في ضوء توترات المنطقة.. هل يعود التجنيد الإلزامي بالأردن؟

الشاب الثلاثيني الحجاج يتساءل "لماذا الآن أتت هذه الخطوة؟ في وقت جداً حساس، ومن الممكن أن يتم استدعاء الشباب للخدمة الإلزامية بأي وقت، ففي عام 2021 - 2022 تم تفعيل البرنامج واستدعي في ذلك الوقت الآف الشباب، في حقيقة الأمر فإن الإلزامية في الانضمام هي جوهر الخلاف".

من جهته، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية، د. أمين المشاقبة لبلينكس، أنّ عودة خدمة العلم لغاية الآن هو غير رسمي، وإنما تداولات بين المواطنين جاءت على خلفية تأجيل الخدمة، والكثير من دول العالم تنفذه ويتم توزيع الشباب الذكور والإناث للقوات المسلحة والمؤسسات المجتمعية والقطاعات الإنتاجية العامة والخاصة.

بين المشاقبة وهو سياسي ووزير أسبق، أنه من المهم التنويه أن هذا البرنامج مكلف جدا على الأردن، "مع العلم أنّه لدينا أعداد شباب هائلة تقارب 200 ألف شاب أردني تصل إلى عمر 18 سنة في كل عام، وتأتي الكلفة من ناحية الجهد والمال والتدريب فضلا عن توفير أماكن الإقامة المناسبة، ومنح الشباب مبالغ مالية شهرية، ومن هنا أعتقد أنه لن يتم تنفيذه في المنظور القريب رغم أهميته".

ويعد قانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية الحالي تشريع وطني ساري المفعول ولم يتم إيقاف العمل به، وأن تأجيل خدمة العلم لأي مجموعة من المكلّفين، يستند إلى نص قانوني صريح يعطي القوات المسلحة الأردنية الحق بأن ترجئ خدمة العلم للمكلّفين الذين لن تتمكن من استدعائهم للخدمة الفعلية.

فيما يلزم قانون خدمة العلم كل أردني ذكر بين الـ18 والـ40 بالخدمة مدة تتراوح بين سنة وسنتين، وينتقل بعدها تلقائيا إلى الخدمة الاحتياطية التي تمتد لـ5 سنوات لا يشترط فيها الخدمة الفعلية، ثم ينتقل تلقائيا ليصبح جزءا من الجيش الشعبي.

ويستثنى من الخدمة وحيد الوالدين، أو غير القادر صحيا على أداء الخدمة، أما التأجيل فيستفيد منه من يتابع الدراسة وعمره بين 18 حتى 28 سنة، أو من لا يوجد استيعاب لتعبئته في الجيش.

الباحث في الدراسات الاجتماعية، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، حسين خزاعي، يقول إن برنامج خدمة العلم يصقل شخصية الشباب في القضايا الوطنية المتعددة منها الولاء والانتماء، الحزم، إضافة إلى اللياقة البدنية، والعيش تحت مظلة الجندية من الإلتزام الشخصي والنظام بالتزامن مع خضوع المتدرب لدورات في الأسلحة والقتال بأشكال مختلفة تعزز قدراته.

خزاعي يشير لبلينكس إلى أن شعور الأردنيين بالقلق في حال عادت خدمة العلم، هو شعور طبيعي ينطلق من الأحداث المحيطة في الأردن من اضطرابات والتصعيد الذي تعيشه الدول غير المستقرة، فالأردن يقع في منطقة مشتعلة محفوفة بالمخاطر.

ويوضح أن الاستدعاء الإلزامي يحرك تساؤلات المواطنين، "فالبرنامج يعد ضرورة ولكن من المفضل أن يكون تطبيقه أكثر تنظيماً، وأن يكون قبل التوجه إلى الجامعات والمعاهد، وأن يخرج من الإلزامية إلى الخيارية، مع العلم أن هذا البرنامج سيكلف الدولة كثيراً"، وفق تحليله.

بدوره، لفت الخبير الاقتصادي حسام عايش، إلى أن تفعيل خدمة العلم الذي تم في حكومة د. عمر الرزاز في عام 2021، "كان هدفه المعلن تخفيض معدلات البطالة من خلال استيعاب القوات المسلحة لعدد كبير من الشباب، وفي ذلك الوقت تم طلب آلاف الشباب بين عمر 25- 29 وبعد ذلك توقف الأمر".

ويضيف "هذا البرنامج لن يعالج مشكلة البطالة وإنما عمل على تأجيل مطالبات الشباب بفرصهم في سوق العمل، مع الإشارة إلى أن معدل البطالة بلغ في الربع الأول من هذا العام، 21.4 %" وفق قوله.

وبين عايش لبلينكس أن الآفاق غير الواضحة في المنطقة، وبوصلة المحللين والسياسين الأردنيين تتجه بشكل واضح نحو التوصية بإعادة تفعيل خدمة العلم وتعزيز الاحتياطي، رغم أنّ الجيوش في العالم تتجه نحو تخفيض الأعداد في سبيل تحسين النوعيات.

ويقول "في الأردن نشكو من عجز الموازنة ومن المديونية العالية ومن أوضاع اقتصادية صعبة، فكيف لهم تحمل تكاليف وأعباء التجنيد لهذا المجتمع الذي به 2.2 مليون شاب وشابة في المجتمع الأردني، وهم من ولدوا بين عامي 1998-2007 و يشكلون خمس سكان الأردن"، يتساءل عايش.