قتل ومخدرات.. الأردن تحت صدمة "الجرائم المركبة"

تقول أستاذة علم الجريمة، الدكتورة خولة الحسن، في حديث مع بلينكس، إن معدلات الجريمة في الأردن ورغم ازديادها، فهي غير مرتفعة، مقارنة مع المشهد عالميا، ومقارنة مع مستوى الأمن والاستقرار الذي تعيشه البلاد.

وأضافت خولة: "لكن إذا أردنا إجراء مقارنة بين عام 2023 والذي قبله، فإن التقرير الإحصائي الجنائي للأمن العام، أوضح أنّ معدلات الجريمة انخفضت بما يقارب نصف درجة في العام الماضي، لكن إذا دققنا في هذا التقرير، سوف نكتشف أنّ جرائم القتل ازدادت، وهنا تكمن الخطورة".

وتابعت: "جرائم القتل في العام الماضي ازدادت بمقدار 16%، وبالتالي هناك نوعيات محددة من الجريمة زادت، إذ ارتفعت جرائم القتل العمد، وجرائم الأحداث كذلك ازدادت، ونربط هذه الزيادة بنتيجة انتشار المخدرات الآخذة بالازدياد منذ سنوات بشكل ملحوظ".

وعن أسباب زيادة جرائم القتل، فإن أستاذة علم الجريمة توضح في البداية أن قانون العقوبات الأردني رادع، مضيفة: "لكن علينا تغليظ عقوبة جرائم المخدرات، باعتبارها المحفز للجرائم الأخرى، ومن الأسباب القوية لجرائم القتل، الأوضاع الاقتصادية المعقدة التي تشكل ضغوطا نفسية على الفرد، إضافة إلى تغير المنظومة المجتمعية وفقدان الأسرة لدورها المؤثر، إذ تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من السيطرة على عقول الشباب".

وكشف التقرير الإحصائي الجنائي انخفاض الجرائم المرتكبة في الأردن خلال عام 2023، بنسبة 0.48%، مقارنة بالعام الذي سبقه 2022، وفي عام 2023 ارتكبت 22784 جريمة في المملكة، مقارنة بـ22895 جريمة في 2022، و20991 جريمة في العام 2021، و22187 جريمة في العام 2020، وبحسب التقرير، تتصدر الخلافات العائلية والأسرية مشهد جرائم القتل العمد، ومن ثم تأتي الخلافات الشخصية والدفاع عن الشرف والمشاجرات وغيره.

وفي حديث مع بلينكس، قال الخبير الأمني والقانوني، اللواء المتقاعد عمار القضاة، إن كل جرائم القتل تتميز بأنماط معينة، وظروف وملابسات ودوافع مختلفة في معظمها، لكن يجب الإقرار أن الخطر الأكبر حاليا، سواء في الأردن أو كل أنحاء العالم، هو انتشار المخدرات المرتبطة دائما بالسلوك العدواني للمدمن.

وأشار إلى أن آخر 8 جرائم قتل وقعت في الأردن، تقريبا لها علاقة مباشرة بتعاطي المخدرات، لافتا إلى أن انتشار المخدرات الكيميائية المصنعة، "تؤثر بشكل بالغ على الدماغ، وتسبب هلاوس سمعية وبصرية لمتعاطيها، وتتلف خلايا الدماغ، وتنشأ لدى المتعاطي نظرية المؤامرة، ليشك بمن حوله ويعتبرهم مخيفين ويهددون حياته، وبالتالي يدافع عن نفسه من خلال التخلص منهم بجرأة كبيرة، كما أنه من الثابت أن مدمن المخدرات قد يقتل أقرب الناس له"، وفقا للخبير الأمني.

ويعزو القضاة، الذي عمل مديرا لإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، ومديرا للأمن الوقائي سابقا، أغلب جرائم القتل إلى ارتباطها بالمخدرات، فهي بنوعيها المنشطة والمثبطة، تتحكم في سلوك المدمن، مضيفا: "رأينا جرائم قتل غير عادية، مثل الطعن المتكرر والتنكيل وقطع الرأس لأقرب الناس للمدمن".

وعن قانون العقوبات الأردني، يشير القضاة إلى أن جريمة القتل القصد مادة 326، حدد لها القانون السجن بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن 20 عاما، وتابع: "وإذا كان القتل عمدا، وفقا للمادة 328، فإن عقوبته الإعدام، فالعقوبات هنا رادعة، وإن كان تنفيذ عقوبة الإعدام معلقا بقرار سيادي، يبقى المتهم داخل السجن في هذه الحالة، وفي عام 2023 شهد الأردن 103 جرائم قتل، و314 جريمة شروع بالقتل".

وبيّن أنّ تزايد أعداد السكان في الأردن إلى 12 مليونا، يشير إلى أن نسبة جرائم القتل في حدودها الطبيعية، مشيرا إلى أن الوضع الجرمي مستقر وآمن، لكن التخوفات من تفشي المخدرات بسبب ارتباطها بأغلب الجرائم.

أصدرت مديرية الأمن العام في الأردن، بيانا حول جريمتي "الأحد الحزين"، وكشفت عن ملابسات جريمة شفا بدران، وجاء في البيان: "توصل فريق التحقيق في مسرح الجريمة إلى المتهم الأول في جريمة القتل، وهو حارس المبنى الذي شهد اشتعال النيران".

وقال البيان إن المتهم اعترف بقتل المغدور طعنا بعد خلاف جرى بينهما، ثم أشعل النيران في جثته وبمكان الجريمة، وتمت إحالة المتهم والقضية إلى المدعي العام لمحكمة الجنايات الكبرى في العاصمة الأردنية.

وحول الجريمة الأخرى في شارع الملك عبدالله، قالت المديرية إنها نجحت في القبض على شخصين أطلقا النار على أحد المواطنين، ما تسبب في وفاته على الفور، وما زالت التحقيقات جارية لكشف ملابسات الجريمة المروعة.

وأصدرت جمعية معهد "تضامن" الأردنية بيانا يكشف عن حصيلة جرائم القتل الأسرية خلال العام 2023، التي وثقت من خلال مرصد الجمعية، بناء على البيانات الرسمية لمديرية الأمن العام الدورية بعد كل جريمة.

وذكر المرصد أن جرائم القتل الأسرية، التي أُعلنت في 2023، بلغت 27 جريمة، نتج عنها 25 حالة قتل، من بينهم 16 أنثى و9 ذكور، مع وجود 3 محاولات قتل نتج عنها 5 إصابات.

وشهد العام الماضي انخفاضا طفيفا في عدد الجرائم التي وقعت داخل الأسرة، مقارنة بعام 2022، لكن الجرائم التي وقعت عام 2023 كانت أكثر عنفا ودموية، من ناحية نوع الجرائم والأدوات المستخدمة في تنفيذ الجريمة.