أمن
.
مجندة إسرائيلية تجبر طفلين في غزة على التعري بملابسهما الداخلية، والرقص أمام الكاميرا وتضحك في أثناء تصويرهما.
وجنود يجبرون أماً على خلع حجابها وجميع ملابسها عدا السروال الداخلي وإلا سيقتلون أطفالها، ثم يضربونها ويهينونها عندما رفضت، ويعتقلونها ليوم ونصف.
وآخرون يتحرشون بطفلة بعمر 17 عاما بعد إجبارها على التجرد من ملابسها، ويسخرون ويذلون رجال عائلتها لعدم قدرتهم على التدخل تحت تهديد السلاح.
تلك بعض الاعتداءات التي كشف عنها تقرير أممي جديد، الأربعاء، اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم جنسية بصورة ممنهجة، بالإضافة إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كالإبادة والتجويع المتعمد، واستهداف المدنيين بصورة مباشرة والاعتقال التعسفي وغيرها.
التقرير أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الأراضي الفلسطينية، المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان الأممي في جنيف.
التقرير المكون من 126 صفحة جاء ليوثق انتهاكات جسيمة ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة ما بين 7 أكتوبر و31 ديسمبر.
فما هي أبرز مخرجات التقرير؟ وكيف يوثق استخدام الجيش الإسرائيلي للعنف الجنسي كسلاح حرب "لعقاب وإذلال وتهديد" الفلسطينيين في غزة؟
لجنة تحقيق الأمم المتحدة وثّقت العديد من الحالات التي تعرّضت فيها النساء والبنات القاصرات في غزة لاعتداءات جنسية جسيمة على يد الجنود الإسرائيليين.
وشملت تلك الاعتداءات الإجبار على التعري والتجرد من الملابس والحجاب تحت تهديد السلاح، والمشي عاريات بالملابس الداخلية لمسافة طويلة، والتحرش الجسدي واللفظي، والإهانة والتحقير، والضرب والتعنيف والاعتقال التعسفي، وإجبار الرجال على مشاهدة نسائهم في تلك المواقف.
التقرير يقول إن الجيش يستخدم تلك الممارسات بشكل ممنهج واسع النطاق كجزء من سياساته الميدانية في الحرب، وأن تلك الأعمال تهدف إلى "عقاب وإذلال وترهيب" الفلسطينيين في غزة والانتقام منهم وكسر إرادتهم.
على سبيل المثال، وثقت اللجنة حالة في أوائل نوفمبر 2023 في شارع صلاح الدين في أثناء عمليات الإخلاء، عندما وصلت عائلة لكمين تابع للجيش الإسرائيلي فأجبر الجنود النساء والرجال والأولاد والبنات على خلع ملابسهم وإلقائها باتجاه الجنود والمشي وهم عرايا وأيديهم مرفوعة للأعلى.
وهددهم الجنود بأن أي شخص لا يمتثل لتلك الأوامر سيجري إطلاق النار عليه، وكان الرجال عراة تماماً في أثناء سيرهم وكانت النساء يرتدين ملابسهن الداخلية فقط.
واعتقل الجنود بعض الرجال عشوائياً والإبقاء عليهم دون ملابس، واستجوابهم لمدة طويلة وضربهم وصفعهم في أثناء الاستجواب بالإضافة إلى التهديدات بالقتل.
أحد أفراد العائلة أفاد بأن جندياً بصق عليه بعدما أجبره على التعري بصورة كاملة، واضطر لكظم غيظه ومواصلة السير لكيلا يقتلوه أو "يكسروا جميع عظامه"، على حد تعبيره.
النساء اللاتي أجبرهن الجنود على التجرد من الملابس يحاولن المقاومة بكل ما أوتين من قوة، لكن الجنود يضربونهن ويعتدون عليهن أو يحتجزونهن لفترات طويلة أو يهددوهن بقتل أبنائهن وذويهن إلى أن يستجبن للأوامر.
التقرير ينقل عن أحد شهود العيان قوله، إن الجنود الإسرائيليين أجبروه على مشاهدة العديد من قريباته يُجبرن على خلع ملابسهن تحت التهديد، وتُركن بملابسهن الداخلية دون حجاب لتغطية شعرهن.
ورأى العديد من النساء يتعرضن للتحرش الجنسي الجسدي على يد الجنود في أثناء تجريدهن من ملابسهن، بما في ذلك فتاة تبلغ من العمر نحو 17 أو 18 عاما.
وسخر الجنود من الرجال المجبرين على عدم التدخل تحت التهديد بالقتل وتحرشوا بهم، وأضاف الشاهد أنه رأى اعتداءً على امرأة حامل واعتقالها من قبل الجنود.
وتقول اللجنة الأممية، إنها تأكدت من مثل تلك الشهادات عبر التحدث إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وثقوا روايات متعددة مشابهة عن تعرض النساء للعنف والاعتداء الجنسي بالإضافة لهيئات أممية أخرى.
وقال التقرير، إنه في بعض من الحالات، جرد الجنود الذكور نساء من ملابسهن سوى الملابس الداخلية في أماكن عامة وأخضعوا تلك النسوة للمس أجسادهن.
وفي حادثة أخرى، أمر الجنود أماً لأطفال قصر بالتجرد من ملابسها في يوم 25 أكتوبر وأطلقوا الأعيرة النارية تجاههم، وكادت ابنتها تُصاب بإحدى تلك الرصاصات.
وأضافت الأم، أن الجنود ضربوها وهددوا بقتل أطفالها إذا رفضت خلع ملابسها، ثم فصلوا أطفالها عنها وأجبروهم على مواصلة السير بمفردهم وجردوا المرأة من ملابسها، وأهانوها وضربوها في أثناء التفتيش، وسمعت طلقات نارية جعلتها تعتقد أن الجنود قتلوا أطفالها ثم احتجزوها ليوم ونصف.
وروت امرأة أخرى، كانت تمر في شارع صلاح الدين، أن الجنود أوقفوها هي وآخرين، وأُجبر الرجال على خلع ملابسهم باستثناء الداخلية، وعصبت أعينهم وقيدت أيديهم وأرجلهم.
التقرير ينقل عن إحدى منظمات الدعم النفسي للنساء في غزة "خيار النساء هو بين العار والاعتداء، وربما الموت. الإجبار على خلع الحجاب له تأثير نفسي عميق على النساء، إذ تتفاقم الصدمة بسبب الخسارة والحزن الناجم عن الحرب على عكس أي شيء رأينه من قبل".
لجنة التحقيق الأممية تشير إلى أن الرجال والأطفال الفلسطينيين كانوا الأكثر عرضة بشكل غير متناسب للاعتداءات الجنسية على يد الجيش الإسرائيلي، سواء التعرية القسرية أو الإذلال الجنسي أو الاعتداءات والانتهاكات والتحرش الجنسي والشتائم النابية والتصوير بالكاميرا في أوضاع مهينة.
وقالت إنها وثقت شهادات العشرات، وتأكدت تلك المعلومات من قبل وكالات الأمم المتحدة وتقارير المجتمع المدني الدولي والفلسطيني.
كما وثقت مقاطع مصورة لتسعة حوادث على الأقل خلال أول شهرين في الحرب أظهرت مئات الرجال الذين تعرضوا للعنف الجنسي، ومن بين تلك الوقائع:
التقرير يسلط الضوء أيضاً على بعض وقائع السرقة الممنهجة والتدمير المتعمد لمراكز حقوق النساء، وذلك على النحو التالي:
أحد أبرز مخرجات التقرير الأممي هو أن الاعتداءات الجنسية على الفلسطينيين في فترة أكتوبر-ديسمبر 2023 لم تقتصر على جنود الجيش فقط، وإنما شارك مدنيون إسرائيليون فيها كذلك.
وسلط التقرير الضوء على مقاطع فيديو خرجت بعد السابع من أكتوبر توثق تعرية الإسرائيليين جثث فلسطينيين بالكامل وركلها والتبول عليها واستخدام ألفاظ عنصرية وجنسية نابية للنيل منها.
كما وثقت اللجنة إيقاف مستوطنين في الضفة الغربية ناشطين فلسطينيين مدافعين عن حقوق الإنسان ورجلا فلسطينيا من مجتمع بدوي وإجبارهم على التجرد من ملابسهم تحت تهديد السلاح وعصب أعينهم وتقييد أيديهم وضربهم بشدة والتبول عليهم والتقاط الصور لهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
تقرير الأمم المتحدة يأتي بعد أيام على كشف صحيفة نيويورك تايمز عن تعرض الفلسطينيين في معسكر اعتقال سدي تيمان للاغتصاب من قبل الجنود والمجندات الإسرائيليين.
نيويورك تايمز نقلت عن يونس الحملاوي، كبير ممرضين في مستشفى الشفاء، أن ضابطة أمرت جنديين برفعه والضغط على فتحة شرجه مقابل قضيب معدني مثبت على الأرض، وقال إن العصا اخترقته لمدة 5 ثوان تقريباً، ما تسبب في نزيف وتركه يعاني من "ألم لا يُطاق".
ونقلت الصحيفة عن مسودة مسربة من تقرير لوكالة الأونروا الأممية أن معتقلا فلسطينيا يبلغ من العمر 41 عاماً قال إن المحققين "أجبروني على الجلوس على شيء مثل قضيب معدني ساخن وشعرت بالنار"، وقال أيضاً، إن محتجزاً آخر "مات بعد أن وضعوا العصا الكهربائية في فتحة شرجه".
وفي شهر أبريل الماضي، وثقت صحيفة هآرتس شهادات مشابهة عن تعرض معتقلين فلسطينيين من الضفة الغربية للاغتصاب في السجون الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن الأسير المحرر عامر أبوهاليل، أن الجنود اقتحموا زنزانته ليلاً عدة مرات ليعتدوا عليه وعلى زملائه وفي بعض تلك المرات أجبروهم على التعري بالكامل من ملابسهم وضربهم وركلهم في أعضائهم التناسلية.
وفي إحدى المرات أجبر الجنود المعتقلين على التعري وصفّوهم فوق بعضهم بعضا في المطبخ واخترقوا فتحة شرجه بجرزة بعد ضربه وزملاءه بالهراوات والبصق عليهم وشتمهم.
ويتذكر الحملاوي أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصل بالكهرباء. وقال إنه تعرض للصدمة في كثير من الأحيان، لدرجة أنه توقف عن التبول لعدة أيام، مضيفا أنه أُجبر على ارتداء حفاضات فقط، لمنعه من تلويث الأرض.
وفي شهر فبراير وثق مقررون خاصون للأمم المتحدة تعرض أسيرتين فلسطينيتين للاغتصاب داخل المعتقل وتلقي أخريات تهديدات بالاغتصاب والعنف الجنسي.
وفي شهر مارس، قالت الطبيبة علياء خان إن طبيباً كندياً في غزة وثق شهادة أحد المسعفين عن تعرض سيدة للاغتصاب على أيدي الجنود على مدار يومين إلى أن فقدت القدرة على النطق.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة