أمن
.
لم يعد تهريب المخدرات، وخصوصا حبوب الكبتاغون، من دول في الشرق الأوسط يقتصر على الطرقات المختصرة للوصول إلى الهدف، حيث أن هذه العمليات تتضمن مؤخرا إعادة توجيه مباشر للشحنات أو إرسال ملايين الأقراص بعد إعادة التعبئة داخل الاتحاد الأوروبي.
مخدر الكبتاغون انتشر بشكل متزايد في أوروبا
وعلى الرغم من الكميات الكبيرة من أقراص الكبتاغون التي تمر عبر الاتحاد الأوروبي، إلا أن الدول الأعضاء لم تبلغ عن استخدام داخلي مرتفع للمخدّر، فماذا يحصل تحديدا؟ ولماذا تستخدم أوروبا كبلد ترانزيت لهذه المخدرات، بعد تصنيعها في المنطقة، وقبل عودتها إلى الأسواق العربية مجددا؟
من جبهات الحرب المليئة بالدماء إلى الحفلات الفاخرة، مخدر الأمفيتامين المعروف باسم الكبتاغون، انتشر بشكل متزايد في أوروبا.
القارة العجوز تظهر كمركز جديد لتهريب الكبتاغون، وفقًا لتقرير نشره المركز الأوروبي لرصد المخدرات والإدمان (EMCDDA) ومكتب الشرطة الجنائية الألمانية.
تشمل عمليات التهريب إعادة توجيه مباشرة للشحنات، أو إعادة التعبئة داخل الاتحاد الأوروبي، وغالباً ما تشمل ذلك سوريين ولبنانيين مقيمين في دول الاتحاد الأوروبي، وفق ما جاء في التقرير.
على الرغم من الكميات الكبيرة من الكبتاغون التي تمر عبر الاتحاد الأوروبي، إلا أن الدول الأعضاء لم تبلّغ عن استخدام داخلي كبير لهذا المخدر، وفق التقرير.
وكالة رويترز كانت قد نقلت عن تقارير استخباراتية أن الكبتاغون ما زال يتم إنتاجه في مصانع صغيرة على طول الحدود اللبنانية السورية، وأيضاً في مصانع أكبر أقرب إلى الحدود السورية مع الأردن.
يقول الصحفي الاستقصائي عماد رشاد لـ"بلينكس إن "الفراغ السياسي والأمني الذي نشأ خلال الحرب الأهلية في سوريا وانهيار الاقتصاد الناتج عنه، خلق مساحة كبيرة للاقتصادات غير القانونية مثل الكبتاغون للازدهار".
بعد المبادرة المشتركة بين فرنسا وهولندا وألمانيا، اعتمد الاتحاد الأوروبي مجموعة جديدة من العقوبات المتعلقة بسوريا في أبريل الماضي. إذ تقرر وضع 25 شخصاً وثماني شركات على قائمة العقوبات الخاصة بالاتحاد.
وتستهدف القوائم الجديدة بشكل محدد الأشخاص والشركات المسؤولة عن إنتاج وتصدير الكبتاغون.
وأصبح المخدّر الآن أكبر منتج تصدير في سوريا بفارق كبير عن جميع منتجاتها القانونية مجتمعة، وفقًا لتقديرات استندت إلى البيانات الرسمية من وكالة فرانس برس. وتقدر أرباح الكبتاغون ما بين 3 و5 مليار دولار أميركي سنوياً.
كان الكبتاغون اسم العلامة التجارية لمادة دوائية تم إنتاجها في ألمانيا في ستينيات القرن الماضي لعلاج اضطرابات الانتباه.
النسخة غير القانونية - والملقبة أيضًا بـ"كوكايين الفقير" - يُعتقد أنها مصنوعة من مزيج من الفينيتيلين والكافيين ومواد أخرى. وهي معروفة بقدرتها على زيادة التركيز ومنع النوم.
تم إيقاف بيعه بشكل رسمي، ولكن تمت متابعة إنتاج نسخة غير قانونية من الدواء في شرق أوروبا، ومن ثم في دول عربية.
منذ عام 2014 أضحت سوريا مستهلكاً رئيسياً لهذا المخدر، وتقول صحف، منها فاينانشيال تايمز، إن مقاتلين، بما في ذلك مسلحي تنظيم داعش الإرهابي، كانوا يتناولون الكبتاغون للبقاء مستيقظين على الجبهات.
كميات كبيرة من الكبتاغون المصادرة داخل الاتحاد الأوروبي يعتقد أنها مُخصصة لإعادة توجيهها إلى منطقة الخليج، حسب تقرير المركز الأوروبي لرصد المخدرات.
وأبلغت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن حجز 127 مليون قرص، وطنين من المخدر.
وقد جرى أكبر حجز فردي لمليون قرص في ساليرنو، إيطاليا، في عام 2020.
وفي المقابل، أبلغت السعودية عن حجز بلغ 73 طناً من الأمفيتامين عام 2021، مقارنة بـ 18 طناً فقط عام 2016.
"هذه الأرقام تؤكد على الحاجة الملحة للاستجابة بشكل منسق لمكافحة تجارة وتهريب الكبتاغون عبر الاتحاد الأوروبي"، حسب التقرير.
يرى رشاد أن إعادة شحن الكبتاغون من سوريا إلى الخليج من خلال أوروبا يشكل تحدياً كبيراً لوكالات إنفاذ القانون، ويستدعي تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ويتابع في حديث مع "بلينكس": "التقرير إنذار للسلطات الأوروبية بضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لمنع أوروبا من أن تصبح بوابة لتهريب الكبتاغون والمخدرات غير الشرعية الأخرى".
بيانات حجز حديثة تم جمعها من قبل معهد نيو لاينز حول تجارة الكبتاغون لعام 2022، تشير إلى أن مروجين للمخدرات في سوريا يعتمدون بشكل متزايد على تهريبه عبر البر، ما يؤدي إلى إنشاء دول عبور جديدة لتجارة الكبتاغون وربما أسواق جديدة للمستهلكين.
وكشف تقرير المركز إلى نطاق أوسع لشبكات تهريب الكبتاغون بعيداً عن نظام سوريا وحزب الله اللبناني، حيث تشارك فيها مليشيات مرتبطة بإيران في العراق وشبكات إجرامية في تركيا تقوم بترويجه في أوروبا.
حتى عام 2022، اعتمد المهربون بشكل كبير على الشحن البحري عبر البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وعبر الطرق البرية عبر الأردن وصولاً إلى دول في الخليج. ورفعت السعودية قدرتها على الكشف في معابر الحدود البرية مع الأردن والموانئ البحرية.
وزاد المهربون أيضًا من استخدام تكتيكات التهريب المتقدمة، بما في ذلك إخفاء الأقراص داخل جثث أغنام ميتة بالقرب من مدينة القائم، واستخدام طائرة درون لنقل الأقراص فوق منطقة حدودية بالقرب من البصرة، وإخفائها بين شحنات المنتجات مثل صناديق الفواكه.
لم تسلم تركيا من تجارة الكبتاغون، حيث شهدت زيادة في عمليات التهريب خلال أوائل العقد 2000، قرب تركيا من البلقان وشبكاتها غير القانونية تعتبر ميزة جغرافية للمهربين في تجارة الكبتاغون للوصول إلى أسواق استهلاك جديدة.
ومع ذلك، حملات إنفاذ القانون وإغلاق الحدود مع سوريا في زمن الحرب أدت إلى تقليل تهريب الكبتاغون في أواخر العقد 2010 وأوائل العقد 2020.
فقد جرى حجز 2 مليون قرص في فبراير الماضي، من نوع "لكزس" في مرسين، وأعلنت السلطات التركية أن الأقراص كانت مخصصة للترويج داخل "بلدان أوروبية"، على الرغم من أن السلطات لم تحدد بلداً أو جهة محددة لعمليات الاستلام.
على الرغم من عدم وجود دلائل كبيرة على عدم وجود سوق مستهلك محدد، إلا أن الشبكات الإجرامية التي لها صلات قوية بتجارة الكبتاغون موجودة في أوروبا، وفق معهد نيو لاينز.
كشفت سلسلة من عمليات الحجز ومداهمات المستودعات والاعتقالات في ألمانيا واليونان والنمسا ورومانيا وإيطاليا منذ عام 2019، أن مروجّي مخدرات من سوريا ولبنان قاموا بإنشاء شركات وشبكات غير مشروعة مباشرة لتهريب الكبتاغون، وفق تقرير المعهد.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة