"بلد المليون مسلّح".. مسدسات تركية مهربة تغزو لبنان

تبيّن أن الشاحنة التي اشتعلت محمّلة بالزيوت في بلدة بسبينا – البترون، وكانت تحمل 304 مسدسات مهربة ومخفية فوق المحرك مع كمية من المماشط، وأوقفت مديرية المخابرات عددا من الأشخاص المشتبه في تورطهم بعملية التهريب، حسب ما قال الجيش اللبناني على منصة إكس.

وقد عمل الجيش على تفتيش الشاحنات الأخرى التي وصلت مع هذه الشاحنة على متن باخرة إلى مرفأ طرابلس، وتبين أنها تحمل مواد وبضائع مختلفة، ولم يُعثَر على أي أسلحة أو ممنوعات داخلها. وسُلمت المضبوطات، وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.

ما تبيّن هو أن هناك شخصا فلسطينيا يُدعى م.ي. لديه ارتباط بالباخرة التي حملت الشحنة، فيما تقول مصادر أمنية لبلينكس إن التحقيقات التي تجريها مخابرات الجيش تركّز حاليا على 3 أسئلة: لمن تعود هذه الأسلحة؟ كيف دخلت إلى المرفأ؟ وإلى أين كانت وجهتها؟

وتشير المصادر إلى أن الموضوع يتركز حاليا على معرفة ما إذا كانت الأسلحة قد وُضعت في حاوية شاحنة البترون انطلاقا من داخل طرابلس، إذ أن هناك فرضية مطروحة في التحقيقات الآن تقول إن الأسلحة لم تأتِ من خارج لبنان، بل كانت موجودة هنا وحملت ضمن الشاحنة لتهريبها.

حتى الآن لا معلومات لدى مدير مرفأ طرابلس، أحمد تامر، حول ما إذا كانت شحنة الأسلحة قد دخلت فعلا من المرفأ أو هي من الداخل اللبناني، ولفت تامر بدوره في حديث لبلينكس إلى أن مخابرات الجيش اللبناني تحقق لمعرفة مصدر الأسلحة.

وعن السكانر في مرفأ طرابلس، شدد تامر على أنه يعمل "بالطبع"، لكنه أوضح أن ما من مرفأ حول العالم يمكنه ضبط جميع الشحنات بشكل كامل، "فمرفأ طرابلس تدخله كل عام نحو 150 ألف شاحنة".

ولم يشارك تامر معلومات عن سابقات ضبط أسلحة مهربة في مرفأ طرابلس.

مسألة إدخال الأسلحة التركية إلى لبنان ليست جديدة، بل تفاقمت كثيرا خلال الأعوام الماضية.

وفي العام 2023، جرى ضبط شحنة من تلك الأسلحة داخل مرفأ طرابلس مصدرها تركيا، كما أوقف شخص يُدعى خ.ع.ي. لتورطه بإدخال شحنات من المسدسات التركية إلى لبنان.

مصادر أمنية تحدثت لبلينكس شرط عدم الكشف عن هويتها تقول التالي:

• تلك الأسلحة منتشرة بشكل كبير، لاسيما في شمال لبنان والبقاع، وسعرها يختلف بين منطقة وأخرى تبعا لـ"جودتها"
• عمليات التهريب تتم عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا
• هناك عصابات في لبنان متخصصة في تهريب وتلقي تلك الأسلحة، وهي على تواصل مع عصابات أخرى ناشطة في سوريا لديها الدور الكبير في تهريب الأسلحة من تركيا، خاصة بعد اندلاع الحرب السورية
• هناك تجار يحملون تراخيص رسمية في لبنان يستطيعون الإتيان بتلك المسدسات إلى لبنان عبر طرق عدة، ويشتركون في ذلك مع مهربين عبر منطقة وادي خالد في الشمال، أو عبر منطقة البقاع الشمالي والأوسط، شرق البلاد.

بلينكس تحدثت مع أحد الأشخاص الذين يشترون ويبيعون أسلحة تركية في جنوب لبنان، وطلب التحفظ عن اسمه، فقال إن "الطلب على تلك الأسلحة كبير من قبل الشباب بسبب ثمنها الرخيص"، ويضيف "هناك مسدسات تركية يبدأ سعرها من 150 وصولا إلى 300 دولار، وهذا السعر مناسب للكثيرين، ولهذا السبب يتم شراء هذا النوع من الأسلحة".

ويكمل "هناك مسدسات مثل الغلوك باهظة الثمن، في حين أن هناك أسلحة يجري تقليدها في لبنان إذ يتم صناعتها هنا بشكل كامل، فيما هناك مسدسات يتم التعديل عليها داخل مصانع محددة لتصبح مؤهلة للاستخدام وتحديدا من خلال رصاصة 7 أو 9 ملم".

ويضيف أن هذه المسدسات تكون رخيصة، وبعد التعديل عليها فإن أغلبها يصبح من دون رقم تسلسلي، الأمر الذي يسهل عملية البيع والشراء.

السلاح متفلت في لبنان، سواء أكان مسدسا تركيا أو غير ذلك.

ووفق معلومات حصلت عليها بلينكس من مصدر عسكري:

• هناك أكثر من مليون قطعة سلاح بحوزة المواطنين في لبنان، وذلك بمعزل عن السلاح الموجود لدى القوى المسلحة الرسمية أو الميليشيات المسلحة الأخرى
• يحق لكل مواطن بلغ الـ18 من عمره الحصول على ترخيص بحمل سلاح
• الغرفة العسكرية لوزارة الدفاع هي المسؤولة عن منح "ترخيص حمل السلاح" لسنة واحدة ويمكن تجديدها
• ترخيص بنادق الصيد يتم إعطاؤها من وزارة الداخلية استنادا للمادة 24 من قانون الأسلحة والذخائر
• خلال السنوات الـ5 الماضية، يُقدر متوسط عدد تراخيص "حمل" أو "اقتناء سلاح" الممنوحة للمواطنين بنحو 20 ألفا سنويا
• هناك تراخيص أخرى تحمل اسم عبارة "تسهيل مرور" يتم منحها من قبل مديرية المخابرات وأمن الدولة، ومن خلالها يتمكن حاملها من حمل السلاح وعدم التدقيق معه كثيرا من قبل الأجهزة الأمنية.

ماذا عن فوضى إعطاء الرخص؟ هذا السؤال أجاب عنه الخبير العسكري هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، وقال لبلينكس:

• حين تقوم وزارة الدفاع بإعطاء ترخيص، فإنها لا تنظر إلى مصدر المسدس والشركة المصنعة له
• في بعض الأحيان، يتم وضع رقم المسدس على الترخيص وتحديد نوع السلاح بشكل ظاهر
• هناك ترخيص يُمنع للمواطنين، وبموجبه يتمكن المواطن من حمل أي سلاح بموجبه بغض النظر عن رقمه ونوعه
• هذا الترخيص رائج كثيرا في لبنان، لكن لا يجب منحه إلا للذين لديهم صفة خاصة، مثل مرافق مسؤول كبير أو ضابط متقاعد
• هناك نوعان من التراخيص: الأول ويسمى "ترخيص حمل سلاح"، فيما الثاني هو "ترخيص اقتناء سلاح". النوع الأول يجيز لحامله وضع السلاح معه والتنقل به، فيما الترخيص الثاني يسمح لصاحبه باقتناء سلاح داخل منزله حصرا.