كيف تعالج روسيا الأخطاء العسكرية؟

في الـ٢٤ من فبراير للعام ٢٠٢٢، بدت روسيا وكأنها على الطريق لتنفيذ خطتها التي داهمت بها الحدود الأوكرانية على مساحة شاسعة، كان من شأنها أن تشل قدرة الطرف الآخر على المقاومة.

تلك المساحة الشاسعة التي بدأ منها الهجوم، تحولت إلى نقطة ضعف، حيث فتحت روسيا أربع جبهات ميدانية: الشمال باتجاه كييف، والشمال الشرقي باتجاه خاركيف، والشرق والجنوب من شبه جزيرة القرم.

تلك الجبهة كانت بحاجة إلى خطوط إمداد قوية، إلا أنها لم تكن كافية حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، ووفقا لتقديرات خبراء عسكريين. وباستخدام قواعد "نسبة القوة" كان على روسيا توفير ٢٠ جندي لكل ١٠٠٠ نسمة من سكان أوكرانيا، أي حوالي ٨٨٠ ألف جندي بشكل عام.

ما حدث هو أن روسيا خسرت حوالي ٢٧٠ ألف جندي ما بين قتيل وجريح أثناء تلك الحرب. ووفقا لتحليل نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فقد الجيش حوالي ٥٠٪ من فاعليته القتالية.

على المستوى الميداني، تشي شهادات جنود روس وقعوا في الأسر أن معنويات الجيش ربما لم تكن متسقة تماما مع أهواء القيادة السياسية، كما أن الأفراد لم يحظوا بتأهيل ملائم لعملية غزو واسعة المدى.

قيل لبعض الجنود إنهم في الطريق للمشاركة في مناورة عسكرية، بينما قيل لآخرين أنهم سوف ينتقلون لمنطقة الدونباس الشرقية.

ماحدث بعد ذلك لم يكن فقط مواجهات عسكرية مباشرة لكنها طويلة الأمد أيضا، ففي حين ظنت موسكو أن المسألة الأوكرانية سوف تُحسم خلال بضعة أسابيع وستبقى الحرب مجرد "عملية عسكرية"حسب إحدى تقارير مجلة تايمز، امتدت المواجهات الحامية على مدار أشهر، فيما لم تستعد القيادة بخطة طويلة المدى.

أدى غياب التخطيط لمعاناة القوات، التي تُركت دون إمدادات مناسبة أو سلاسل قيادية ثابته، حتى مع تطوير تلك السلاسل، ظلت المعركة الروسية الجديدة تعاني بشكل ما، مع ذهنية قتال سوفيتية بالأصل، تجعل الأهداف السياسية في الأولوية على نظيرتها الميدانية، ومن ثم لا يُنظر لمبادرات القادة على الخطوط الأمامية.

تجلت تلك الذهنية في التعامل مع مدينة باخموت كهدف رئيسي للكرملين رغم قيمتها الاستراتيجية المحدودة.

بعض الدعم الذي حصلت عليه أوكرانيا أيضا من الغرب لم يكن إيجابيا لروسيا، خاصة بعد حصول كييف على أنظمة مدفعية شديدة التقدم، كأنظمة HIMARS الأميركية، وتتمكن من الوصول إلى العشرات من مستودعات الذخيرة والإمدادات التي اعتادت روسيا أن تُبقيها بالقرب من خطوط المواجهة في الفترة الأولى من القتال.

بعد الخسائر المكلفة، تعلمت روسيا، فعلى سبيل المثال، أقدمت على إبعاد المواقع القيادية ومخازن الذخيرة عن تلك الخطوط الأمامية الخطرة، ومن ثم تجنبت خسائر HIMARS الثقيلة، لكنها على وشك مجابهة تحد جديد بمجرد أن تحصل أوكرانيا على صواريخ أتاكمز التي يصل مداها إلى ٣٠٠ كيلومتر.

تحاول روسيا أيضا الآن إبعاد طائراتها المقاتلة من مصائد الدفاع الجوي الأوكراني، بعد أشهر من محاولة تحقيق حُلم السيادة الجوية الذي كلفها حوالي ٧٥ طائرة.

في الوقت الذي ارتدّت فيه موسكو للوضع الدفاعي أمام الغزو الأوكراني المضاد في أكثر من موقع، بدأ الجنود الروس يعطون أولوية للدفاع، بعد تشييد الخنادق والحصون لحمايتهم، فيما عززت روسيا من اعتمادها على ضربات الطائرات المسيرة.