في ليلة 18 نوفمبر، على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ظهرت في سماء 6 ولايات أميركية طائرات مُسيّرة تجوب الليل بهدوء، بعضها منفردة وأخرى تتحرك في تشكيلات مُنسقة. بدأت هذه المشاهد بالقرب من مقاطعة موريس في نيوجيرسي، وسرعان ما امتدت إلى ولايات أخرى غرب الولايات المتحدة.
خرجت السلطات الأميركية لتطمئن الأميركيين، وشرحت طبيعة الأمر، لكن أميركيين لم يصدقوا ذلك وأطلقوا العنان لعدد من نظريات المؤامرة التي حاولت تفسير هذا الظهور للطائرات.
تشمل هذه النظريات افتراضات مثيرة للجدل مثل مشروع "بلو بيم"، Blue Beam، الذي يدّعي أن الحكومة تستخدم تقنيات متقدمة لإسقاط صور هولوغرامية، وانبعاثات إشعاعية من الطائرات لأغراض غير واضحة.
ولطمأنة الأميركيين القلقين وتفنيد هذه النظريات، عقد وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، مؤتمرًا صحافيًا الأحد في البيت الأبيض، حيث أشار إلى أن تعديل قواعد إدارة الطيران الفيدرالية في عام 2023 للسماح للطائرات المُسيّرة بالطيران ليلاً قد يكون وراء هذا الارتفاع في المشاهدات. وأكد سابقا في حوار مع شبكة سي إن إن أنه "لا توجد لدينا أدلة تشير إلى تهديد أو نشاط خبيث" مع وعد بالشفافية في حال ظهور أي تطورات مقلقة.
لكن نظريات المؤامرة استمرت.
فخرجت وزارة الدفاع الأميركية لتنفي بشكل قاطع الشائعات التي تزعم أن هذه الطائرات من منشأ إيراني. وقالت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ: "لا توجد أي سفينة إيرانية أو سفينة أم تُطلق طائرات مُسيّرة نحو الولايات المتحدة".
على الرغم من هذه التصريحات، أبدى الرئيس السابق دونالد ترامب معارضته بشدة لهذه التصريحات الرسمية، داعيًا إلى التحرك الفوري في منشور على منصته "تروث سوشيال"، متسائلا: "هل يُعقل أن يحدث هذا دون علم حكومتنا؟ لا أعتقد ذلك، إذا لم تُطلعوا الشعب على الحقيقة، أُسقطوها فورًا". فما هي حقيقة هذه الدرونز الصغيرة؟ وأين رصدت؟ وما هي نظريات المؤامرة التي يروج لها ويصدقها أميركيون؟ وماذا يقول عنها الخبراء؟ وكيف استجابت بعض الولايات والحكومة الفدرالية للتهديدات؟
اعرف أكثر
بدأت المشاهدات الأولى لما يعتقد أنها طائرات مسيرة في 18 نوفمبر قرب مقاطعة موريس، بولاية نيرجيرسي، حيث أكد عضو الجمعية الجمهوري بول كانيترا أن السكان لاحظوا مسيرات تحلّق كل ليلة منذ ذلك الحين، وغالبًا ما تظهر في تشكيلات جماعية. وبعد ظهورها في نيوجيرسي، رُصدت الدرونات في ولايات أخرى مثل نيويورك، وكونيتيكت، وبنسلفانيا، وماساتشوستس، وفرجينيا، وحتى في كاليفورنيا.
تفيد التقارير بأن الطائرات المُسيّرة حلّقت فوق مواقع حساسة، بما في ذلك مطارات وقواعد عسكرية، ما أثار قلق السكان والسلطات. وشملت المواقع التي رُصدت فيها الطائرات مطار ستيوارت الدولي في نيويورك، حيث أدى ذلك إلى إغلاق مؤقت للمدارج يوم الجمعة، إضافة إلى منشأة بيكاتيني آرسنال للأبحاث العسكرية ومحطة الأسلحة البحرية إيرل.
كما حلّقت الطائرات فوق مواقع استراتيجية حساسة، مثل جسر فيرازانو-ناروز، وقاعدة فورت وادزورث العسكرية التاريخية، ومرافق حيوية في منطقة ستاتن آيلاند، فضلاً عن ملعب جولف دونالد ترامب في بيدمنستر. وبسبب حساسية هذه المواقع، فرضت إدارة الطيران الفدرالية قيودا مؤقتة على الطيران فوق المواقع المتضررة.
نشرت شبكة إن بي سي تقريرا عن عدة نظريات مؤامرة مرتبطة برؤية طائرات مسيّرة غامضة في سماء نيوجيرسي وعدة ولايات أميركية أخرى. تشمل هذه النظريات:
مشروع بلو بيم
البحث عن مواد نووية
اختبار الدفاعات الأميركية
مراقبة الرئيس السابق ترامب
التلاعب في الشفافية الحكومية:
استجابت الولايات المتأثرة بظهور الطائرات المُسيّرة بجهود فردية لمواجهة هذا التحدي، حيث أعلنت ولاية نيويورك بقيادة الحاكمة كاثي هوكول عن نشر نظام متطور للكشف عن الطائرات بالتعاون مع السلطات الفيدرالية، مع الدعوة لإقرار قانون اتحادي جديد يمنح صلاحيات وموارد إضافية.
أما في كونيتيكت، فنشرت شرطة الولاية نظام كشف خاص للتحقيق في المشاهدات غير المصرح بها، خصوصًا في مقاطعة فيرفيلد. في بنسلفانيا، وجه الحاكم جوش شابيرو شرطة الولاية لاستخدام المروحيات لتحديد مصدر الطائرات وأغراضها بعد تلقي تقارير جدية.
في ماساتشوستس، أكدت الحاكمة ماورا هيلي تعاون شرطة الولاية مع شركاء محليين وفيدراليين لضمان الامتثال للوائح، وتم القبض على شخصين بعد اقتراب طائرة مُسيّرة من مطار لوغان الدولي.
أما في فرجينيا، فقد شدد الحاكم غلين يونغكين على التنسيق مع الشركاء الفيدراليين للتحقيق في التقارير، نظرًا لأهمية المواقع الحساسة في الولاية. وفي نيوجيرسي، أكد وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس نشر الحكومة الفيدرالية موارد إضافية، بما فيها أفراد وتقنيات، لدعم جهود شرطة الولاية في مواجهة الظاهرة.
أكد وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس أن الحكومة لا تمتلك أدلة على وجود نشاط خبيث أو تهديد، وأوضح أن بعض المشاهدات الأخيرة قد تكون ناتجة عن أشخاص يقلدون الظاهرة بعد انتشارها في الأخبار.
وأشار مسؤولون من مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن المشاهدات غالبًا ما تكون نتيجة لسوء تفسير ظواهر طبيعية مثل الكواكب أو الطائرات المأهولة، مضيفا: "يمكنني أن أؤكد من خلال خبرتي المباشرة في تنفيذ العمليات لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكذلك التحقيقات المتعلقة بمشاهدات مشتبه بها للطائرات المُسيّرة فوق البنية التحتية الحيوية، أنه كان من الشائع جدًا أن يتم الخلط بين الكواكب أو الطائرات المأهولة أو حتى الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض والطائرات المُسيّرة أثناء الليل".
وسجلت إدارة الطيران الفيدرالية 791 ألفا و597 طائرة مُسيّرة حتى الآن، مقسمة بين الاستخدام التجاري والترفيهي، وتُستخدم هذه الطائرات في مجالات متنوعة تشمل التصوير، الزراعة، وإنفاذ القانون.