بسبب العجز عن خدمة السجون.. بريطانيا تطلق المجرمين إلى الشوارع

في يوليو، أعلنت وزيرة العدل البريطانية عن خطة مؤقتة لإخلاء سبيل 5500 سجين من سجون بريطانيا لـ"تجنب وقوع كارثة"، بحسب ما نقلت عنها صحيفة الغارديان البريطانية، في إطار خطة طوارئ لتجنب وصول سجون المملكة لنقطة الانهيار.

وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها بريطانيا عن أعداد السجناء التي تطلق سراحهم.

الدفعة الأولى من السجناء المشمولين بالقرار أطلق سراحهم الثلاثاء 10 سبتمبر، وعددهم 1750 سجينا، وذلك بعد قضائهم 40% من مدّة أحكامهم بحسب القرار.

كبير مفتشي السجون في بريطانيا تشارلي تايلور، حذر من تبعات القرار الذي قد يخلق فوضى كبيرة في المجتمعات البريطانية.

يقول تايلور لشبكة سكاي نيوز إن السجناء "لم يقوموا بالعمل الذي يتعين عليهم القيام به من أجل الخروج والنجاح في الخارج عندما يغادرون السجن".

وتبرر وزيرة العدل البريطانية شابانا محمود القرار بالقول "لقد ورثنا نظام سجون على وشك الانهيار. لم يكن هذا تغييرا أردنا القيام به، بل كان الخيار الوحيد المتبقي على الطاولة لأن البديل كان سيشهد انهيارا كاملا لنظام العدالة الجنائية".

وتضيف "كنا سنشهد انهيار القانون والنظام لأن المحاكم لن تكون قادرة على إجراء المحاكمات، ولن تكون الشرطة قادرة على تنفيذ الاعتقالات".

تبددت الآمال في أن يؤدي إفراغ ما يصل إلى 5500 مكان في السجون إلى إتاحة 18 شهرا قبل امتلائها مجددا، إذ وجهت اتهامات لمئات الأشخاص بأعمال الشغب ما يعني عودة الاكتظاظ في السجون سريعا.

ويقول مصدر قضائي رفيع المستوى، نقلت عنه صحيفة تلغراف البريطانية "إن خطة الإفراج المبكر لن تكفينا إلا لتسعة أشهر. هناك اعتراف بأن المدة تقلصت بسبب أعمال الشغب".

وقبض على نحو 1300 شخص بسبب أعمال الشغب في أغسطس، وتم توجيه الاتهامات إلى 800 منهم وسجن أكثر من 570 أو تقديمهم إلى المحاكم.

ومن المتوقع أيضا أن تضيف الزنازين الجديدة نحو 3500 مكان، إلى سعة السجون الحالية التي تقل قليلا عن 89 ألفا بحلول نهاية العام المقبل.

في أغسطس، أعلنت بريطانيا أنها ستستخدم إجراء طارئا لاحتجاز مثيري الشغب في زنازين مراكز الشرطة إلى أن تتمكن من إيجاد مكان لهم في سجونها المكتظة وذلك بعد أن ألقت الشرطة القبض على مئات من الأشخاص بسبب أعمال الشغب.

ويعني هذا الإجراء المؤقت أنه لن يتم استدعاء المشتبه بهم إلى المحكمة إلا عندما يتم التأكد من توفر زنزانة في واحد من أكثر من 100 سجن في جميع أنحاء البلاد. وحتى ذلك الحين سيتم احتجازهم في مراكز للشرطة.

كان ذلك القرار أوليا وعلى المدى القريب، أي قبل التفكير في إطلاق السراح مبكر الذي بدأ بالفعل.

أما على المدى الطويل، كشفت شبكة سكاي نيوز أن بريطانيا تأخذ بالاعتبار إرسال سجنائها لقضاء أحكامهم في دول بلقانية مثل إستونيا.

ويعتقد أن هناك أقل من ألف مكان متاح فقط لمساجين جدد في سجون بريطانيا.

لن ينطبق قرار الإفراج المبكر على محكومي الجرائم الجنسية وجرائم العنف الخطيرة والإرهاب وبعض القضايا المتعلقة بالعنف الأسري. وتقول الحكومة إنها أعلنت القرار في أقرب وقت ممكن لمنح خدمات المراقبة الوقت للاستعداد.

ويتزامن الإفراج الجماعي مع تقرير من كبير المفتشين يصف "صورة مدمرة" للحياة خلف القضبان مع "تصاعد في تعاطي الأودية غير المشروعة وإيذاء النفس والعنف"، بحسب سكاي نيوز.

ومن بين 32 سجنا تم تفتيشها، كان 30 سجنا "سيئا أو غير جيد بما فيه الكفاية" في توفير النشاط الهادف، وكان 60% منها مكتظا.

ووجد التقرير 30% من الذين غادروا سجن بيدفورد، لم يكن لديهم مكان يعيشون فيه في الخارج.

ويقول تايلور إن الإفراج المبكر عن السجناء يعني أن "بعضهم يخرجون بمشكلات صحة العقلية غير المعالجة، وتعاطي المخدرات وهذا يخلق المزيد من ضحايا الجريمة، والمزيد من الفوضى في المجتمعات".

الخطر ليس فقط على المجتمعات، إذ يعد الاكتظاظ قاتلا لبعض السجناء إلى جانب نقص الموظفين وهذه الحقائق تعني أن السجناء أكثر عرضة لخطر إدمان المخدرات وإيذاء النفس.

وبحسب التقرير، فارق 10 سجناء الحياة في مطلع العام في سجن بارك، كما تضاعف إيذاء النفس في السجن في العام الماضي من 1088 حادثة مسجلة إلى 2330.

وأحد هؤلاء كان ريان هاردينج البالغ من العمر 26 عاما إذ كان على بعد شهرين من إطلاق سراحه من سجن بارك عندما توفي بسبب جرعة زائدة على ما يبدو في يناير من العام الماضي، بحسب سكاي نيوز.

في الـ29 من يوليو، قتلت 3 فتيات في بلدة ساوثبورت شمال إنكلترا.

وجرى تحميل المسؤولية في الهجوم في بداية الأمر على مهاجرين مسلمين، وهو اتهام كاذب استند إلى معلومات مضللة عبر الإنترنت.

ووجهت الاتهامات بقتل الفتيات الثلاث منذ ذلك الحين إلى مشتبه فيه مولود بكارديف في ويلز.

ونتيجة لتلك الحادثة، اندلعت الفوضى في مدن في أنحاء إنكلترا وإيرلندا الشمالية إذ استمرت أعمال شغب أياما وشابها العنف والنهب وإضرام الحرائق عمدا، بالإضافة إلى هجمات عنصرية.

وسارعت السلطات بإلقاء القبض على كثيرين مع إصدار أحكام طويلة بالسجن بحق بعضهم.

وتعود آخر واقعة لأعمال عنف واسعة النطاق ببريطانيا إلى 2011 عندما أدى مقتل رجل من ذوي البشرة السمراء على يد الشرطة إلى اندلاع أعمال عنف في الشوارع لأيام.