غزة تنتظر سفن النجاة.. هل يكفي الحل البحري؟

منظمة الأمم المتحدة، كررت تحذيراتها حول إمكانية وقوع مجاعة حقيقية في غزة، وطالبت بضرورة وقف إطلاق النار، من أجل إدخال المساعدات الإنسانية، وتوفير الغذاء.

الناس في غزة يبحثون عن الطعام في كل مكان، البعض يضطر إلى أكل العشب وأوراق الشجر، أو الأعلاف المخصصة لإطعام الحيوانات، إن وجدت، الأمر الذي يعكس حجم المأساة، والحاجة الشديدة لدخول الغذاء بأي طريقة.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، ظهرت مبادرات من أجل إدخال المساعدات عن طريق البحر، حيث تتمتع غزة بساحل يطل على البحر المتوسط، ومع تواتر الأنباء على سكان القطاع، بات الجميع ينتظر أول سفينة محملة بالغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية.

ينظر سكان غزة للسفينة الأولى، المحتملة، مثل "سفينة نوح" التي أنقذت كل من عليها وتمثلت في بداية جديدة، آملين أن تعقبها المزيد من السفن.

لفتت صحيفة، فايننشال تايمز، البريطانية عن سعي قبرص إلى شحن المساعدات عبر البحر، من بُعد 200 كيلومترا من غزة في شرق البحر المتوسط، وذلك من خلال رحلة قصيرة "تشن عبرها حربا على المجاعة الوشيكة في القطاع".

وتشارك في المبادرة الكثير من الدول، ليتم تشكيل طريقا بحريا متعدد الجنسيات من قبرص إلى غزة، وبدأ بالفعل الإعداد للسفينة الأولى برعاية منظمة وورلد سنترال كيتشن، التي يتوقع لها أن تصل غزة هذا الأسبوع بحمولة 500 طن من المساعدات، ما يعادل حمولة 25 شاحنة.

يتولى الجيش الأميركي مبادرة أخرى لإيصال المساعدات عن طريق البحر، ويخطط لبناء رصيف عائم على حدود غزة لتسهيل عملية استقبال شحنات السفن المحملة بالاحتياجات الإنسانية.

وأبحرت سفينة دعم لوجيستي تابعة للبحرية الأميركية، بالفعل، باتجاه غزة آتية من فيرجينيا بالمعدات الأولى منذ أيام، وستنضم دولة الإمارات، مع الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة إلى المبادرة التي ستحتاج إلى أسابيع قبل أن تبدأ عملها، وفق ما جاء في بيان.

لم تقف إسرائيل متفرجة على المبادرة البحرية الجديدة، وطالبت باحتفاظها بحق التفتيش الصارم في قبرص للمساعدات المتجهة إلى غزة، لكن مسألة تأمين وتوزيع المساعدات بعد وصولها ما زالت غير واضحة المعالم في الخطة البحرية حتى الآن.

لزيادة أطنان المواد الغذائية التي تدخل غزة يوميا، قامت بعض الدول بعمليات إنزال جوي للمساعدات، لكن هذه الطريقة أيضا لم تكن كافية لسد الفجوة.

ويمكن للشاحنة الواحدة أن تحمل ما بين 20 إلى 30 طنا من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهي الحمولة التي يمكن أن تنقلها 10 طائرات على الأقل، بالإضافة إلى التكلفة المرتفعة لتشغيل الطائرات مقارنة بالشاحنات.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمية، كارل سكاو، إن الإنزال الجوي للمساعدات هو الملاذ الأخير للسكان بعد تعثر دخول المساعدات بريا، لكنه أكد أنها ليست كافية لوقف الجوع في غزة.

كما أثبتت تجربة المساعدات الجوية إمكانية حدوث أخطاء تهدد حياة السكان في غزة، إذ قتل 5 فلسطينيين عن طريق الخطأ بسبب الإنزال الجوي للمساعدات، بعدما سقطت حمولة كان مقررا لها أن تفتح مظلتها قبل الهبوط لكنها فشلت.

لا يمكن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بريا سوى من خلال مصر عن طريق معبر رفح في شمال سيناء.

واتهمت إسرائيل مصر بأنها هي التي تغلق معبر رفح، ليرد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر بأن البلاد لم تغلق المنفذ البري مع غزة يوما واحدا منذ بداية الحرب، وحتى قبلها.

ويبلغ متوسط عدد الشاحنات التي تدخل يوميا إلى قطاع غزة 200 شاحنه فقط، بعدما كان العدد الذي يدخل يوميا قبل بداية الحرب 500 شاحنه محملة بالغذاء والوقود والاحتياجات الإنسانية.

وفي الوقت الحالي تحتاج غزة إلى 300 شاحنة على الأقل من أجل توفير احتياجاتها ومجابهة الجوع ونقص الدواء الذي يستشري في القطاع، بعد تشريد 80% من سكانه بسبب عمليات القصف وهدم المنازل والتهجير.

وبالإضافة إلى دخول الشاحنات، يحتاج الأمر إلى تأمين وحُسن توزيع، حيث تتعرض بعض الشاحنات للنهب، وتنتقل بعضها إلى السوق السوداء.

المساعدات البرية أيضا صاحبتها حوادث مروعة، أبرزها وقع في 29 من شهر فبراير الماضي، عندما مرت شاحنة إلى داخل غزة، ليتجمع حولها عدد كبير من الناس، وقتل خلالها نحو 112 مواطن فلسطيني كانوا ينتظرون حصتهم من الغذاء، وعرفت تلك الحادثة بمجزرة الطحين.

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الحادث بشدة عبر حسابه على إكس.