ديفيد ديوك رئيس جماعة KKK العنصرية الأميركية، المنادية بتفوق وطهارة دم الرجل الأبيض، حيث قال ليائير "مرحباً بك في النادي. رائع للغاية. واو. فقط واو". بينما قالت صحيفة ديلي ستورمر النازية إنها "المشجع رقم 1 في العالم ليائير نتنياهو".

كانت هذه بدايات يائير في الظهور المباشر في عالم السياسة، على عكس أخوه الأصغر أفنر، 29 عاما، المتواري عن الأنظار، والمنعزل عن الحياة العامة.

أفنر نتنياهو (يمين الصورة)، وشقيقه الأكبر يائير (أقصى اليسار) في القدس يناير ٢٠١٣. أ ب

"حظر من فيسبوك"

في العام التالي، 2018، قام موقع فيسبوك بتعطيل حساب يائير نتنياهو لمدة 24 ساعة بعد نشر خطاب كراهية وتحريض عنصري. حيث قال بأنه "لن يكون هناك سلام هنا حتى: 1) يغادر كل اليهود أرض إسرائيل. أو 2) يغادر كل المسلمين أرض إسرائيل"، مضيفا "أنا أفضل الخيار الثاني".

وفي منشور آخر كتب يائير "لن يكون هناك سلام مع هؤلاء الوحوش في صورة رجال الذين يطلقون على أنفسهم اسم 'فلسطينيين' منذ العام 1964".

لماذا العام ١٩٦٤؟ لأنه يعبر عن نظرية مؤامرة إسرائيلية شهيرة، وغريبة في نفس الوقت، تقول إن الفلسطينيين شعب وهمي تم اختراعه في منتصف الستينات بتمويل سوفيتي لإلحاق الضرر بإسرائيل.

مثل هذه التغريدات أكسبت يائير شعبية وشهرة وسط تيارات اليمين المتطرف في إسرائيل وخارجها، لكنها جلبت عليه بعض المتاعب.

هاجم رئيس إسرائيل فخسر وظيفته الوحيدة

عقب هذه الشهرة، واصل يائير كتابته التحريضية ضد الفلسطينيين واليسار الإسرائيلي مثل مقاله في موقع بريتبارت الأميركي.

هذه الآراء تسببت في وقفه عن العمل في الوظيفة الوحيدة الرسمية التي حصل عليها إبان تخرجه من الجامعة وحصوله على درجة الماجستير في الدراسات الحكومية.

كان يعمل الشاب "منسق سوشيال ميديا"، في منظمة شورات هادين القانونية لمساعدة ضحايا الإرهاب، وبسبب آرائه المتطرفة وهجومه على الرئيس الإسرائيلي، آنذاك، رؤوفين ريفلين، اضطرت المنظمة للتخلص منه، بعد اتهامه الرئيس الإسرائيلي "بالتساهل ومحاباة العرب"، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

"كلنا معك.. أبو يائير"

"كلنا مع أبو يائير" هي لافتة وضعتها حملة نتنياهو الانتخابية في المدن العربية في إسرائيل في الانتخابات الأخيرة لاستمالة أصواتهم.

"كلنا معك أبو يائير".. من حملة نتنياهو الانتخابية الأخيرة في البلدات العربية. أ ب

المفارقة هي أن يائير لعب دوراً مفصلياً في نجاح حملة والده الانتخابية عام 2015 عبر استغلال خطاب عنصري ضد العرب، عندما اقترح فكرة أن يقول والده للناخبين يوم الانتخابات بأن يهرعوا للصناديق لأن "العرب خارجون للتصويت بأعداد هائلة".

وتنقل صحيفة جيروزاليم بوست أن يائير، اقتحم اجتماعات الحكومة التي ترأسها والده لإبداء اقتراحات، والهجوم أحيانا على وزراء، محاولا فرض رأيه في بعض الأحيان كما لو كان سياسياً منتخباً وعضواً في الحكومة.

في أحد المرات، اقتحم یائير اجتماعاً مغلقاً وأخذ بالصراخ في الموجودين، وجثى على ركبتيه ليتظاهر كما أنه لو كان حيواناً يمشي على أربع، في اتهام للحضور بأنهم "ضعاف كالحيوانات"، وفقا للصحيفة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة