الصحفيون في غزة.. استهداف جسدي و"Online"

من الحوادث التي طاولت الصحفيين، مقتل الصحفي محمد أبو حطب، و11 فردا من عائلته في قصف جوي أصاب منزله في خانيونس جنوب القطاع.

وفي قصف مباشر، قُتلت عائلة مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح.

وضمت قائمة الصحفيين المستهدفين طاقم تلفزيون فلسطين وجريدة وفا التابعين للسلطة الفلسطينية بالإضافة لصحفيي قناة وراديو الأقصى وصحيفة الرسالة وراديو الشباب وقناة فلسطين اليوم وقناة المنارة وفريق لسنا أرقاماً.

قال صحفيون في غزة إن مهمتهم أصبحت مستحيلة والخطر على حياتهم لا يمكن تفاديه. لذلك، معظمهم يلبثون في كبرى المستشفيات مثل مستشفى الشفاء ويبثون تقاريرهم منها أملا في الاحتماء من القصف والمدفعيات الإسرائيلية.

وردت الاتهامات بحق صحفيين في غزة، بداية، من قبل منظمة Honest Reporting التي يصفها إسرائيليون بمنظمة "بروباغندا" دعائية إسرائيلية. وذلك بعد نشرها لتقرير مطول لاتهام بعض أبرز الصحفيين في غزة لكنها لم ترجع لأي منهم ليردّ على الاتهامات.

وقالت منظمة "تقارير صادقة" إن الصحفيين حاتم علي، وعلي محمود، ويوسف مسعود، وحسن اصليح، كانوا "مغروسين" وسط عناصر حماس في وقت الاقتحام، وهو ما استخدمته المنظمة للإيحاء بأن أولئك كانوا على علم مسبق بالهجوم وتستروا على نيات حماس.

الصحفيون الـ٤ التي ذكرتهم المنظمة كانوا من أنشط الصحفيين في انتاج التقارير المصورة ونقل الأخبار عن غزة، واستعانت بهم كبرى الصحف والقنوات التلفزيونية العالمية مثل نيويورك تايمز وأسوشيتد برس وسي إن إن.

وجادلت المنظمة أيضا أنهم لم يرتدوا ملابس صحافة مميزة أو خوذ ودروع عليها كلمة Press وهو ما اعتبرته المنظمة مخالفة لقواعد المهنة.

حساب إسرائيل الرسمي على تويتر تعمد استهداف الصحفي، حسن اصليح، الذي برز اسمه كأحد أكثر الصحفيين المحليين انتشارا في غزة.

نشرت إسرائيل مقطعا مصورا له أمام دبابة إسرائيلية محترقة خلف سياج غزة، ونشرت أيضا صورة أخرى له جمعته برئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار واصفة السنوار بالعقل المدبر لهجوم حماس يوم الـ٧ من أكتوبر.

وأما الصحفي عاميت سيجال فنشر مقطع فيديو قال إنه لحسن وهو على ظهر دراجة نارية وادعى سيجال بأن المقطع يظهر حسن وهو يحمل قنبلة يدوية. ولم تظهر صورة الصحفي اصليح في ذلك المقطع.

بالتحقق من مقطع الفيديو، تبين أنه كان هناك 3 ركاب مدنيين على تلك الدراجة النارية، وأن الرجل الأوسط أمام مصور الفيديو هو من كان يحمل تلك القنبلة.

نفى حسن اصليح في حديث لموقع بلينكس جميع ما تداولته التقارير الإسرائيلية، قائلا إنه "لم يكن لديه أي علم مسبق بنية حماس مهاجمة إسرائيل ولم يقتحم السياج وسط عناصر الحركة الحاكمة للقطاع".

روى اصليح أنه استيقظ صباح يوم الـ٧ على أصوات الصواريخ محلية الصنع التي أطلقتها حماس تجاه إسرائيل ولم يكن يدري ما الذي يحدث، فخرج لسطح منزله في خانيونس لتصوير ما يحدث، وأرسل مقاطع الفيديو لوكالة أسوشيتد برس. ثم اتجه لبرج الفرا في وسط خانيونس للتصوير مرة أخرى من دون علم باقتحام حماس للسياج.

وأرسل اصليح صورا توثق وجوده على أعلى ذلك البرج الساعة 7:23 صباحا، ليثبت من خلالها أنه لم يكن مرافقا لمجموعات حماس المقتحمة.

بعد ذلك، توجه الصحفي الفلسطيني الشاب للمنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل ليتفاجأ بقيام مجموعات من الناس بكسر الجدار الفاصل واجتيازه.

ونفى اصليح أن تكون له أي علاقة بحركة حماس، وأن صورته مع السنوار تعبر عن كونه صحفيا فلسطينيا تحتم عليه وظيفته الاتصال وفتح خطوط مع قادة الفصائل الفلسطينية المختلفة لنقل صورة الأحداث بدقة.

أصابت الحملة الإسرائيلية الصحفيين بالخوف الشديد على حياتهم. فحسن سارع لنشر رسالة قال فيها "أتعرض حاليا لحملة تحريض كبيرة على وسائل الإعلام الإسرائيلية وذلك بعد تغطيتي الحرب المتواصلة على غزة". وأضاف "إزاء هذا التحريض الإعلامي الممنهج تجاهي أحمل الجهات المعنية المسؤولية واحذر من استهداف الأطقم الصحفية ووكالات الأنباء العاملة والمحلية في قطاع غزة".

أثر هذا التوتر والخوف على قدرة الصحفيين المستهدفين على العمل ميداني خشية أن يتم استهدافهم بشكل مباشر.

وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وعضو كابينت الحرب، بيني غانتس، قال: "الصحفيون الذين تبين أنهم كانوا على علم بالمجزرة، ومع ذلك اختاروا الوقوف متفرجين بينما يتم ذبح الأطفال، لا يختلفون عن الإرهابيين ويجب معاملتهم على هذا النحو".

وقال عضو الكنيست عن حزب الليكود بوعاز بيسموث: "الصحفيون كانوا متواطئين في جرائم الإرهابيين النازيين في الدقائق الأولى من المذبحة - وهو أمر لا يمكن تصوره!" وأضاف: "يجب أن يدفعوا الثمن مثل إرهابيي حماس" على حدّ وصفه.

أوضحت وكالة أسوشييتد برس أن "الصور الأولى التي تلقتها من أي صحفي مستقل تظهر أنها التقطت بعد أكثر من ساعة من بدء الهجمات. لم يكن أي من موظفي الوكالة على الحدود وقت الهجمات، ولم يعبر أي من موظفي الأسوشيتد برس الحدود في أي وقت".

ولكن الوكالة أضافت أنه رغم ذلك فإنها "لم تعد تتعامل مع حسن اصليح، الذي كان يعمل معها بشكل مستقل في بعض الأحيان معها ومع غيرها من المؤسسات الإخبارية الدولية في غزة".

من جهتها، نفت رويترز تلميحات منظمة أونست ريبورتينغ بأنها ومؤسسات إخبارية دولية أخرى كانت على علم مسبق بالهجوم.

وقالت رويترز، ردا على مقال أونست ريبورتينغ وما أورده مسؤولو الحكومة الإسرائيلية لاحقا من ادعاءات "تنفي رويترز بشكل قاطع أنها كانت على علم مسبق بالهجوم أو أنها وضعت صحفيين مع حماس في السابع من أكتوبر".

وأضافت "حصلت رويترز على صور من مصورين مستقلين يقيمان في غزة وكانا على الحدود في صباح يوم السابع من أكتوبر، ولم تكن لها علاقة سابقة بهما. والصور التي نشرتها رويترز التقطت بعد ساعتين من إطلاق حماس صواريخ على جنوب إسرائيل وبعد أكثر من 45 دقيقة من إعلان إسرائيل أن مسلحين عبروا الحدود".