أمن‎

آيات القرآن تحمي مسيحيي باكستان

نشر

.

Camil Bou Rouphael

تُخبر نايلة بهاتي، شقيقة القس الباكستاني، جاويد بهاتي، "كان الأطفال يصرخون، اركضوا اهربوا الشيوخ قادمون. سيهاجموننا"، وبدأت الشرطة الباكستانية، أمس الخميس، حراسة منطقة في وسط البلاد يشكلّ المسيحيون غالبية سكّانها غداة هجوم شنّه مئات السكّان المسلمين عليها حيث أحرقوا وخرّبوا كنائس ومنازل إثر اتّهامات لمسيحيين بالتجديف.

واستيقظ القس، الذي يعيش في حيّ جارانوالا بشرق باكستان من النوم على صوت مكبر الصوت في المسجد يدعو إلى الاحتجاج إثر اتّهامات لمسيحيين بالتجديف، إهانة المقدسات، فجمع عائلته وركض إلى الشارع حيث كان جيرانه يهرعون أيضا، بحسب وكالة فرانس برس.

ومع انتشار الذعر في الحيّ، سارع مسلمون إلى الشوارع لتحذير جيرانهم وإيوائهم، أو عبر تعليق آيات قرآنية على أبواب منازل المسيحيين والإيحاء للحشود أن سكان البيت مسلمون.

بهاتي قال لوكالة فرانس برس، الخميس، غداة نزول مئات المسلمين إلى الشوارع وإحراق منازل مسيحيين وكنائس إنّ "بعضهم كانوا يركضون حفاة وبعضهم فروا بعربات ريكاشة. عمّت الفوضى المكان". ويعتبر التجديف من القضايا الحساسة في باكستان حيث قتلت حشود غاضبة أشخاصا اتّهموا بإهانة الإسلام أو النبي محمد.

فماذا نعرف عن المسيحيين في باكستان وما هو واقعهم؟

المسيحيون يشكلون نحو 2٪ من سكان باكستان. مصدر الصورة: أ ف ب

نسبة قليلة

  • المسيحيون الذين يشكلون نحو 2٪ من سكان باكستان يحتلون واحدة من أدنى درجات المجتمع في هذا البلد، وهم أهداف متكررة لمزاعم كاذبة بالتجديف ولا أساس لها، حسب الوكالة الفرنسية ويعيش أكثر من ٥ آلاف شخص في الحي المسيحي في جارانوالا، معظمهم عمال نظافة يتقاضون أجورا زهيدة ويقيمون في منازل ضيقة يتقاسمها ما يصل إلى 18 شخصا من الأقارب.
  • مع انتشار الذعر والفوضى في المكان، نزل سكان مسلمون لمساعدة جيرانهم المسيحيين. وقال القس بهاتي: "جاءت الحشود من خارج المنطقة، لكنّ المسلمين المحليين هنا ساعدونا وحاولوا إنقاذنا".

مع انتشار الذعر والفوضى في المكان، نزل سكان مسلمون لمساعدة جيرانهم المسيحيين. مصدر الصورة: أ ف ب

مصطلح مهين

  • يعتبر المسيحيون منبوذين على أساس الطبقة الاجتماعية في باكستان حيث كان العديد منهم تاريخيا متحولين من قبائل هندوسية من الطبقة الدنيا خلال سنوات الحكم البريطاني.
  • تقول الباحثة والكاتبة ربيعة محمود، في حديث سابق للمجلة الأميركية فورين بوليسي "بينما يتم تسليط الضوء على التعصب الديني واسع النطاق في باكستان، هناك أيضا تمييز عميق الجذور قائم على الطبقية كان موجودا في جنوب آسيا منذ مئات السنين. على سبيل المثال، المصطلح المهين "churha"، الكناسون، يستخدم بشكل شائع لوصف المسيحيين".
  • تفاقم العداء للمسيحيين في باكستان بسبب العداء المتزايد للولايات المتحدة والغرب، لا سيما نتيجة ما أسماه الغرب "الحرب على الإرهاب"، وضربات الطائرات من دون طيار المستمرة في الأراضي الباكستانية. في عام 2012، كان لدى 80٪ من الباكستانيين آراء معارضة للولايات المتحدة، رغم أن النسبة انخفضت في العام ٢٠١٥ إلى 59٪. وبسبب دينهم، أصبح يُنظر إلى المسيحيين في باكستان على أنهم أعداء للدولة.

تفاقم العداء للمسيحيين في باكستان بسبب العداء المتزايد للولايات المتحدة والغرب. مصدر الصورة: أ ف ب

آيات قرآنية أنقذت مسيحيين

يروى طارق رسول من الشارع نفسه الذي هرع إليه بهاتي، أنّ الجيران المسلمين علّقوا بسرعة آيات قرآنية على أبواب منازل جيرانهم المسيحيين على أمل تجنّب حدوث أعمال عنف. وقال رسول وهو مسلم يبلغ 58 عاما لوكالة فرانس برس "كانت امرأتان تركضان. فتحت لهما باب منزلي وتركتهما تدخلان. كانتا قلقتين جدا لكنّني أرحتهما".

وازداد عدد الحشود وغضبهم خلال اليوم، وقام المئات بأعمال شغب في الشوارع. وبحلول الليل، كانت قد حرقت ونهبت ٤ كنائس وعشرات المنازل والمتاجر على الأقلّ، بحسب ما أفاد فريق من وكالة فرانس برس في مكان الحادث.

وفتح عمران قادري، وهو مسلم ملتح، منزله لامرأتين مسيحيتين. وقال قادري وهو يقف إلى جانب بهاتي "ما زالتا في منزلنا. عائلتي ساعدتهما وقدّمت لهما الطعام وأمضتا الليلة معنا".

قادمون لحرق منازلنا

وفرّت بارفين بيبي مع أفراد أسرتها الثمانية بعدما أيقظها أطفالها الصغار وهم يصرخون "المسلمون قادمون ليحرقوا منازلنا". وتابعت بارفين التي كانت بصحبة زوجتَي ابنيها وأطفالها "أخذنا عربات ريكاشة للذهاب إلى جيراننا المسلمين. كان الباب مفتوحاً ودخلنا جميعا". وأضافت وقد وقفت بين أنقاض منزلها إنّ مضيفيها قالوا لها "لا تقلقي، أنت بأمان هنا".

وقال لفرانس برس عدد من المسيحيين الذين عادوا إلى منازلهم الخميس لمسح الأضرار إنّ أكثر من 300 شخص فرّوا في الساعات الأولى من أعمال الشغب، لكنّ المئات ذهبوا ليل الأربعاء ويوم الخميس للبقاء مع أقاربهم في مدن أخرى.

وأوقفت الشرطة أكثر من 100 شخص يشتبه في ارتباطهم بأعمال العنف، فيما تبحث عن شقيقين مسيحيّين متّهمين بتدنيس القرآن. ورغم تفريق الحشود الغاضبة وحراسة الحي الآن، فإنّ كثرا من سكانه ما زالوا يخشون العودة إليه.

وبالنسبة إلى القس بهاتي، فقد سببت العودة مزيدا من الألم لعائلته. وقال "لقد دُمّر منزلي. كان هذا كلّ ما أملكه. الآن كيف سنعيش هنا مجددا؟".

أوقفت الشرطة أكثر من 100 شخص يشتبه في ارتباطهم بأعمال العنف. مصدر الصورة: أ ف ب

اعرف أكثر عن..

الهجمات ضد المسيحيين

  • في مارس 2015، خلال الأسابيع التي سبقت عيد الفصح، شن انتحاريون هجوما على كنيستين في حي يوهان آباد في لاهور، مما أسفر عن مقتل 19 شخصا. ثم في عيد الفصح الأحد من العام ٢٠١٦، تعرضت لاهور للهجوم مرة أخرى عندما فجر انتحاري آخر نفسه بالقرب من مجموعة مختارة من رحلات الأطفال في حديقة بالمدينة. قُتل ما لا يقل عن 74 شخصًا وأصيب مئات آخرون في الانفجار. وكان من بين القتلى ثمانية أفراد من عائلة واحدة، وفق المجلة.
  • في عام 2022، اختفت زارفيا بيرفايز، البالغة من العمر 12 عاما فقط. ورغم العثور على زارفيا واعتقال خاطفيها، أوصت الشرطة بعدم توجيه أي تهم، لذلك تم إطلاق سراحهم. وقضت المحكمة بأن بيرفايز تزوجت بمحض إرادتها.
  • في وقت سابق من هذا العام، قام مالك أرض مسلم بضرب عامل مزرعة كاثوليكي حتى الموت، بدعوى أنه سرق البرتقال من بستانه. وجاء هذا القتل بعد إطلاق النار على مسيحي باكستاني حاول منع المسلمين من سرقة محصول الجوافة.
  • خلال الخريف الماضي، تُركت 200 أسرة مسيحية باكستانية بلا مأوى في العاصمة إسلام أباد، عندما قامت وكالة حكومية، من دون سابق إنذار، بتدمير منازلهم وكنيستهم مع بقاء ممتلكاتهم في الداخل.
  • في 18 مايو، سمع الكاثوليكي بابار ساندو مسيح ضجة خارج منزله في لاهور. ركض مسيح إلى الخارج ووجد جاره يضرب ابنه البالغ من العمر 18 عاما وصبيا مسيحيا آخر يبلغ من العمر نحو 14 عاما، بدعوى عدم احترام الدين الإسلامي، وهو ادعاء نفاه الأولاد بشكل قاطع. وألقت الشرطة القبض عليهم ووجهت إليهم تهم بموجب قوانين التجديف الباكستانية، التي تصل بعض أحكامها إلى الإعدام.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة