تنبيهات مقابل تطمينات.. ماذا وراء تحذيرات السفارات في لبنان؟

مصدر مسؤول في وزارة الخارجية اللبنانية قال لبلينكس إنه لا معطيات جديدة حتى الآن بشأن التحذيرات التي صدرت عن السفارات وتحديدا الألمانية، واصفا مضمون ما أُعلن بـ"الروتيني"، ويندرج في إطار تنبيهات طبيعية يجرى إطلاقها دائما عند وجود احتمالات بحدوث توتر.

المصدر قال إن التنبيهات الواردة قديمة، لكن يجرى تحديثها دوريا عبر السفارات.

أما بشأن تحذيرات السفارة الألمانية حول هجمات ضد الفنادق، فقال المصدر المسؤول في الخارجية اللبنانية إنه لا معطيات حول ذلك.

بدورها، تقول مصادر أمنية لبنانية لبلينكس إنه لا ورود لأي معلومات استخباراتية جديدة تفيد بتحضيرات لهجمات ستطول الفنادق.

وعن خلفيات تلك التنبيهات المذكورة، توضح المصادر الأمنية التالي:

• التحذيرات بديهية وطبيعية خصوصا أن هناك سياحا أجانب يأتون إلى لبنان ويرتادون الفنادق.
• تلك الأماكن تُعد موائل أساسية للأجانب، وفي ظل التوتر القائم تحذر السفارات من إمكانية وقوع أحداث أمنية في محيطها في إطار طبيعي وعادي.

من جهته، تحدث الخبير الاستراتيجي هشام جابر عبر بلينكس واصفا تحذير السفارة الألمانية "الفضفاض" بـ"المشبوه"، وأنه ينبع من خلفيات سياسية.

جابر يقول إن روسيا مثلا حذرت مواطنيها من السفر إلى لبنان، لكنها في المقابل لم تلزم رعاياها بمغادرة البلاد. ويضيف "ألمانيا أطلقت تحذيرات مثيرة للرعب ووسعت النطاق لتتحدث عن هجمات إرهابية ستطول الفنادق والأجانب. وهذا يهدف لإثارة البلبلة التي تندرج في إطار الحرب النفسية ضد لبنان".

التحذيرات التي تأتي من السفارات تكون مقرونة بأرقام للاتصال في حالات الطوارئ، لكن بعضها "معطل".

مثلا، رقم الطوارئ للسفارة الألمانية في بيروت لا يتلقى أي مكالمة، وقد حاول مراسل بلينكس الاتصال به، كما حاول أيضا الاتصال على رقم السفارة نفسه، لكن لا مجيب.

في المقابل، تقول سيدة لبنانية-ألمانية في لبنان تحدثت عبر بلينكس شرط عدم الكشف عن هويتها، إن ما فُهم من التحذيرات، هو تجنب زيارة مناطق حزب الله، مثل جنوب لبنان، والضاحية الجنوبية لبيروت، وغيرهما.

وفق السيدة البالغة من العمر 53 عاما، فإنها باقية في لبنان كونها مع عائلتها، مشيرة إلى أنها تمارس أنشطتها بشكل طبيعي، لاسيما في بيروت.

النفي المرتبط بعدم وجود تحضيرات لهجمات إرهابية تطول فنادق كبرى أو أجانب، لا يلغي حقيقة وجود تحركات لخلايا مسلحة نائمة ضمن مناطق لبنانية عديدة، بحسب مصدر أمني لبناني طلب عدم الكشف عن هويته.

المصدر قال إن أبرز أماكن لتمركز هذه الخلايا هو مخيمات النازحين السوريين ومناطق أخرى.

وأشار إلى أن فرع الأمن الاستباقي اللبناني يتابع الملفات كافة ميدانيا واستخباراتيا وبشكل متواصل ومستمر، مؤكدا أن القوى الأمنية تتابع كل "المناطق الساخنة" في لبنان، لاسيما مخيمات السوريين والفلسطينيين، وجميعها موضوعة تحت الرصد.

وزير الداخلية اللبناني السابق مروان شربل أشار في حديث لبلينكس إلى أن القوى الأمنية مستمرة بتنفيذ حملات اعتقال وتوقيف جهات مشبوهة، موضحا أن الكثير من هذه الخطوات تبقى سرية وغير معلنة كي لا ينكشف أمرها ويفر مطلوبون آخرون.

شربل أوضح أن القوى الأمنية بسائر أجهزتها تعمل ليلا نهارا على متابعة أي جهات تسعى للإخلال بالأمن، موضحا أن هناك جهودا جبارة تبذل من العسكريين رغم تدهور قيمة رواتبهم وفي ظل الأجواء التي تثار عن إمكانية اندلاع حرب.

التحذيرات المتتالية التي توحي بتوتر الأوضاع تتزامن مع تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنقل فيه عن مسؤولين أميركيين قولهم إن سعي إدارة الرئيس جو بايدن، للحد من الاشتباكات الحدودية المتفاقمة بين إسرائيل وحزب الله، في جنوب لبنان يواجه رياحا معاكسة كبيرة بسبب صعوبة ترتيب وقف إطلاق النار في غزّة.

في المقابل تظهر في لبنان بوادر إيجابية عن إمكانية تراجع حدة التصعيد، ويتقاطع ذلك مع استمرار الحراك الدبلوماسي الهادف لذلك.

مصادر سياسية لبنانية مسؤولة قالت لبلينكس إن البلاد تلقت "تطمينات دولية" مؤخرا تفيد بأن أبواب التفاوض مفتوحة، وأن الحراك الأميركي لتهدئة الجبهة مع إسرائيل متواصل ولم يتوقف.

معلومات حصلت عليها بلينكس نقلا عن مصادر دبلوماسية بين لبنان وأميركا، تؤكد فحوى "التطمينات"، وتقول إن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أبلغ نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، خلال زيارة الأخير لواشنطن أن الولايات المتحدة لا تريد اندلاع حرب في لبنان، وبالتالي على تل أبيب تجنب ذلك.

بحسب المصادر، فإن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل حسم قرارها من حرب غزّة ووضع جنوب لبنان، لكي تحدد واشنطن في المقابل موقفها من أحداث المنطقة خاصة على صعيد الجبهتين المذكورتين.

المصادر قالت أيضا إن غالانت أبلغ أوستن أن إسرائيل بحاجة لمهلة 45 يوما لحسم وضع حرب غزّة، في حين أن الأمور بشأن جبهة لبنان ستبقى قيد البحث طوال المدة المذكورة.