الوجود الفرنسي في السنغال.. جيل الشباب يطلب الطلاق

في اعتقاد المساعدة الاجتماعية فاتو، "لا يمكن خداع كل الناس كل الوقت" لأنه مع سهولة الوصول إلى المعلومات في العصر الحالي، بات الجميع أكثر وعيا بكيفية عمل فرنسا في مستعمراتها السابقة.

ويوافق لامين على موقف فاتو حيث قال إن "لدى شباب اليوم وعي سياسي كبير لأنهم يراقبون عن كثب ما تنوي الحكومة القيام به، ويشكلون آراء قوية".

وبزيادة مستوى الوعي، بدأ الشباب السنغالي يعبر عن صوته بشكل أوضح وبات يطالب "بالطلاق من فرنسا التي يعتقدون أنها تستنزف موارد بلادهم وتنصب قادة فاسدين ينفذون أوامرهم"، على حد قول فاتو.

ومن جهته، يحس مودو بالمرارة لأنه هو وعدد من المواطنين سئموا من كونهم "رعايا لفرنسا وكل الغرب". يقول لـ"بلينكس" إن فرنسا تتنكر على أنها تقدم مساعدات لأفريقيا في الوقت الذي لازالت تسيطر فيه على مواردها.

يضيف مودو "لقد أُجبر آباؤنا على التوقيع على وثائق ما يسمى بالاستقلال، وتشير المؤشرات في تلك الوثائق إلى أن الجزء الأكبر من مواردنا سيخضع لسيطرة فرنسا. الآن هدفنا الرئيسي هو استعادة الموارد التي تحتفظ بها فرنسا وأن نكون مسؤولين عن شؤوننا".

يرى مودو أن (المعارِض) عثمان سونكو على استعداد لقيادة البلد وتطلعات شبابه، ويعتقد "أن فرنسا تستخدم (الرئيس السنغالي) ماكي سال لمنع سونكو من أن يصبح الرئيس القادم، الأمر الذي من شأنه أن يساعد فرنسا على مواصلة مسار القمع".

كما أشارت الشابة السنغالية إلى أن الشعور المناهض لفرنسا ليس حديث العهد لأنه سبق وأن جسدته هجمات مجموعة من المتظاهرين في داكار عام 2021 على العديد من الشركات الفرنسية مثل المتاجر الكبرى لأوشان ومتاجر خدمات الاتصال أورانج، ومحطات البنزين توتال.

أما بالنسبة لداوودا، فيعزي سبب الشعور المناهض لفرنسا إلى دخول عدد متزايد من الشباب في دوامة البطالة. ويرى أن النماذج الاقتصادية للتنمية، التي تعتبر في كثير من الأحيان مفروضة مباشرة من النظام الفرنسي، تمنح مزايا للشركات الفرنسية للفوز بعدد من المشاريع في الغرب الأفريقي.

وتستفيد الشركات الفرنسية من الأسواق السنغالية كما يعيش الفرنسيون هناك حياة مترفة، لكن في المقابل يعاني السنغاليون المهاجرون في الديار الفرنسية من مشاكل اقتصادية واجتماعية كما أن المهاجرين الجدد غير مرحب بهم على الإطلاق، وفقا لما صرح به داوود ولامين.

وفي الحديث عن الديمقراطية، يقول داوودا إن الشباب الأفارقة يدينون قيام فرنسا بفرض نموذج للديمقراطية يصفونه بالمبهم ولا يخدم إلا مصالحهم ومصالح الزعماء الأفارقة.

تتواجد القوات المسلحة الفرنسية في عدة دول في غرب أفريقيا، لكن انعدام الأمن يتفاقم كل عام. ويخلص شباب هذه البلدان إلى أن هذه الجيوش الأجنبية ولاسيما الفرنسية استقرت بالسنغال لدوافع خفية. ويرجح داوودا أن وجود الجيوش هو لحماية المصالح الفرنسية فقط على حساب أمن الناس.

ويرى مودو أن هذا الشعور المعادي لفرنسا ليس شعورا عنصريا ضد المواطن الفرنسي، بل هو ضد النظام والسياسة الفرنسية في أفريقيا.

وتختم فاتو تصريحها بأن ليس جميع المشاكل التي تواجهها السنغال مرتبطة بالوجود الفرنسي حيث قالت "أنا شخصياً أعتقد أن فرنسا ليست مسؤولة عن كل مشاكلنا، ويجب ألا نستخدمها ككبش فداء. نعم هناك مشاكل تساهم فيها وجراء ذلك صارت تخسر فرنسا مواقعها في مختلف أنحاء أفريقيا، وكان ذلك متوقعاً لأن الناس بدأت تطالب الناس بشروط جديدة لعلاقات اقتصادية صحية".