أطفال سوريا بعد الحرب.. سوق العمل أو التجنيد

تدهور الأوضاع المعيشية للسكان في سوريا بشكل مطرد منذ بداية الصراع فرض على عدد كبير من الأطفال العملَ بدلا من اللحاق بالمدرسة. ويقول الطفل عبود عاشور من مدينة الرقة، بحسب مقال سابق لـواشنطن بوست: "أحتاجُ إلى المال، ولن أستطيع أن أجنيه في المدرسة". عبود يرعى صديقه اليتيم "عدي"، والذي لا يعلم حتى اسم عائلته.

أما هيثم، وهو طفل آخر من مدينة الحسكة، فيعمل في شبكة مصافي النفط العشوائية في شمال شرق سوريا. ويقول: "بدأت بالعمل هنا بعد أن قُتل والدي في الحرب، وليس لدينا مصدر رزق للعيش." يقول أطفال آخرون إن العمل في هذه المصافي يؤذي الرئتين بسبب المواد الكيماوية الناتجة عن عملية الاحتراق.

يقول شريف باروق، في مقابلة مع فرانس برس: "كنت أذهب إلى المدرسة، لكن التفجيرات كانت متكررة، لذلك كنا نضطر في كثير من الأحيان للعودة إلى المنزل. بعد ذلك توقفت عن الدراسة وبدأت بالعمل. كنا نتنقل من مكان إلى آخر، وكانت الإيجارات باهظة الثمن. وفي نهاية المطاف، لم يعد بإمكاننا تحمل تكاليف الانتقال واضطررت للتوقف عن الذهاب إلى المدرسة".

يحظر الدستور في سوريا تشغيل الطفل الذي لم يتم الـ ١٥ من عمره أو استغلاله اقتصادياً أو في أداء أي عمل خطير أو أي عمل يعيق تعليمه، أو أن يكون ضارّاً بصحته، أو بنموه البدني، والعقلي، أو الروحي، أو المعنوي أو الاجتماعي.

ليس التسرب الدراسي الكارثة الوحيدة التي تواجه أطفال سوريا، تقول وكالة أسوشيتد برس إن أطراف النزاع المسلحة قامت بتجنيد الأطفال طوال السنوات الـ١٢ الماضية. وأشار تقرير للأمم المتحدة حول الأطفال في النزاعات المسلحة، نقلته الوكالة، أن تجنيد الأطفال في سوريا يتزايد، حتى مع تراجع القتال في معظم أنحاء البلاد.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنَّ عدد الأطفال المجندين ارتفع خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أكثر من ١٧٠٠ طفل.

تعتبر اليونيسف أن النزاع أثر بشكل مدمر على تعليم الأطفال في سوريا، مشيرة في تقريرها لهذا العام إلى أن ٢،٤ مليون طفل لا يرتادون المدارس فيما يواجه ١،٦ مليون غيرهم خطر ترك التعليم.

وتحذر اليونيسيف أنه مع خروج نحو ثلث مدارس سوريا عن الخدمة وجراء نقص التمويل، فإنها ستحتاج إلى ٣٠ عاماً لتأهيل كافة المدارس المتضررة.

أدى الزلزالان اللذان وقعا في فبراير وآلاف الهزات الارتدادية التي تبعتهما إلى دفع أسر عديدة إلى ظروف شديدة الصعوبة، وتركت العديد من الأطفال دون مأوى أو إمكانية للحصول على الخدمات، بما في ذلك المياه والتعليم والرعاية الطبية، بالإضافة إلى تدمير الزلازل لأكثر من ١١٥ مدرسة.

ويُقدَّر أن تعليم ١،٩ مليون طفل قد توقَّف، بينما يكافح ملايين الأطفال والأسر لإعادة بناء حياتهم، إذ يحتاج ٣،٧ ملايين طفل في سوريا لمساعدة إنسانية مستمرة بحسب اليونيسف.