أمن‎

أميركا وغسل الأموال.. عجز داخلي أم سياسة مزدوجة؟

نشر
Bouchra Kachoub

في أحد أيام أبريل 2021، ظهرت امرأة من جنسية كندية على الساحة المالية الأميركية، مدّعية أنها "أميرة" تربطها صلة قرابة بآخر ملوك رومانيا.

كما زعمت أنّ ثروتها تبلغ 5 مليارات دولار، اكتسبتها من استثمارات متنوعة في شركات النفط والغاز وقطاع التأمين والفن والعقارات الفاخرة.

برزت قصة "الأميرة" عندما سعت لفتح عدد من الحسابات المصرفية في أحد البنوك الأميركية العملاقة لإيداع جزء من "ثروتها" الكبيرة فيها.

ويبدو أنّ ثروة "الأميرة" أسالت لعاب موظفي بنك "مورغان ستانلي"، فتغاضوا عن التدقيق في هويتها كما يُفترض أن تقوم به أي مؤسسة مالية للتأكد من هويات عُملائها وشرعية مصادر ثرواتهم.

في حالات التعامل مع العُملاء الذين تتجاوز ثرواتهم ملايين الدولارات، تنص القواعد المصرفية عادة على إجراء مقابلات شخصية معهم للتعرف عليهم وربما مساعدتهم في إدارة أموالهم واستثمارها بشكل أفضل قبل المُضي قُدماً في فتح حسابات مصرفية لهم.

في حالة "الأميرة" المزعومة لم يجر معها البنك أي مقابلة شخصية أو حتى لقاء افتراضي، على الرغم من سهولة إجراء مثل هذه الاجتماعات بفضل التكنولوجيا الحديثة. وبعد أيام قليلة، وافق على فتح 4 حسابات مصرفية لها، بل وقدّم لها قرضاً بقيمة 100 مليون دولار.

لم تبدأ الشكوك تظهر لدى بعض موظفي البنك إلا عندما حاولت "الأميرة" تحويل أكثر من 50 مليون يورو باستخدام نظام قديم غير موثوق، عوض نظام "السويفت" الأميركي.

لم تكن حسابات "الأميرة" سوى 4 من بين أكثر من 46 ألف حساب، ضمن إدارة الثروات الدولية لمصرف "مورغان ستانلي"، التي تم تصنيفها في خانة "عالي الخطورة" فيما يتعلق بغسل الأموال، وفقاً لما كشفه تقرير استقصائي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

يدير قسم إدارة الثروات في مورغان ستانلي اليوم أكثر من 6 مليار دولار من أصول العملاء فاحشي الثراء (أ.ب)

هذا الكشف يسلط الضوء على جانب أعمق من المشكلة، إذ يعكس ضعف الضوابط التنظيمية للمؤسسات المالية في الولايات المتحدة، إلى جانب ازدواجية المعايير الأميركية. ففي الوقت الذي تقود فيه واشنطن جهوداً دولية صارمة لمحاربة غسل الأموال، تبدو بنوكها الكبرى نفسها متساهلة في تطبيق القواعد على الأثرياء والمستثمرين الأجانب، مما يُثير تساؤلات حول مصداقية النظام المالي الأميركي في التصدي لهذه الظاهرة.

في حديث مع موقع بلينكس، أوضح الخبير المالي والاقتصادي، حسين القمزي، أن "حجم الاقتصاد الأميركي وتعقيداته يجعلان من الصعب سد كل الثغرات مما يعطي فرصاً للمجرمين لاستغلال الوضع". وأضاف أن الوسائل التقليدية التي تعتمد عليها البنوك غالبا ما "تؤدي إلى تفويت بعض العلامات التحذيرية المهمة".

فلماذا تجاهل مورغان ستانلي التحقيق مع عملائه الأثرياء الذين صُنفت أصولهم على أنها عالية المخاطر فيما يتعلق بغسل الأموال؟

اعرف أكثر

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة