"""منطقة لبنانية"" داخل مخيم فلسطيني "

الحاج أبو محمد رجل ستيني يسكن حي "التعمير التحتاني" الذي يبدأ من خارج المخيم ويمتد إلى داخله. هناك، المنطقة "لبنانية" أي أنها ليست محسوبة "أمنياً" على المخيم، لكن امتدادها إلى داخله يجعلها مرتبطة به.

يسعى الرجل اللبناني إلى الصمود في دكانه الصغير الذي يبيع فيه المواد الغذائية داخل زقاق ضيق، ويقول لـ"بلينكس": "لا نريد سوى أن نأكل وأن نشرب. في بداية الاشتباكات، تم منع إدخال أي أطعمة من الخارج إلى منطقتنا عبر الحواجز الخاصة بالجيش اللبناني وذلك خوفاً من تهريبها إلى المسلحين".

يضيف: "ليس لنا علاقة بأحد.. نعيش في منازلنا وننتظر الحل ونخشى الموت بسبب رصاصٍ طائش أو قذيفة.. ما تبقى لنا هو هذا المتجر الصغير الذي كنا نأخذ الأطعمة المعلبة منه.. ولكن ماذا بعد؟ الخسائر تتراكم علينا ولا تعويض من أحد".

"الله بدبّر".. هي كلمة واحدة نطق بها أبو محمد حينما سُئل عن الكهرباء، ويقول: "خلال الشهرين الماضيين، قطعت كل خطوط التيار الكهربائي في المخيم بفعل الاشتباكات، حتى أنَّ المولدات احترقت".

ويضيف "قضينا أياماً كثيرة على ضوء الشموع.. كنا نتبادل مع جيراننا مصابيح الإنارة كي نُضيء دربنا في الليل.. الحياة صعبة جداً وننتظر انتهاء التوتر لكي يتم إصلاح ما تهدّم وما تدمّر".

تكشف مصادر فلسطينية ميدانية في مخيم عين الحلوة لـ"بلينكس" عن وجود طرق وسبل كثيرة يمكن للمسلحين الحصول من خلالها على الوجبات الغذائيّة، وغالباً ما يحصل هذا الأمر عن طريق "التّهريب".

بحسب تلك المصادر، فإن هناك سكان تربطهم علاقة بالمجموعات المسلحة، ومن خلالهم يمكن إدخال الأطعمة من خارج المخيم بحُجة حاجتهم لتفقد المنازل المُدمرة.

الكلام هنا يستند إلى معطيات أمنيّة موجودة لدى الفصائل المعنية بأمن المخيم، ومهما ازدادت الإجراءات، فإنه لا يمكن ضبط مسألة تهريب الطعام بالحد الأدنى.

لا شيء آمن الآن داخل المخيم.. المنازل ورغم تدميرها، استخدمت كمنصّات لإطلاق النار.

في الجدران وفي الغرف، استحدث مسلحون ثغراتٍ لكي يطلقوا الرصاص منها.. هنا، يقول محمد، وهو رجلٌ فلسطيني يبلغ من العمر (٤٧ عاماً) ولديه ٣ أبناء، إن منزله وقع تحت سيطرة المسلحين، ويضيف: "لدينا مخاوف من تفخيخ المنازل بعبوات ناسفة وهذا الأمر تم الحديث عنه بشكلٍ مخيف بين أبناء المخيم".

ويختم: "كل شيء احترق في منازلنا.. لم يبق شيء.. الوضع تعيس وننتظر الفرج الآن".

وكان مخيم عين الحلوة قد شهد اشتباكات متكررة بين عدة فصائل فلسطينية متصارعة منذ يوليو الماضي، وانتهت آخر جولاتها في ١٤ سبتمبر الجاري بعد التوصل إلى هدنة بوقف إطلاق النار.

وأدّت هذه الاشتباكات إلى مقتل أكثر من ١٧ شخصاً وجرح ١٠٠ آخرين.