أمن‎

الرهبة قبل الجوع.. ما الذي يعنيه إضراب فلسطيني عن الطعام؟

نشر

.

Qassam Sbeih

بعد إعلان "الحركة الأسيرة الفلسطينية" الإضراب عن الطعام الذي شارك فيه نحو ألف من السجناء داخل السجون الإسرائيلية، مساء أمس، ذهب بلينكس إلى منزل أحد "الأسرى المحررين" بعد اعتقاله لعشر سنوات، ٧ منها متصلة، ليشرح ما الذي يعنيه هذا الإضراب، وتقديره للمكاسب التي حققوها في إضرابهم القصير، وما شعوره عند الإعلان عنه، وما تفاصيل تجربته الخاصة.

بلال ذياب صاحب تجربة إضراب عن الطعام استمرت ٧٩ يوما، عاش فيها على الماء والملح فقط، قبل التوصل لاتفاق يقضي بإطلاق سراحه، بعد أن كان على حافة الموت.

رهبة

"الرهبة"، كانت أول ما شعر به بلال عندما سمع عن بدء الإضراب الأخير ثم إنهائه بعد اتفاق على تحسين ظروف احتجازهم "سيطرت عليَّ رهبة الحدث، وتذكرت معاناتي الشديدة خلال الإضراب". لا يستطيع بلال وصف كل معاناته لأنه "لا يمكن وصف معاناة الإضراب عن الطعام، ولا يدركها إلا من عاشها" حسب ما يقول.

يبلغ عدد السجناء الفلسطينيين في إسرائيل نحو ٥ آلاف سجين، منهم ١٦٠ طفلا تحت الثامنة عشرة، و٣٠ امرأة، بالإضافة إلى ١٠٨٣ "أسيرا إداريا" دون حكم من المحكمة الإسرائيلية، حسب آخر إحصاء نشرته وكالة أنباء وفا الفلسطينية في يونيو ٢٠٢٣.

ضمن هؤلاء الخمسة آلاف، كان خمسة أخوة من عائلة ذياب يعيشون في ٨ سجون إسرائيلية مختلفة، وهم بلال، وعزّام، ونضال، وهمام، وفؤاد. يقول بلال إنه جمع عدد الأعوام التي قضاها إخوته وهو في السجون الإسرائيلية حتى اللحظة ووجدها "٤٨ عاما" .

لماذا يضرب السجناء؟

تمثلت مطالب الحركة الإضراب الأخير، في تحسين مستوى المعيشة داخل السجن، وعدم تدخل إدارة السجون في العلاقة بينهم، إضافة إلى مطالب أخرى تتعلق بالطعام وتوفير مراوح، بسبب تركّز معظم السجون الإسرائيلية في مناطق صحراوية شديدة الحرارة في الصيف وشديدة البرد في الشتاء، مثل سجن النقب الذي يتواجد فيه عزام ذياب شقيق بلال، حتى الآن.

أصدرت محكمة إسرائيلية على عزام عند سجنه في ٢٠٠١ بـ"السجن المؤبد"، الذي يعني حسب القانون الإسرائيلي بالنسبة للفلسطينيين "٩٩ عاما"، في حين يعني هذا الحكم لمن يحمل الجنسية أما بحق الإسرائيلي يكون المؤبد "٢٥ عاما".

"مرفوض أمنيا"

يتذكر بلال أيامه مع شقيقه، وهما يلعبان الكرة في الشارع المحاذي لمنزلهم القريب من مدرسة جنين، "لا نستطيع زيارة عزام في السجن لأننا مرفوضون أمنيا، حسب ما أخبرنا به الجانب الإسرائيلي". والدتهم كانت الوحيدة التي تستطيع زيارة ابنها مرة واحدة كل ٥ سنوات. يقول بلال إن والدتهم توفيت قبل عامين، وكانت هي الشخص الوحيد الذي كان يتمكن من رؤية عزام.

التجارة في السجن

يقول بلال إن إدارة السجون الإسرائيلية باتت لا تقدم طعاما للفلسطينيين، بل "تُلزم أهاليهم بتحويل أموال، كي يشتروا من الدكانة الصغيرة المتواجدة في كل سجن"، يقول بلال، "يحتاج الأسير ١٥٠٠ شيكل (٣٠٠ دولار أميركي) شهريا فقط لطعامه وشرابه".

المعاناة المالية لا يعيشها السجين فقط، وإنما عائلته "أسعار السلع في دكان السجن مضاعفة. علبة الكوكاكولا الصغيرة تباع في الخارج بـ4 شواكل، وفي السجن بـ8 شواكل، وأقل نعل داخل السجن بـ120 شيكل، وأقل حذاء مثل البوط أو الكندرة بـ400 شيكل".

بماذا يشعر المضرب عن الطعام؟

مساء 18 أغسطس وافقت إدارة السجون الإسرائيلية على مطالب "الحركة الأسيرة" مقابل تعليق الإضراب "نالوا مطالبهم منذ اليوم الثاني لأن الأيام القادمة كانت ستحمل لهم أوجاعا كثيرة".

خلال إضرابه في العام ٢٠١١ والذي استمر ٧٩ يوما عانى بلال من مشاكل صحية عديدة وفقد ٢٨ كيلوغراما من وزنه.

في يومه الأول من الإضراب لم ينم بلال خوفا من القادم، وبعد أسبوعين أصبح لا ينام إلا ساعة واحدة في اليوم، بسبب شعور مستمر بالدوار الشديد والوجع المستمر في كل أنحاء الجسم.

وبعد ٢٥ يوما من الإضراب المفتوح عن الطعام نُقل بلال إلى مستشفى خاص وهو مكبل من يده اليمنى وقدمه اليسرى، حسب ما يقول، "وضعوا أربعة حراس في غرفتي بأسلحتهم الثقيلة وأنا مكبل في السرير وأصبحوا يأكلون البيتزا والمشاوي أمامي".

تحقيقات مستمرة

يرى بلال أن إدارة السجون الإسرائيلية لم تكترث لخطوات الإضراب الذي خاضه رفضا للاعتقال الإداري، وأن الرعاية الطبية بدأت عندما سقط في إغماءة طويلة. يقول "وفي اليوم الـ١٦ أصبحت أمشي بصعوبة، وبعدما عرف الضباط المناوبون هذه المعلومة، أصبحوا يستدعونني كل ساعتين للتحقيق، فأصعد درجا كثيرا حتى أصل غرفة التحقيق ثم أنزل ولا ألبث عندهم إلا عشر دقائق"، وظل يتكرر الموضوع لمدة أسبوع وهو ما سبب الإغماء لبلال في يومه الـ٢٥، حسب ما يعتقد هو.

معظم السجناء الفلسطينيين الذين خاضوا إضرابا مفتوحا عن الطعام كانوا يطالبون بالإفراج عنهم لأنهم معتقلون دون تهمة معلومة، يسمى "سجينا إداريا"، بسبب رفض النيابة عرض ملفه أمام القاضي بحجة أن الملعومات "تمس الأمن القومي الإسرائيلي" فيضطر القاضي أن يحبسه إداريا دون تهمة لمدة ٦ شهور يتم تجديدها غالبا، لسنوات.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة