صاروخ بوتين النووي.. مشروع عسكري لإرهاق ترامب؟
في ظل تصاعد الضغوط من الولايات المتحدة والدول الأوروبية على الرئيس فلاديمير بوتين للتفاوض بشأن إنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا، أكد الكرملين أن اختبار روسيا لصاروخ يعمل بالطاقة النووية، تزعم موسكو أنه لا يمكن اعتراضه بواسطة الدفاعات الجوية، يمثل ردا على العقوبات وإشارة موجهة إلى الغرب.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الروسي الاختبار النهائي الناجح لصاروخ كروز الجديد الذي يعمل بالدفع النووي ويحمل اسم "بوريفيستنيك"، وذلك في خضم الحرب الدائرة في أوكرانيا.
ويرى خبراء أن هذا السلاح يهدف إلى تفادي أنظمة الدفاع الجوي الغربية بفضل قدرته على التحليق المنخفض ومتابعة تضاريس الأرض. فكيف يعمل وما هو تأثيره الإستراتيجي؟
كان بوتين قد أعلن تطوير هذا الصاروخ عام 2018، أي قبل غزو أوكرانيا بأربع سنوات، وأكد الأحد نجاح اختباره النهائي.
وعلى عكس الصواريخ التقليدية التي تعمل بالوقود الكيميائي، يستخدم "بوريفيستنيك"، وتعني "طائر العاصفة" بالروسية، مفاعلا نوويا صغيرا لتوليد الدفع.
وأوضح الخبير في معهد الدراسات الإستراتيجية والدفاعية في فرنسا أموري دوفاي أن المفاعل يُسخّن الهواء المحيط ويطرده بسرعة عالية لتوليد قوة الدفع.
وأضاف أن ذلك "يُطيل زمن الطيران والمدى بشكل كبير، كما لو أن لديك محرك سيارة يستهلك وقودا أقل بكثير لكل 100 كيلومتر".
وحلّق الصاروخ خلال آخر اختبار في 21 تشرين أكتوبر لمدة 15 ساعة قاطعا 14 ألف كيلومتر، ما يعني أنه قادر نظريا على بلوغ الأراضي الأميركية.
وأشار دوفاي إلى أن هدفه "التحليق لمدة طويلة وعلى علو منخفض جدا، بين 15 و200 متر، لتعقيد عملية رصده"، مضيفا أنه يمكن أن "ينطلق من روسيا، يمر عبر أميركا اللاتينية، ثم يدخل أميركا الشمالية من الجنوب، أي من جهة أقل تحصينا من الدفاعات الأميركية".
غير أن الصاروخ بطيء نسبيا، ما يضعف قدرته على المناورة، وفق الخبيرة النووية الفرنسية هيلواز فاييت.
الغاية من تطويره هي تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الأميركية، بما فيها مشروع "القبة الذهبية" الذي يسعى إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب ما كتب المحلل الروسي ديمتري ستيفانوفيتش على منصة إكس.
وقالت فاييت إن الصاروخ قد يُستخدم إلى جانب الصواريخ التقليدية، موضحة أنه "بفضل قدرته على المناورة ومداه غير المحدود، يمكن استخدامه لمضايقة وإضعاف أنظمة الدفاع قبل توجيه ضربات بصواريخ أخرى تقليدية".

طاقم في غرفة تحكم في غواصة نووية في روسيا. AP
بحسب خبراء، لا يُتوقع أن يُحدث الصاروخ تحولا إستراتيجيا فوريا. وقالت فاييت إن "الصاروخ غير جاهز للعمل بعد، فلا توجد بنية تحتية لنشره ولا عقيدة لاستخدامه".
وأضافت أن الأمر يشكّل "محاولة من بوتين لإرهاق ترامب في ملفيّ الردع النووي والدفاع الصاروخي، وإقناعه بضرورة تسريع مشروع القبة الذهبية الذي يتطلب موارد ضخمة"، معتبرة الصاروخ "سلاح زعزعة استقرار".
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا تفتقران حاليا إلى درع صاروخية قادرة على اعتراض هجوم واسع بصواريخ باليستية أو كروز، مضيفة أن الصاروخ "يُظهر أن روسيا ما زالت قادرة على الابتكار".
قالت فاييت إن الاختبار الأخير لم يسفر عن أي تلوث إشعاعي ملحوظ، مشيرة إلى أن هيئة المراقبة الإشعاعية النروجية لم ترصد أي نشاط غير طبيعي رغم مرور الاختبار ضمن نطاق مراقبتها.
وأضافت أن محطات معاهدة حظر التجارب النووية لم تلتقط أي مؤشرات إشعاعية أيضا.
لكن دوفاي اعتبر أنه من المرجح أن تنبعث كميات صغيرة من الإشعاع، موضحا أن الصاروخ "يصبح مشعا فور تشغيل مفاعله، ما يعني أن الاقتراب منه يؤدي إلى التعرّض للإشعاع، ما يعني أن اختباره محدود".
ورأى أنه "في الردع النووي، ما يهم هو الإشارة، أي المصداقية التي تأتي من الاختبار".