أمن‎

تسونامي كامتشاتكا يهزّ الإنذار الرقمي.. العالم في سباق مع الموج

نشر
blinx
ضرب زلزال هائل بقوة 8.8 درجات سواحل شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا فجر الأربعاء، مُطلقاً العنان لإنذارات تسونامي اجتاحت حوض المحيط الهادئ من اليابان إلى كاليفورنيا.
هذا الزلزال، الذي وصفته صحيفة واشنطن بوست بأنه من بين أقوى ستة زلازل تم تسجيلها على الإطلاق، لم يوقظ المجتمعات الساحلية على وقع صفارات الإنذار فحسب، بل أيقظ أيضاً شريط ذكريات مؤلمة لكوارث سابقة مثل تسونامي سومطرة عام 2004 وزلزال اليابان عام 2011 الذي أفضى إلى كارثة فوكوشيما النووية، كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز.
وفيما كانت الموجات تعبر المحيط بسرعة طائرة نفاثة، وفقاً لخبراء، كانت السلطات في هاواي واليابان والساحل الغربي للولايات المتحدة تخوض سباقاً مع الزمن، وسط مشاهد إخلاء وازدحام وتساؤلات حول مدى فعالية أنظمة الإنذار المبكر التي كلفت المليارات.
فهل نجحت التكنولوجيا في طمأنة السكان أم أنّ الواقع كشف عن فجوة مقلقة بين التحذير الرقمي والاستجابة البشرية على الأرض؟

اعرف أكثر

ما الذي جعل زلزال روسيا من بين الأشد عالميًا؟

يُصنف الزلزال الذي ضرب كامتشاتكا بأنه الأقوى منذ عام 2011، حين تسبب زلزال بقوة 9.1 درجات بكارثة تسونامي في اليابان.
ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، تمت مراجعة قوة زلزال، الأربعاء، ورفعها تدريجيًا من 8.0 إلى 8.8 درجات، وهو إجراء شائع في الزلازل الكبرى بسبب الطاقة الهائلة التي تصدرها والتي يصعب قياسها بدقة في البداية.
وتوضح لوري دينغلر، الأستاذة الفخرية في جامعة كاليفورنيا بوليتكنيك، أن شدّة الزلزال قد تزيد قليلًا مع تحليل المزيد من البيانات.
وأوضح براندون شَك، أستاذ الجيولوجيا في جامعة ولاية لويزيانا، أن الزلازل التي تفوق 8.0 درجات تحدث مرة كل عام تقريبًا، لكن زلزالًا بهذه القوة يحدث مرة كل عقد.
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أنّه إذا تمّ تأكيد القوة عند 8.8 درجات، فسيحتل المرتبة السادسة كأقوى زلزال مسجل، وهو مرتبط بكوارث مدمرة مثل زلزال سومطرة عام 2004 الذي تسبب في أعنف تسونامي في التاريخ، وزلزال اليابان عام 2011 الذي أودى بحياة أكثر من 19 ألف شخص.
تعود قوة الزلزال التدميرية، بحسب ما نقلته واشنطن بوست عن عالمة الزلازل دي نينيس، إلى كونه ضحلًا نسبيًا، حيث وقع على عمق 12.5 ميلاً (نحو 20 كم) فقط.
وأوضحت أن "العمق مهم جدًا عند الحديث عن الأضرار" لأنه يؤثر بشكل مباشر على حجم الدمار على السطح.
وقد وقع الزلزال في "منطقة اندساس" تنزلق فيها الصفيحة التكتونية الهادئة تحت صفيحة أميركا الشمالية، وهي نفس المنطقة التي شهدت زلزالًا بقوة 9.0 درجات عام 1952.

كيف انتقلت الموجات من روسيا إلى هاواي وكاليفورنيا؟

عندما يقع زلزال بهذه القوة الهائلة على عمق ضحل تحت المحيط، فإن الانزلاق العنيف للصفائح التكتونية يؤدي إلى ارتفاع قاع البحر فجأة، مما يزيح كمية هائلة من المياه فوقه، وهو ما يسبب التسونامي، كما شرحت عالمة الزلازل دي نينيس لصحيفة واشنطن بوست.
وأضافت الخبيرة لوري دينغلر أن موجات التسونامي عبرت المحيط الهادئ باتجاه هاواي والبر الرئيسي للولايات المتحدة بسرعة توازي سرعة طائرة نفاثة.
ووصلت الموجات فعليًا إلى الأراضي الأميركية، حيث ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن هيئة الأرصاد الجوية الوطنية سجلت أمواجًا بارتفاع 4 أقدام فوق مستوى البحر في جزيرتي أواهو وماوي بهاواي، و3.5 أقدام في شمال كاليفورنيا.
وفي أواهو، سارع السكان بسياراتهم نحو المناطق المرتفعة، مما أدى إلى ازدحام شديد في محطات الوقود والمتاجر، ودفع القوات الأميركية إلى فتح طرق الجيش لتسهيل الإخلاء.
أما في اليابان، فقد أصدرت السلطات تحذيرًا من أمواج قد تصل إلى 10 أقدام، لكن الموجات الأولية التي وصلت كانت بارتفاع قدم واحد أو أقل. ورغم ذلك، بحسب وول ستريت جورنال، بقي التحذير ساريًا وطُلب من السكان البقاء في أماكن آمنة، في ظل ذاكرة مأساة عام 2011 التي لا تزال حية.

هل نجحت أنظمة الإنذار المبكر؟

تعرضت فعالية أنظمة الإنذار المبكر لاختبار حقيقي. في الولايات المتحدة، يوجد نظام متدرج المستويات، كما تشرح صحيفة واشنطن بوست، يبدأ من "بيان المعلومات" وينتهي بـ "تحذير تسونامي"، وهو أعلى مستوى ويعني أن فيضانات واسعة النطاق وشيكة.
وقد تم إصدار "تحذير" في هاواي وأجزاء من كاليفورنيا، قبل أن يتم تخفيضه لاحقًا إلى "تنبيه"، وهو مستوى أدنى يشير إلى خطر التيارات القوية.
ورغم وصول الموجات الأولى إلى هاواي صغيرة نسبيًا، إلا أن السلطات حذّرت من التهاون.
فبحسب ما نقلته شبكة سي بي إس عن تشيب ماكريري، مدير مركز التحذير من تسونامي في المحيط الهادئ، استغرق الأمر ساعات قبل أن يتم خفض مستوى التحذير، حيث إن التسونامي "ليس مجرد موجة واحدة، بل سلسلة من الموجات القوية تستمر لفترة طويلة".
وهذا ما أكده ديف سنايدر من مركز التحذير الوطني، موضحًا أن الموجات ستستمر في الحركة ذهابًا وإيابًا لفترة.
هذا التفاوت بين قوة التحذير وحجم الموجات الأولية، والتأخير في تأكيد انتهاء الخطر، أثار حالة من الإرباك، كما أظهرت مشاهد الإخلاء الطارئة في هاواي التي أوردتها وول ستريت جورنال.

من روسيا إلى نيوزيلندا.. كيف تفاعل العالم مع الخطر المتنقل؟

امتد أثر الزلزال عبر دول المحيط الهادئ، وكشف عن تباين في الاستجابة والجاهزية.
  • في روسيا، التي كانت في قلب الحدث، أظهرت مقاطع فيديو نقلتها وول ستريت جورنال مصنعًا لمعالجة الأسماك وقد غمرته المياه في بلدة سيفيرو-كوريليسك، بينما انهارت جدران في روضة أطفال. وذكرت شبكة سي بي إس أنه تم إجلاء نحو 2,700 شخص في جزر الكوريل إلى مناطق آمنة.
  • في اليابان، سُجلت موجات بارتفاع قدمين في هوكايدو، وتسببت التحذيرات في تعطيل خدمات القطارات والعبّارات. ولجأ عشرات المواطنين إلى مراكز الإخلاء، وقالت إحدى المواطنات لتلفزيون NHK إنها لم تتردد لحظة بسبب تجربتها مع تسونامي 2011، مما يعكس ذاكرة وطنية حية بالكارثة.
  • أما في كندا، فتوقعت السلطات موجات لا يتجاوز ارتفاعها قدمًا واحدًا على جزيرة فانكوفر، لكنها حثت على الحذر.
  • وفي الفلبين، دعت السلطات السكان إلى الابتعاد عن الشواطئ بسبب التيارات الخطرة التي قد تستمر لساعات، وفقًا لتصريح لمعهد الفلبين للبراكين والزلازل نقلته وكالة أسوشيتد برس.
  • وفي أقصى الجنوب، أصدرت نيوزيلندا تحذيرًا وطنيًا من "تيارات قوية وغير معتادة وموجات مفاجئة" على جميع سواحلها، ودعت المواطنين إلى مغادرة المياه والشواطئ والمرافئ.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة