"وجع الظهر وزي الرهبان".. كيف يهرب الأوكرانيون من الجيش؟

الشماس الذي لم تكشف السلطات عن هويته متهم "بإنشاء قوائم بأسماء المبشرين الذين كانوا يعتزمون السفر للخارج نيابة عن زعيم الأبرشية والمجتمع الديني، بهدف أن يصبحوا كهنة" بحسب جهاز الأمن الأوكراني SBU.

السلطات قالت إنها صادرت هواتفه وشرائح الاتصال وجهاز حاسوبه الشخصي ومبلغ كاش بالدولار، بينما تقول الغارديان بأنه يواجه عقوبة بالحبس قد تصل لتسعة سنوات إذا تمت إدانته.

قبل أسبوع من حادثة الرهبان المزيفين تلك، قال جهاز الأمن الأوكراني بأنه كشف عن فساد مستشرٍ تورطت فيه كامل قيادة اللجنة الطبية العسكرية في أوديسا.

السلطات الأوكرانية قالت إن اللجنة كانت قادرة على إصدار 20 شهادة طبية مزيفة في اليوم الواحد تقول إن حاملها غير مؤهل للخدمة العسكرية وبالتالي تسمح لهم بالتهرب من ساحة القتال والخروج من البلد. وأضاف جهاز SBU بأن تكلفة الشهادة الواحدة تراوحت ما بين 7 إلى ١٠ آلاف دولار.

رئيس اللجنة وسكرتيران تم اتهامهما رسمياً بتزييف الشهادات الطبية واعتقلت أجهزة الأمن خمسة أشخاص بتهم التهرب من الخدمة العسكرية.

القانون الأوكراني يُلزم أي رجل بالغ ومؤهل صحياً عمره ما بين 18-60 عام على الالتحاق بالخدمة العسكرية في أوقات الحروب إذا ما طلب ذلك بشكل رسمي.

وتقول الغارديان إنه في بداية الحرب، تطوع العديد من الرجال الأوكرانيين للخدمة، لذلك لم تكن هناك حاجة لتشديد قوانين الخدمة الإلزامية تلك وفرضها على نحو صارم.

لكن بعد مرور أكثر من عام ونصف على الحرب ومقتل آلاف الجنود والإرهاق الذي أصاب الرجال على الخطوط الأمامية، تنامت الحاجة لمجندين جدد ما دفع الجيش لتسليم أوراق التجنيد الإجباري للمارة في الشوارع.

ويعفى من الخدمة الإلزامية من يعيلون مادياً ثلاثة أطفال تحت سن الثامنة عشرة، أو الآباء الأرامل والمطلقين الذين لديهم أبناء تحت سن الثامنة عشرة، أو الآباء والحاضنين الذين لديهم أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

"إصابة خطيرة في العمود الفقري" هي أحد أكثر الذرائع شيوعاً بين المتهربين من الخدمة الذين يحصلون على أوراق طبية مزيفة للتمكن من مغادرة البلاد وفقاً لتقرير آخر للغارديان من أغسطس الماضي.

الصحيفة البريطانية قالت إنه عندما أراد رجل العبور بتلك الشهادة التي تبلغ تكلفتها نحو 5 آلاف دولار للفرد الواحد، قال له أحد الجنود على الحدود ساخراً "هذه المستشفى تحب إعطاء هذا التشخيص حقاً، أليس كذلك؟".

كما الحال مع مهربي طالبي اللجوء عبر البحر المتوسط، يوجد في أوكرانيا وسطاء أو سماسرة يتواصل معهم الراغبون والقادرون مادياً على الخروج من البلد ليقوموا بدورهم بتوفير ذريعة تمكنهم من مغادرة البلاد بشكل رسمي.

ويقدر عدد من هربوا من أوكرانيا وتخلفوا عن الخدمة بعشرات الآلاف منذ بدأ الحرب بحسب الغارديان. وأصبحت أوديسا في جنوب البلاد أحد أشهر المدن فيما يتعلق بالتهرب من الخدمة.

إيفان إيشينكو شاب أوكراني بلغ الثلاثين من العمر، تطوع للقتال في بداية الحرب لكن بعد شهر من المعارك، قرر الفرار من الميدان والخروج من البلد بحسب يورونيوز.

وفي يوم من الأيام، ترك إيفان موقع خدمته دون أن يخبر أحداً باستثناء والدته، وهو ما يعتبر جريمة قد يعاقب عليها بالحبس.

الشاب الأوكراني دفع مبلغ 5 آلاف دولار مقابل أن تقوم مركبة بلوحة قيادة حكومية باصطحابه للغابات الحدودية مع هنغاريا ومن ثم تسلل إيفان من فتحة في السياج وفر للناحية الأخرى.

ليس كل الشباب الأوكراني الذين يحاولون التسلل عبر الحدود وافري الحظ. حيث تقول السلطات الأوكرانية إنها اعتقلت أكثر من 13 ألف رجل في سن القتال حاولوا العبور إلى خارج حدود أوكرانيا بطرق غير رسمية، بالإضافة إلى أكثر من ٦ آلاف رجل في عمر القتال حاولوا الخروج من البلاد بأوراق مزورة.

هناك جدال قائم في أوكرانيا إذا ما كان التخلف عن الخدمة العسكرية يعد "خيانة وعار" أم أمراً ضرورياً للبعض. المقاتلون على الجبهة هم الأكثر سخطاً تجاه من تخلفوا عن الخدمة وتركوهم وحدهم لدفع الروس عن الأقاليم المحتلة. لكن بعض المتهربين عن الخدمة يرون بأن ما فعلوه ضروري لحماية وإعالة عائلاتهم.

مثلاً، الشاب الأوكراني بوغدان مارينينكو خرج من بلده بشكل قانوني دون الحاجة للتسلل أو أوراق مزورة وفقاً ليورونيوز. فأهله أرسلوه لبولندا قبل إتمامه عامه الثامن عشر بيومين فقط وطلبوا منه ألا يعود مجدداً مهما حصل.

وبينما التحق والده في صفوف المقاتلين، بوغدان وجد وظيفة كعامل بناء في بولندا ليوفر قوت عائلته التي تعتمد عليه الآن وهو بعد لم يتجاوز التاسعة عشرة من العمر.

في شهر أغسطس الماضي، أقال الرئيس الأوكراني جميع القادة العسكريين المسؤولين عن مراكز التجنيد في جميع الأقاليم الأوكرانية في خطوة لفتت الأنظار.

بحسب وكالة رويترز، فإن زيلينسكي اتهم المسؤولين عن التجنيد، بالفساد والتربح من مناصبهم ومساعدة بعض الرجال على التخلف عن الخدمة، وأعلن فتح 112 قضية جنائية بعد اكتشاف فضيحة رشوة في مركز للتجنيد في أوديسا.

زيلينسكي قال مخاطباً الشعب الأوكراني "يجب أن يدير هذا النظام أشخاص يعرفون بالضبط ما هي الحرب ولماذا تعتبر الأنانية والرشوة أثناء الحرب خيانة".

اضطرت روسيا للتعبئة في سبتمبر من العام الماضي من أجل سد الفجوة على الجبهة وهو ما أدى إلى فرار ٣٧٠ ألف شاب من البلاد في الأسبوعين الأولين من الإعلان، بحسب نيوزويك.

محاولات موسكو للتغلب على عجز الجنود امتدت أيضا إلى خارج الحدود حيث أغرقت مواقع الإنترنت في كازاخستان بإعلانات تروج لإغراء الكازاخ من أجل التعاقد مع الجيش الروسي ليحصلوا على ما يوازي ٥ آلاف دولار في المقابل إضافة إلى راتب بالروبل يصل إلى حوالي ٢٠٠٠ دولار وفق رويترز.