مع دخول فصل الصيف ومرور وقت طويل على آخر مرة أمطرت فيها سماء طولكرم، بدأ الحاج فتحي في ريّ أشجار الحمضيات في بيارته القريبة من جدار الفصل الذي يفصل الضفة الغربية عن مدن الداخل.

يعاني الحاج فتحي كغيره من المزارعين من شح مياه الري في الضفة الغربية حيث تستولي إسرائيل على ٨٠٪ من الثروة المائية، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.

بيارات الحاج فتحي هي مصدر دخل عائلته الوحيد، ومنذ أن امتهنت العائلة زراعة الحمضيات في السبعينات، والحاج فتحي يحاول توفير المياه بأي طريقة ليضمن لعائلته حياة كريمة وتعليماً جيداً فيما بعد.

تخرج أولاد الحاج فتحي السبعة من الجامعة، وينسب الدكتور أمين، وهو أحد أبناء الحاج فتحي، نجاحه في حياته لوالده، وبياراته.

يحكي أمين عن مساعدة والده في العمل في البيارات منذ صغره، ومحاولة العائلة التخلص من شح المياه عن طريق حفر بئر جمع منزلي يخزنون فيه مياه المطر المتدحرجة من سطح المنزل وفناء البيت نحو قاعه، حسب ما يقول أمين في مقابلة مع تلفزيون فلسطين الرسمي.

بحسب وكالة وفا الفلسطينية، تعتبر أشجار الحمضيات من الأشجار المحبة للمياه إذ يحتاج دونم واحد، ألف متر مربع، مزروع بالحمضيات إلى ما يقرب ألف متر مكعب من المياه كل شهر خلال فصل الصيف.

تروى الأشجار المنتِجة كل أسبوع أو ١٠ أيام، ويتوقف ذلك على حرارة الطقس ومدى جفاف الأرض. بينما تروى أشجار الحمضيات كل ١٥ إلى ٢٠ يوما في فصول الشتاء والربيع والخريف.

يسمي فلاحو فلسطين البرتقال بـ "برتكان"، بينما يقلب سكان المدن هناك الكاف همزة ليصبح "برتئان". وتوجد في فلسطين أنواع عدة من البرتقال منها: أبو صرة الذي يمتاز بقشرة رقيقة وطعم حلو المذاق، على عكس البرتقال الشموطي الذي يقترب وزن الحبة منه إلى نصف كيلوغرام وتمتاز بقشرة سميكة وطعم يميل إلى الحموضة. وينتشر أيضاً البرتقال المخال في فلسطين ويتركز في قطاع غزة الساحلي.

كان البرتقال أثناء فترة الانتداب البريطاني بمثابة "نفطَ البلاد"، إذ اعتبره سكان يافا خصوصاً ثروة المدينة. ونظراً لأهمية المحصول للاقتصاد المحلي نشرت جريدة فلسطين عام ١٩٢٩ اقتراحين لشكل العلم الفلسطيني، أحدهما كان بالألوان الأخضر والأحمر والأبيض والأسود على الأطراف يتوسطهما اللون البرتقالي في مركز العلم.

عللت الجريدة اختيارها للون البرتقالي في الوسط بتعبيره عن أهمية البرتقال في فلسطين الذي كان يزرع أكثر من شجر الزيتون في تلك الفترة حسب الموثق المقدسي طارق بكري.

يروي موقع الأرشيف الفلسطيني أن عائلة غرغور اليافاوية كانت تصدّر البرتقال إلى ألمانيا، ونظراً لصعوبة تحويل المارك الألماني إلي الجنيه الفلسطيني، صارت العائلة تستبدل كل ٥٠٠ صندوق برتقال بسيارة مرسيدس من طراز ١٧٠.

وخلال وقت قصير استطاعت العائلة أن تأخذ وكالة مرسيدس- بنز في فلسطين وافتتحت مقراً رئيسياً لها في يافا. وتظهر هذه الصورة المحفوظة في موقع الأرشيف الفلسطيني سيارات المرسيدس مركونة أمام مقر شركة غرغور في يافا في ١٩٣٦.