أطفال العراق والعنف.. علي وريتاج و٩٠ حالة يوميا بحاجة لقانون حازم

لم تبلغ ريتاج من العمر سوى ٩ سنوات، ببراءتها اعتادت الذهاب إلى بيت جدها في محافظة بابل جنوب العراق والذي يجاور منزلها.

لكنها وقبل يومين خرجت ولم تعد، وفق ما قاله عمها علي كاظم، الذي أوضح أنهم استمروا ليوم كامل يبحثون في المنطقة بأكملها، دون أن يشكوّا بأحد منازل جيرانهم الذي وجدت فيه جثة ريتاج بعد أن قُتلت وحُرقت ومثّل بجثتها.

الشرطة تمكنت من إمساك الجارة (٣٦ سنة) قبل أن ترمي بقايا الجثة في أحد مكبات النفايات القريبة من منزلها دون معرفة أسباب الجريمة التي هزت المجتمع نظرا لبشاعتها.

يقول محمد أسود من سكان المنطقة أنه لم يصدق ما حدث حتى اللحظة، متسائلاً كيف لامرأة أن تفعل كل هذا الجرم بطفلة بريئة، معرباً عن نيته مغادرة المنطقة والخوف على مستقبل أطفاله.

وقال إن "ما يحدث هو فيلم رعب كنا نشاهده في الأفلام لكنه أصبح واقعاً، بتنا نخشى على أطفالنا وعلى حركتهم، هل من المعقول أن نصل لهذا الحد من الوحشية بأن يقتل الجار أطفال جيرانه".

في سوق الأنصار بمحافظة النجف جنوب العراق، نحر طفل لا يبلغ من العمر سوى ١٣ سنة بدم بارد على يد رجل مجهول لا يتجاوز عمره ٤٠ سنة أمام المارة، بحسب جد الطفل غانم طيار خلف.

ويقول الجد إن الطفل علي كان يعمل في السوق بدفع عربة لتوصيل البضائع وأن الرجل كان متربصاً به كما تظهر بعض مقاطع الفيديو، حيث تظهر الرجل وهو يشتري سكيناً حاداً ومن ثم التوجه للطفل وذبحه علانية أمام الناس.

وطالب الجد بإعدام المجرم على الفور.

المواطنون الذين كانوا في الشارع، ألقوا القبض على الجاني أثناء محاولته الهرب من السوق وسلموه الى الجهات الأمنية.

تلك الحادثة أظهرت مدى بشاعة الجرائم التي يقتل فيها الأطفال بدم بارد بأبشع الصور خلف أبواب مغلقة أو على قارعة الطريق.

حوادث قتل الأطفال في العراق تكررت بشكل لافت خلال السنوات الماضية، وتنوعت بين قتلهم على أيدي غرباء أو أقرباء، ولم يكن مقتل الطفلين ريتاج وعلي أول هذه السلسلة الدموية من العنف.

فقضية مقتل الطفل موسى بعمر الـ ٧ سنوات، شغلت الرأي العام العراقي قبل قرابة شهر، بعدما تبين أن زوجة أبيه عذبته بالضرب المبرح والصعق الكهربائي حتى فارق الحياة.

وذكر القضاء في بيان، أن "المحكمة أصدرت حكمها بالسجن ١٥ عاماً على زوجة الأب".

وفي سياق متصل، أصدرت محكمة جنايات محافظة الأنبار، في وقت سابق من هذا الشهر، حكماً بالسجن المؤبد بحق مؤذن جامع أدين باغتصاب أطفال خلال دورات تحفيظ القرآن.

وذكر بيان للقضاء أن محكمة جنايات الأنبار الهيئة الأولى، "حكمت بالسجن مدى الحياة على المتهم".

على إثر تكرار الجرائم وبشاعتها، دعا نشطاء وحقوقيون إلى الإسراع في إقرار قانون "حماية الطفل في العراق".

المحامي زياد الكاهجي من بابل قال لـ"بلينكس" إن هذه الظاهرة باتت خطيرة ودخيلة على المجتمع العراقي، مطالباً المشرع العراقي بإقرار قانون يحمي الطفل من الجريمة المنظمة داخل البيت وخارجه.

بينما تقول الناشطة بحقوق المرأة والطفل، إسراء سلمان، لـ"بلينكس"، إن قوانين حماية الأطفال غائبة ومغيبة فمجلس النواب العراقي، منع تشريع قانون العنف الأسري وقانون حماية الطفل بحجة أنه يدخل ثقافات دخيلة على المجتمع، بحسب سلمان.

وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي محسن المندلاوي، قد ذكر في مايو الماضي، أن البرلمان "مهتم بإنضاج وتعديل مشروع قانون حماية الطفل، ليكون ملبياً للمعايير والاتفاقيات الدولية.

وأوضح المندولاي في ندوة حوارية، أن "كثرة الانتهاكات التي تم رصدها في الفترات الماضية بشأن الطفل، والإهمال المتعمد من قبل النظام السابق، تدفع الجميع للعمل بجد من أجل تشريع هذا القانون المهم.

كشفت وزارة الداخلية العراقية تسجيل أكثر من 90 حالة عنف أسري يومياً في البلاد، في مؤشر على استمرار هذا النوع من العنف الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، وسط غياب للتشريعات.

ووفقاً لمدير مديرية حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري، اللواء عدنان حمود سلمان، فإنّ "المديرية تستقبل شكاوى العنف الأسري كافة عبر الخط الساخن ١٣٩ بجميع المحافظات".

وبيّن، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أنّ "معدل حالات اعتداء الزوج على الزوجة ضمن ظاهرة العنف الأسري في البلاد بلغ ٥٧% من إجمالي الحالات، أما اعتداء الزوجة على الزوج فقد بلغت نسبته ١٧‎%‎، واعتداء الأبوين على الأطفال وصلت نسبته إلى ٦%، والاعتداء على كبار السن كالجد والجدة بلغ ٢‎%‎، وما تبقى ونسبته ١٨% يتنوع ما بين ما ذكرناه بارتفاع وانخفاض، وكذلك اعتداء إخوة على إخوتهم وأخواتهم أو العنف اللفظي".

وسجلت المحاكم العراقية ١٥ ألف حالة عنف أسري ارتكبت بحق أطفال ونساء في العام الماضي من قبل ذويهم، بينما سجل ٢٣ حالة قتل لأطفال من قبل أحد والديهم في العام ٢٠٢١.

وهو ما يجده الخبير القانوني علي التميمي سبباً كافياً للمضي بتشريع قانون العنف الأسري، الذي يساعد على وضع حد لعمليات القتل والتعذيب التي يتعرض له الأطفال من قبل أقرب الناس لهم دون القدرة على حماية أنفسهم.