انتخابات أوكرانيا.. مَن ينافس "رئيس الطوارئ" على منصبه؟

نظريا، على أوكرانيا الاستعداد الشهر القادم لموسم الانتخابات الحافل، قوائم انتخابية وصناديق اقتراع ومجلس نواب تتغير وجوهه بما يوافق المزاج الشعبي الحالي، إلا أن الشعب والحكومة على حد سواء ينظرون جهة الشرق، حيث يندلع القتال مع القوات الروسية التي دخلت البلاد في فبراير ٢٠٢٢.

بصرف النظر عن الأجندة الداخلية للحكومة الأوكرانية التي تعمل في ظل الأحكام العرفية ومن ثم يحظر الدستور إقامة انتخابات على أراضيها، تتعرض البلاد لضغوط خارجية لإقامة الانتخابات في موعدها، خاصة من شخصيات أميركية مثل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي زار أوكرانيا الشهر الماضي، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

كان ذلك أثناء زيارة وفد من الكونغرس الأميركي، وقبل أن يتم اجتماع الرئيس بالوفد، صرح غراهام أثناء مؤتمر صحفي أنه قد حان الوقت لأوكرانيا أن تأخذ الخطوة المُقبلة وتطور الديمقراطية، أي "تُجري انتخابات العام ٢٠٢٤"، مصيفا "أريد لهذا البلد أن يحظى بانتخابات حرة وعادلة، حتى ما إذا كان يعترض لهجوم".

أما تايني كوكس، رئيس الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي، فقد قارن من قبل الوضع الأوكراني بإجراء تركيا لانتخابات في أعقاب زلزال مدمر، مدللا على أن الأمر ممكن، بيد أنه عدل من رأيه لاحقا ليستبعد إقامة الانتخابات في ظل الأحكام العرفية.

لا يُخفي الرئيس الأوكراني تردده بشأن إمكانية إقامة الانتخابات في موعدها، شأنه شأن العديد من المسؤولين الآخرين في كييف، تساءل الرئيس سابقا في تصريحات إعلامية: "كيف يمكن للجيش والمواطنين في الخارج التصويت؟ اشرحوا لي الآلية".

مسؤولون أوكرانيون آخرون يرون أن تجربة إجراء الانتخابات قد تكون عسيرة، في ظل وقوع خمس مساحة البلاد بين يدي الروس، مع آلاف المقاتلين على الجبهة وملايين من الذين اضطروا لهجر ديارهم في سبيل الأمان.

لكن هاجسا آخرا لاح في الأفق، وهو تقويض الأمن الداخلي للبلاد وإحداث فرقة في الاصطفاف القائم منذ بداية الغزو الروسي في العام ٢٠٢٢.

ويخشى مسؤولون أوكرانيون أن يُصبح ثمن إجراء الانتخابات في موعدها، هو خسارة الحرب.

بعد قرابة عامين من اندلاع القتال، تبدو شعبية فولوديمير زيلينسكي أفضل مما كانت عليه قبل الحرب، خاصة وأن الرئيس لم يحسن تقدير الخطر القادم من جهة الشرق في العام ٢٠٢١ حتى أن شعبيته انخفضت في فترة من الفترات إلى ٢٨٪ في استطلاع محلي بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

لكن زيلينسكي تمكن من استعادة رصيده المفقود، خاصة مع قراره البقاء في كييف رغم القصف، وأحاديثه المسائية اليومية للشعب، التي مكنته من الاستحواذ على رضى بعض من نقاده السابقين.

في يناير الماضي، وصلت نسبة تأييد زيلينسكي لـ ٩١٪ بحسب استطلاع رأي عبر الهاتف، أجراه المعهد الديمقراطي الوطني، وهو مؤسسة غير ربحية وغير حزبية تعمل على تعزيز المعايير والقيم الديمقراطية حول العالم.

استعادة الرئيس الأوكراني لعافيته في قطاع استطلاعات الرأي، لا يعني بالضرورة مرور الانتخابات المقبلة، في حال إقامتها، دون منافسة تذكر، إذ أن هناك مجموعة من الأسماء التي تحظى بدورها بتأييد شعبي، ويُرجح أن تشكل بدائل محتملة للرئيس الأوكراني.

وفقا لاستطلاع المعهد الديمقراطي الوطني، يحظى الجنرال فاليري زالوزني، القائد الأعلى للقوات الأوكرانية بتأييد تصل نسبته إلى حوالي ٨٧٪، بينما يحظى الكوميديان الناشط في المجتمع المدني، سيرهي بريتولا بنسبة تأييد ٨١٪.

أما السياسي وعمدة كييف فيتالي كليتشكو فتصل نسبة تأييده لـ ٦٥٪.

• الجنرال فاليري زالوزني

حصل الجنرال على منصب القائد الأعلى للقوات الأوكرانية في يوليو من العام ٢٠٢١ ويُشتهر بكونه قائد طموح وعصري، ويُعزى إليه تخطيط وتنفيذ الهجوم الأوكراني المضاد حسب هيئة الإذاعة البريطانية.

ولكن في الوقت ذاته تفيد تقارير المركز البحثي فيسيغراد انسايت، أن الصحافة وخاصة الروسية عادة ما تتطرق لخلافات مزعومة بين الجنرال و الرئيس زيلينسكي، إلا أن قائد القوات نفى أن تكون له أي طموحات سياسية حاليا، مؤكدا أن العبور من المرحلة الأوكرانية الدقيقة يعتمد على التعاون بين السلطة العسكرية والمدنية.

• الممثل الكوميدي سيرهي بريتولا:

يأتي بريتولا من خلفية شبيهة بزيلينسكي ذاته إذ أن دوره في المجال العام بدأ كـ "كوميدي" لكنه تحول للعمل في القطاع المدني بعد الغزو الروسي، وبالتحديد جمع التبرعات من أجل جهود الدفاع الأوكرانية وهؤلاء المتأثرين بـ"العدوان الروسي" حسبما يوضح موقعه الإلكتروني.

ويشير موقع فيسيغراد إنسايت، أن بريتولا تمكن من جمع ما يوازي حوالي ٨٨ مليون يورو من أجل الجيش الأوكراني.

• الملاكم فيتالي كليتشكو:

في الأصل ينتمي كليتشكو لحلبة الملاكمة لكنه تخلى عنها في العام ٢٠١٣ من أجل الانخراط في العمل السياسي، وكان من بين قادة التظاهرات التي شغلت ميدان الاستقلال آنذاك.

انتُخب السياسي من قبل في البرلمان أيضا واضطلع لفترة برئاسة حزب التضامن التابع لبترو بوروشينكو رئيس أوكرانيا السابق، لكنه تخلى عن إدارة الحزب بسبب منصبه الحكومي كعمدة/ حاكم لكييف.

وبحسب الموسوعة البريطانية عادة ما كانت علاقة زيلينسكي وكليتشكو مضطربة حيث اختلف الثنائي حول حكم كييف، لكن تلك الاختلافات تراجعت منذ بداية الغزو الروسي، وساهم كليتشكو في الدفاع عن المدينة.