إيران واليورانيوم.. تخصيب دون رقيب

وفقاً لواحد من تقريرين سريين للوكالة الدولية للطاقة الذرية -اطلعت عليهما رويترز- خصّبت إيران كميات من اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60%، وهو مستوى يقترب من درجة نقاء تكفي لتصنيع 3 قنابل نووية. وتقول القوى الغربية إن التخصيب لهذه النسبة المئوية ليس له استخدام مدني.

وجاء في التقريرين أن المخزون مستمر في الزيادة، إذ وصل المخصب منه بنسبة 60% من 6.7 كيلوغرام إلى 128.3 كيلوغرام، منذ التقرير الأخير في 4 سبتمبر، وذلك رغم أن إيران تنفي باستمرار رغبتها في امتلاك أسلحة نووية.

وهذا يزيد على 3 أمثال الكمية البالغة 42 كيلوغراماً التي تُعد -حسب تعريف الوكالة الدولية للطاقة الذرية- كافية نظريّاً لصنع قنبلة نووية إذا تم تخصيبها بدرجة أكبر. وتبلغ درجة النقاء المطلوب تخصيب اليورانيوم إليها لتصنيع الأسلحة النووية نحو 90%.

أغضبت طهران الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر بسحب تصاريح العمل من بعض أكثر مفتشيها خبرة، ما يعني منعهم عملياً من العمل داخل أراضيها.

ولم يحظ اتفاق تم التوصل إليه في مارس لإعادة تركيب معدات مراقبة، تشمل كاميرات أُزيلت العام الماضي بطلب من إيران، إلا بتنفيذ جزئي.

وأشارت الوكالة إلى أن طهران تواصل عرقلة مراقبة عملها.

يأتي ذلك في الوقت الذي لا تريد واشنطن التصعيد فيه، رغم نشرها حاملتي طائرات في المنطقة، وطائرات حربية في شرق البحر المتوسط في رسالة تحذيرية لإيران، لعدم التدخل في الحرب الدائرة حالياً بين إسرائيل وحماس.

واكتفت الولايات المتحدة بمطالبة الجماعات المسلحة المدعومة من إيران بالتوقف عن استهداف قواتها.

بعد فشله في إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018، فلا مجال الآن أمام الرئيس جو بايدن حتى لدراسة الوصول إلى "تفاهم" غير رسمي، للحد من أنشطة طهران النووية، في ظل احتدام الصراع وتصاعد التوتر في المنطقة.

وقال دبلوماسي أوروبي كبير: "هناك نوع من الشلل خاصة بين الأميركيين. لأنهم لا يريدون صب الزيت على النار".

وأي مفاوضات بهدف الوصول إلى "تفاهم" مع إيران ستتطلب تقديم واشنطن تنازلات، مثل تخفيف نظام العقوبات الصارمة المفروضة على طهران مقابل الحد من أنشطتها النووية.

يبدو أن مثل هذه الخطوة غير واردة الآن، بعد أن شنّت حركة حماس المدعومة من إيران هجوماً في السابع من أكتوبر على إسرائيل. وقال البنتاغون إن جماعات مسلحة مدعومة من طهران في المنطقة شنّت منذ ذلك الحين عشرات الهجمات على القوات الأميركية والتحالف الدولي في العراق وسوريا.

على الصعيد الداخلي، تقيّد الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي لم يبقَ عليها سوى عام واحد، إدارة بايدن في المضي قدماً في التفاوض مع إيران. وقد يستغل ترامب، الذي يبدو في الوقت الحالي أنه سيكون المنافس الأرجح لبايدن، أي تعامل مع طهران ويصوّره على أنه ضعف.

وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية روبرت أينهورن: "في الأجواء الحالية من غير الممكن سياسيّاً السعي إلى تسوية مع إيران بشأن المسألة النووية".

وأضاف أن "الجدل السياسي لن يدور حقاً حول التفاوض مع إيران، وإنما سيكون حول مواجهتها".

هدّدت قوى غربية في سبتمبر بإصدار قرار ملزم يأمر إيران بالتراجع عن مسارها.

وقال 4 دبلوماسيين، إنه من المستبعد التوصل إلى قرار الآن، لأن من الضروري تجنّب التصعيد الدبلوماسي والنووي مع إيران في الوقت الذي ينصب فيه الاهتمام على الصراع بين إسرائيل وحماس.

وذكر الدبلوماسيون، أنه من المرجح أكثر في الوقت الحالي التحرك بصورة أقل صدامية، مثل إصدار بيان شديد اللهجة لكنه غير ملزم.

وقال دبلوماسي أوروبي بارز: "لا يمكننا أن نستصدر قراراً. إذا مررنا قراراً فسيخاطر ذلك بدفعهم (الإيرانيين) صوب الحافة للتخصيب إلى 90%".

وأشار أحد الدبلوماسيين لـ"فرانس برس": "من السابق لأوانه القول ما إذا كانت إيران ستصبح دولة نووية، أم أنها ستبقى دولة على أعتاب ذلك كما هو الحال الآن. لكنها ستستمر في الوقت الحالي في التخصيب".