عنف إسرائيلي على وجه شاب فلسطيني.. نجمة داوود بالدم

كان الشاب ع. ش. (22 عام) في بيته بمخيم شعفاط في القدس الشرقية المحتلة يوم الثلاثاء عندما أفزعه صوت اقتحام 16 ضابط شرطة للمنزل ومسارعتهم لتقييد يديه ووضع كيس قماشي على وجهه. لحظات وانهال أفراد الشرطة الموجودون بالضرب على جميع أنحاء جسد الشاب بعنف وكانت أحد العلامات التي ظهرت على وجه الشاب من أثر الضرب هي كدمة حمراء على شكل نجمة داوود.

وما أثار المزيد من الجدل هو أن جميع الضباط الستة عشر ادعو بأن جميع كاميرات المراقبة الشخصية التي تعلق على ملابسهم أثناء تنفيذ الاعتقال كانت لا تعمل.

قانونياً، يُحَرَّم على أفراد الشرطة الاعتداء بالضرب على أي مشتبه به عند تنفيذ أمر اعتقال أو ضبط وإحضار. لكن في حال مقاومته للاعتقال أو محاولة الهرب أو قيامه بالاعتداء على أحد الضباط، قد يسمح لعناصر الشرطة باستخدام القوة على نحو محدود ومقيد بالمقدار الضروري لتنفيذ أمر الاعتقال.

لذلك، سارعت الشرطة للادعاء بأن الشاب قاوم الاعتقال "وقام بمهاجمة الضباط بعنف" وهو ما "أجبر عناصر الشرطة على استخدام القدر المعقول من القوة لاستكمال عملية الاعتقال" بعد العثور على كمية من المواد الممنوعة والمخدرة كالحشيش والحبوب، بحسب صحيفة هآرتس.

محامي الدفاع عن الشاب يقول إن موكله ينفي جميع التهم المنسوبة إليه سواء فيما يتعلق بحيازة تلك المواد أو بمقاومة أمر الاعتقال، بينما يقول الشاب إن عناصر الشرطة قاموا بضربه والاعتداء عليه بشكل مبرح على الرغم من كون يديه مقيدة بالأصفاد وتغطية عينيه ووجهه ما يعني أنه لم يكن يشكل أي خطر يستعدي ذلك المستوى من العنف.

الشاب عُرض على محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس المحتلة للمرة الأولى يوم الخميس أمام القاضي عامير شاكيد، وتمت إعادته للحبس في مقر الشرطة. لكن بعد تسريب صورة كدمة النجمة اليهودية يوم الجمعة، انهالت الانتقادات على جهاز الشرطة والحكومة الإسرائيلية.

وسط الضجة هذه، استدعى القاضي شاكيد الشرطة والمتهم مرة أخرى يوم السبت للنظر في الأمر وقضى بإجراء فحص طبي للشاب ونقله لمركز اعتقال وفتح تحقيق في القضية من قبل قسم التحقيقات الداخلي في جهاز الشرطة. وأضاف القاضي شاكيد أن الشرطة لم يكن لديها أي تفسير على الإطلاق لعدم تشغيل كاميرات المراقبة الشخصية المتواجدة على زي الضباط.

في اليوم التالي، عُرض الشاب على قاض آخر يدعى عادي بار تال والذي أمر بالإفراج عنه من مركز الاعتقال ووضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله ريثما تنتهي التحقيقات. وذلك بعد أن أخبر محامي الدفاع القاضي أن الشرطة لم تقم بعرض الشاب على طبيب حتى اللحظة، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت. وتقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن إطلاق سراح الشاب من مركز الاعتقال يعد إجراء غير اعتيادي في مثل هذه القضايا.

في خطوة نادرة، سارع جهاز الشرطة الإسرائيلي لإصدار بيان ادعى فيه بأن العلامة على وجه الشاب ليست سوى أثر حذاء أحد الضباط، وقاموا بنشر صورة للحذاء، وهو ما دفع البعض للقول إن هذا العذر أقبح من الذنب. بينما سخر ناشط إسرائيلي من بيان الشرطة قائلاً "الشرطة تدعي أن الشاب ببساطة نام على وسادة حريرية (عليها نجمة داود) أعطوها له في غرفة الاعتقال".

الصحفي الإسرائيلي جوش بيرنر قارن بين العلامة على وجه الشاب وبين صورة الحذاء المنشورة من قبل الشرطة، ووجد بعض التشابه المحدود، لكنه قال إن ذلك الحذاء لا يحتوي على جميع أضلاع نجمة داود المطبوعة على وجه الشاب وهو ما ينفي وجود تطابق بينهما.

أما الدكتور أفنير روزينجارتن، رئيس معهد علوم الطب الشرعي الإسرائيلي، فيقول إنه من غير الممكن بتاتاً أن تكون تلك الندبة ناتجة عن ذلك الحذاء. حيث يجادل بأن سمك أربطة الحذاء لا يتوافق مع الندبة، وأن تلك الأربطة لينة وناعمة ولا يمكنها ترك مثل تلك العلامة مهما تم استخدام الضغط والقوة. لذلك استنتج الطبيب أفنير بأن الشيء الوحيد الذي يمكنه طبع ندبة كهذه على وجه الضحية تتسبب في احتباس الدم في أطراف أضلاع النجمة هي أداة حديدة تم ختمه بها مرة واحدة وفقاً ليديعوت.

عاصفة شديدة من الانتقادات توالت ضد الشرطة الإسرائيلية من الفلسطينيين وحتى الإسرائيليين أنفسهم الذين وصفوا ذلك الفعل بالعنصري والفاشي، خاصة وأنها تذكر اليهود بسنين المعاناة من التمييز العنصري والاضطهاد ومعاداة السامية في عموم أوروبا وألمانيا النازية.

شير نوساتسكي، مثلاً، مديرة مبادرة إسرائيلية تهدف لتعزيز الشراكة السياسية بين اليهود والعرب داخل الخط الأخضر وصفت الضباط "بالنازيين"، بينما نشرت حركة ميحازكيم المعارضة صورة لعلم إسرائيل وعليه نجمة داود بالدم الأحمر في إشارة للشاب الفلسطيني.

وفي المظاهرات الأسبوعية الحاشدة في تل أبيب ضد تعديلات حكومة نتنياهو القضائية، ألقت شكما بريسلر، زعيمة الحركة الاحتجاجية، من أعلى منصة المظاهرة خطاباً قالت فيه إن تلك الحادثة تدل على صعود أيديولوجية الحاخام الإرهابي والعنصري مائير كاهانا الذي نعت العرب بالكلاب ودعا لطردهم جميعاً من الأراضي المحتلة.