منذ اندلع القتال في البلاد إبريل الماضي، تواجه عناصر الإنتاج في السودان تحديات، يذكر خبراء بحسب وكالة فرانس برس أنها تشكل نمطا من "تفكيك الصناعة".

من بين القطاعات المتأثرة بالطبع القطاع الزراعي، الذي يساهم بـ 40% من أجمالي الناتج المحلي ويوفر 80% من الوظائف في السودان، بحسب الأمم المتحدة.

البلح يأتي في مقدمة المنتجات المتأثرة، إذ أنه يشكل غذاء يوميا في السودان، كما في الكثير من الدول العربية، ويعتبر ن المنتجات الحيوية بالنسبة للاقتصاد، فالسودان يحتل المرتبة السابعة على قائمة منتجي البلح في العالم ويوفر 460 ألف طن منه كل عام، وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

ولكن في جميع أنحاء البلاد الآن، يعجز المزارعون عن الحصول على تمويل، كما يعجز التجار عن تصريف بضاعتهم في الأسواق، أما شركات الصناعات الزراعية الكبرى فقد توقفت عن العمل.

في مايو الماضي على سبيل المثال، أعلنت مجموعة حجار للصناعات الزراعية، وهي أكبر مصدر للوظائف في السودان، تعليق أنشطتها واستثماراتها في البلاد، بينما يواجه الذين يواصلون العمل تحديات هائلة.

من بين المتأثرين بضغوط الحرب على الزراعة، حذيفة يوسف وهو أخصائي أشعة في العشرينيات من العمر.

رسم يوسف لنفسه مسارا تعليميا ومهنيا خاص، يتضمن الدراسة في الهند، والانضمام لتخصص بعيد تماما عن الزراعة، إلا أن الحرب أجبرته على خوض طريق جديدة غير مضمون النتائج، إذ اضطر الشاب للتخلي عن حلم الدراسة في الخارج وحتى العمل في العاصمة الخرطوم التي أصبحت مسرحا للقتال، واتجه شمالا وانضم لأسرته للعمل في حصاد البلح مقابل أجر متواضع.

إلا أن المخاوف لا تبارحه وسائر المزارعين الذين يعملون معه، حيث يخشون ألا يتمكنوا من تسويق منتجاتهم في النهاية.

يرتبط جزء من متاعب التسويق باختفاء السوق من الأساس، إذ أن العاصمة الخرطوم اعتادت أن تكون مركز التجارة في سنوات ما قبل الحرب، غير أن المعارك غيرت بنية الاقتصاد الضعيف أصلا ودمرت العاصمة التي كانت تمثل رئة السودان الاقتصادية.

يقول الفاتح البدوي من بلدة كريمة سالفة الذكر، أنه ينتظر الحصول على إجابة نهائية على أحجية التسويق، فوفقا لوجهة نظره يلتزم المشترون الحذر الآن، فيقول: "كنا نبيع الجزء الأكبر من انتاجنا في الخرطوم بسبب قربها الجغرافي وبسبب الطلب الكبير فيها. ولكن مع الحرب لم يعد ذلك ممكنا".

يرى المزارع، الجراح أحمد علي أن مساعدة الدولة السودانية ضرورية للحصول على نوعية جيدة من الإنتاج، ومن ثم يأمل الرجل الأربعيني أن تستثمر السلطات في مصنع حفظ التمر في كريمة.

إلا أن الدولة منخرطة في متاعب أخرى غير متصلة بقطاع الزراعة، فعلى سبيل المثال لم تُدفع رواتب الموظفين منذ خمسة أشهر، ويجد السودان صعوبة في توفير الغذاء الأساسي لسكانه منذ فقد الموردين الرئيسيين للقمح بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وفي بلد كان قبل الحرب من بين أكثر دول العالم فقرا، بات قرابة ستة ملايين سوداني على شفا المجاعة، حسب تحذيرات الأمم المتحدة.