درونات رينو وأسلحة قطاع السيارات.. عمالقة فرنسا تتجه للتسليح
في خطوة تعكس التحول الجذري في السياسة الصناعية والدفاعية الفرنسية، أعلنت شركة رينو الفرنسية أنها تلقت طلباً من وزارة الجيوش الفرنسية للمشاركة في مشروع تصنيع طائرات مسيّرة عسكرية، في خطوة تعكس التوجه المتسارع الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون نحو "اقتصاد الحرب"، والذي أعلنه منذ خطابه في يونيو 2022، بحسب
لوموند.
وأكدت رينو أن "اتصالات جرت بالفعل، لكن لم يُتخذ أي قرار بعد، بانتظار توضيحات إضافية من الوزارة"، مشيرة إلى أنها ستتعاون في هذا المشروع مع شركة دفاع فرنسية صغيرة.
وبحسب ما نقلته شبكة فرانس إنفو، من المحتمل أن تُقام خطوط الإنتاج في أوكرانيا، "على بعد عشرات أو مئات الكيلومترات من الجبهة".
تأتي هذه المعلومات تأكيداً لتصريحات وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو، الذي أعلن في 6 يونيو عبر قناة LCI عن شراكة "غير مسبوقة" بين شركة تصنيع سيارات فرنسية كبرى وشركة دفاع محلية لإنشاء خطوط إنتاج للطائرات المسيّرة داخل أوكرانيا.
وأوضح لوكورنو أن هذه المسيّرات، التي لم يُحدَّد نوعها بعد، ستُستخدم في المقام الأول من قبل الجيش الأوكراني، "لكن الجيش الفرنسي سيستفيد منها أيضاً لتدريبات عملياتية وتكتيكية تعكس واقع الميدان الأوكراني".
وأضاف أن أوكرانيا تملك خبرة تتفوق فيها على فرنسا في ابتكار المسيّرات وتطوير العقيدة العسكرية المرتبطة باستخدامها، مؤكداً أن باريس ستستفيد من تجربتها الميدانية في هذا المجال.
وأشار إلى أن أوكرانيا تعتزم استخدام أكثر من 4.5 ملايين طائرة مسيّرة بحلول عام 2025، في حين لا يمتلك الجيش الفرنسي سوى بضعة آلاف فقط.
حتى اليوم، اقتصر التعاون بين قطاع السيارات الفرنسي والدفاع على عمليات محدودة، منها استحواذ شركة Europlasma على "مسبك بريتاني" لتحويل إنتاجه من قطع غيار السيارات إلى أغلفة قذائف.
لكن الشراكة المحتملة بين رينو وشركة الدفاع هذه ستكون الأولى من نوعها منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وتفتح الباب أمام المزيد من التعاون الصناعي بين قطاعات مدنية وعسكرية.
ومن المتوقع الإعلان عن تعاون مشابهة خلال معرض باريس للطيران في لوبورجيه، الذي ينطلق في 16 يونيو.
في المقابل، يسعى مصنعو السيارات إلى فتح أسواق جديدة في ظل تراجع المبيعات، بينما تحتاج شركات الدفاع، التي اعتادت على الإنتاج المحدود قبل اندلاع الحرب، إلى الاستفادة من خبرات القطاع المدني في التصنيع على نطاق واسع وبكلفة أقل.
وجاء في دراسة لمكتب الاستشارات "رولان بيرغر" في مايو الماضي، أن "شركات الدفاع يجب أن تستفيد من خبرات قطاع السيارات في المعادن المشغولة وتقنيات التجميع بكميات ضخمة، لتقليص اختناقات الإنتاج، وخفض التكاليف، وزيادة الطاقة الإنتاجية".
تسريع الإنتاج.. هدف استراتيجي للجيش
وهذا التوجه يتماشى مع رغبة المديرية العامة للتسلح (DGA) في إنتاج أنظمة تسليح بكميات كبيرة وبسرعة أكبر، وبكلفة أقل. وقال مديرها العام إيمانويل شيفا في يناير الماضي: "لا يمكننا الاستمرار بالأسلوب التقليدي في التعاون مع صناعات الدفاع. في عام 2025، ستنطلق مشاريع جديدة بالتعاون مع القطاع المدني".
وأشار شيفا إلى أن شركات السيارات تملك تقنيات تصنيعية لا تعرفها الصناعات الدفاعية ولا الشركات الصغيرة التابعة لها، نظراً لكلفتها العالية.
في نهاية عام 2024، أطلقت المديرية دعوة لتقديم أفكار تتعلق بإنتاج ذخائر مسيّرة تُدار عن بعد، بكميات كبيرة وفي فترة زمنية قصيرة. وأعلنت المديرية استعدادها لتبسيط الإجراءات وتسريع المشتريات وتخفيف بعض الشروط التقنية لتفادي التكاليف الزائدة.