5 دروس من الانتخابات التركية.. الاستطلاعات ليست كل شيء

في أواخر فترته الرئاسية وعلى خلفية تدني قيمة الليرة التركية وزيادة نسب التضخم إلى ٨٥٪، رفع رجب طيب أردوغان الحد الأدنى للأجور ثلاث مرات خلال عام واحد، ما جعل الملف الاقتصادي يبدو كعائق أمام استحواذه على مقعد الرئيس مجددًا.

إلا أن أردوغان قدم وعودا انتخابية قصيرة المدى للمواطنين، بينها مضاعفة رواتب موظفي القطاع العام والتي يبدو أنها لاقت استحسان شريحة من الناخبين.

يصف بيرك إيسن، الباحث في العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول، لوكالة الأنباء الفرنسية، تلك الدعاية الانتخابية كـ "إجراءات شعبوية" فيما أوضح أن التصويت الاقتصادي في تركيا، ليس مهمًا بالقدر الذي يراه المعلقون.

وعدت المعارضة على الجهة الأخرى برفع أسعار الفائدة لخفض التضخم إلى ما دون ١٠٪ في غضون عامين، لإعادة الاقتصاد إلى مساره، فيما تشير النتائج الجولة الأولى إلى أن المصوتين أكثر توقا للحصول على حلول فورية.

يرى أوميت أكجاي أستاذ الاقتصاد الدولي، أن وعود المعارضة، والتي من المرجح أن تؤدي الى إبطاء النشاط، لم تثر حماسة لدى الأشخاص الذين يواجهون بالفعل صعوبات مادية.

خلال الجولة الأولى حصد كمال كيليتشدار أوغلو أعلى أصوات في المحافظات الواقعة في جنوب شرق البلاد، ذات الغالبية الكردية.

في ديار بكر على سبيل المثال، استحوذ كيليتشدار على 72% من الأصوات بعد التفاف حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد حوله.

يلفت يوهانان بنحاييم، مسؤول الدراسات المعارضة في المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول إلى أن "التصويت الكردي هو الذي يفسر النتيجة الجيدة للمعارضة".

على الرغم من أن الناخبين الأكراد لطالما وصفوا بـ "صانعي ملوك" في الانتخابات الرئاسية، لم تتمكن تكتلاتهم خلال الجولة الماضية من تأمين فوز حاسم لكيليتشدار أوغلو وتغيير دفة الانتخابات.

ويُرجع بيرم بلجي الباحث في معهد CERI-Sciences Po الأمر لاستراتيجية أردوغان القائمة على ربط المعارضة بالأكراد وبحزب العمال الكردستاني والإرهاب، قائلا "تبين أنها (استراتيجية) ناجحة".

في أعقاب زلزال 6 فبراير الماضي، عبر ناجون عن غضبهم، متهمين الدولة بالتأخر في الوصول إلى محافظاتهم لمساعدتهم، لا سيما في أديامان وهاتاي.

لكن أردوغان وعد بإعادة بناء 650 ألف منزل للناجين من الزلزال في أسرع وقت ممكن. وبحسب بيرك إيسن، فإن "الرسالة بدت ذات مصداقية" لقسم من الناخبين.

هكذا، احتفظ الرئيس التركي بنتائج عالية جدا في غالبية المحافظات المتضررة ونال 72% من الأصوات في قهرمان مرعش و69% في مالاتيا و66% في أديامان، أما في هاتاي، بقيت نتيجته على حالها عند 48%.

فجّر المرشح القومي المتطرف، سنان أوغان إحدى مفاجآت الاقتراع، حيث نال النائب السابق أكثر من 5% من الأصوات.

يعلق أوموت أوزكيريملي، الباحث في معهد برشلونة للأبحاث الدولية على الأمر مؤكدا أن القومية مكون في المشهد السياسي التركي ويعود لتسعينيات القرن الماضي.

أما يوهانان بنحاييم، فيشير إلى أن التغيير الأكبر في الوضع هو أن اليمين واليمين المتطرف باتا بشكل كبير ضمن اللعبة.

كما يمكن أيضًا لمسألة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا أن تفسر ثقل القوميين، حيث جمعت تنظيماتهم المختلفة الأحد، 22% من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت تزامنا مع الانتخابات الرئاسية.

قبل إطلاق صافرة بدء السباق الرئاسي، أظهرت معظم استطلاعات الرأي تقدم كيليتشدار أوغلو على أردوغان حتى أن بعضها توقع فوز المعارض اعتبارًا من الدورة الأولى.

على أرض الواقع، أثبت الرئيس التركي خطأ التوقعات بحصوله على 49.5% من الأصوات في حين لم تُحسم المعركة من الدورة الأولى كما حدث في العام 2018.