أمن‎

الصين تخنق "الجرمانيوم".. قيود صارمة على "دفاع الليل"

نشر
blinx
تشهد الأسواق العالمية أزمة خانقة في إمدادات الجرمانيوم، المعدن الحيوي لصناعة أنظمة الرؤية الحرارية في المعدات العسكرية، بعد القيود الصارمة التي فرضتها الصين على صادراته، ما رفع الأسعار إلى أعلى مستوى منذ 14 عاماً، وأثار حالة "ذعر" في الأسواق الغربية، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.

معدن استراتيجي في قبضة بكين

يُستخدم الجرمانيوم بشكل أساسي في تصنيع أنظمة الرؤية الليلية والحرارية للطائرات المقاتلة والمعدات العسكرية المتطورة. ورغم أن المعدن لا يُعتبر نادراً عالمياً، إلا أن استخراجه معقد ويُنتج غالباً كمنتج ثانوي من الزنك أو مخلفات الفحم، ما يجعل الصين المهيمن الأول على إنتاجه وتصديره.
في عام 2023، أعلنت بكين وقف تصدير الجرمانيوم والغاليوم والأنتيمون، رداً على قيود فرضتها الولايات المتحدة وهولندا على تكنولوجيا الرقائق المتقدمة. ورغم أن التراجع في الصادرات بدأ تدريجياً، إلا أنه تسارع بشكل حاد منذ نهاية 2024، ما أحدث فراغاً كبيراً في السوق العالمية.

أسعار عند مستويات تاريخية

ووفقاً لبيانات وكالة Fastmarkets، بلغ سعر الكيلوغرام من الجرمانيوم نحو 5000 دولار بحلول سبتمبر 2025، مقارنة بأكثر من 1000 دولار فقط في مطلع 2023. هذه القفزة غير المسبوقة، ٤ أضعاف خلال عامين، وضعت ضغوطاً هائلة على شركات الدفاع الغربية التي تعتمد على هذا المعدن في أنظمتها العسكرية.

"ذعر" في السوق وفقدان للمعروض

تجار المعادن أكدوا أن الطلب على الجرمانيوم "فاق كل التوقعات"، بينما جفّت الإمدادات الصينية بشكل شبه كامل.
تيرينس بيل، من شركة Strategic Metal Investments، قال: "لم أتمكن من شراء أي كمية منذ ستة أشهر، إنه وضع يائس".
كريستيان هيل، من Tradium، أوضح أن "السوق يعيش حالة هلع، وطلبات الشراء تأتي بشكل رئيسي من الولايات المتحدة وأوروبا".
بيانات مؤسسة Silverado Policy Accelerator غير الربحية كشفت أن واردات الولايات المتحدة من الجرمانيوم الصيني انخفضت بنسبة 40% بين يناير ويوليو 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024.

شركات الدفاع تبحث عن بدائل

في خطوة لافتة، أعلنت شركة لوكهيد مارتن الأميركية في أغسطس الماضي عن اتفاق لتأمين إمدادات جرمانيوم من شركة كوريا زينك الكورية الجنوبية، في مؤشر على صعوبة الوضع.
لكن خبراء يحذرون من أن استبدال المعدن شبه مستحيل، نظراً لمتطلبات الدقة العالية في التطبيقات العسكرية. كارولين ميسيكار، محللة في Fastmarkets، أكدت: "أي خفض في الدقة غير مقبول في المعدات الدفاعية الحساسة".
في المقابل، بدأت بعض الشركات مثل LightPath Technologies في فلوريدا، المدعومة بتمويل حكومي أميركي، بتطوير بدائل، لكنها تواجه تحديات هندسية كبيرة.

بدائل محدودة خارج الصين

رغم العقوبات على روسيا التي كانت مورداً مهماً للجرمانيوم، هناك محاولات من شركات مثل Umicore البلجيكية وTeck Resources الكندية لتوسيع الإنتاج. كما تدرس شركة Nyrstar التابعة لـ Trafigura بناء منشأة جديدة في ولاية تينيسي الأميركية لاستعادة ومعالجة الجرمانيوم والغاليوم.
ويقدَّر الطلب العالمي على الجرمانيوم ما بين 180 و200 طن سنوياً. ومع هيمنة الصين على المعروض وغياب بدائل عملية، تبدو الأزمة مرشحة للاستمرار وربما التصعيد، ما يضع الصناعات الدفاعية الغربية أمام اختبار قاسٍ في السنوات المقبلة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة