مجتمع

"من أصول عربية وجميلة جدا".. فلوريان يعثر على والدته بمساعدة تويتر

نشر

.

Camil Bou Rouphael

تضج الصحف والتلفزيونات الفرنسية منذ أيام بقصة شاب ثلاثيني وجد أمه، ذات الأصول العربية، بفضل تويتر، ونقلت الصحف مشاعر فلوريان، ٣٤ عاما، التي تطغي عليها "الدهشة" وعبارة "ما حصل لا يصدق".

فمن خلال نشر تغريدة على تويتر بمناسبة عيد الأم، تمكن فلوريان من الاتصال بأقارب والدته البيولوجية وتجميع لغز قصتها بعد 34 عاما من تبنيه من أم أخرى.

"هذا جنون"، هذه الكلمة على لسان فلوريان في لقاء مع صحيفة لو باريزيان، لم يكن سهلا ما مر به، فخلال أسبوع واحد، حصل تغير كبير في حياته. من لاند، جنوب غرب فرنسا، حيث يستقر، يروي الرجل البالغ من العمر ٣٤ عاما عند الولادة قصته "التي تستحق أن توثق بفيلم"، على حد قوله.

لم يفكر فلوريان في البحث عن عائلته لفترة طويلة، لكن قبل بضع سنوات، وبعد عبارة عنصرية من أحد رؤسائه، انغمس في البحث عن أصوله. وتمكن في البداية من الحصول على نسخة من ملفه من قسم الولادة في مدينة لوار، وسط، في العام 2019.

لم نرغب بإزعاج فلوريان الذي ترك رسالة للصحافيين من خلال تويتر أيضا، واكتفينا بتجميع قصته من المعلومات التي رواها للوسائل الإعلامية في بلاده، فهو الآن يهتم بنفسه وبصحته، ولم يكن يتوقع "التسونامي" من العواطف الذي حصل. يريد فلوريان بضعة أسابيع للتخلص من الضغط، ويؤكد أن القصة لم تنته بعد.

وثيقة الولادة

في وثيقة ولادته، اكتشف فلوريان قصته، اسم والدته: ليلى.

ليلى شابة صغيرة تبلغ من العمر 19 عاما عند ولادته، اكتشفت حملها في وقت متأخر بحيث لم يعد بإمكانها إجهاض الطفل حتى في فرنسا، وبعد إخباره بالأمر، لم يرغب والد فلوريان، الذي كان لديه طفل آخر، بالاعتراف بالطفل أو حتى مساعدة الأم الشابة.

عاجزة أمام الأمر الواقع، وافقت ليلى على ترك ابنها، وطلبت كتمان هويتها بعد ولادة الطفل في الـ27 من أبريل 1989. بعد ذلك، تبنّت أسرة فرنسية الطفل وأعطوه اسم فلوريان في أغسطس 1989 من قبل زوجين يعيشان بالقرب من من المستشفى، ونشأ في قرية صغيرة يبلغ عدد سكانها 300 نسمة في لوار.

صورة غيّرت مسار القضية

رغب فلوريان بالحصول على المزيد من التفاصيل فاتصل بالمركز الوطني للوصول إلى الأصول الشخصية في يونيو 2020. تبع ذلك عدد قليل من المكالمات الهاتفية المنتظمة لمناقشة مجريات البحث، لكن القضية أغلقت في 27 مارس ٢٠٢٣، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من التحقيق.

"تلقى تقريرا عن طريق البريد من المركز الوطني يحمل مفاجأة لطيفة"

بعد شهر من ذلك، وفي يوم عيد ميلاده، تلقى تقريرا عن طريق البريد من المركز الوطني يحمل مفاجأة لطيفة، فيه صورة له في الحضانة عندما لم يتجاوز عمره حينها شهورا قليلة.

إثر مشاهدته الصورة، سرعان ما قرر البحث عن أصوله، خصوصا بعد أن رزق بطفل يبلغ من العمر عامين. عندما رأى صورته قال لنفسه "أبدو مثل ابني"، لكن بريد المركز الوطني لم يقدم مزيدا من المعلومات، فلم تقدم عمليات البحث سوى ما كان يعرفه من الشاب من معلومات.

يومها تقبّل فلوريان الأمر، وأقنع نفسه بأنه لن يجد والدته البيولوجية. لكنه بعد ذلك، قرر الشاب الذي يعاني من مرض التصلب العصبي، نشر جانب من بحثه على تويتر.

تغريدة عيد الأم

أخذ فلوريان قرار البحث يوم عيد الأم، ونشر رسالة على تويتر لأمه بالتبني وأمه البيولوجية. ركز فيها أنه يفكر بالأميْن، ليلى التي كان عمرها ١٩ عاما في عام ١٩٨٩ والتي لم تكن قادرة على الاهتمام به، وبأمه الثانية إيرين، التي لم تتمكن من الإنجاب والتي قدمت له حياة مليئة بالحب.

بعد ساعتين من نشر هذه الكلمات عبر تويتر، وأرفقها بقطعة من نص التنازل عنه والتي وقعتها أمه ليلى، كتب له حساب مجهول على تويتر "يسأله عما إذا كنت قد ولدت بالفعل في 27 أبريل 1989، وإذا كانت والدته تحمل اسم ليلى"، بعد ذلك رجح قريب ليلى أنه تعرّف على توقيع الأم الشابة في الصور التي نشرها فلوريان على الإنترنت. وبعد تبادل الأحاديث كان انطباع قريب ليلى أن فلوريان هو الطفل التي تركته قريبته".

بعد بضع دقائق سأله إذا كان يوافق تلقي اتصال منهم من خلال رقم مجهول. هذا الأمر طمأنه كون الطرف الآخر، الذي يشمل أكثر من قريب لليلى يتطلع أيضا إلى حماية هويته".

حاولت إجهاضه

"أوضحوا لي أن والدتي تبلغ من العمر 19 عاما، وأنها كانت مع رجل يبلغ من العمر 30 عاما، وكان أبا لطفل آخر، وهو من عائلة تقليدية جدا. قالوا أيضا إن والدتي سعت إلى الإجهاض في المملكة المتحدة. حددوا عمري، طولي، وزني، وحقيقة أنني ولدت بعملية قيصرية، ولم أخبرهم بأي شيء من هذه المعلومات لكن ما قالوه كان مطابقا لما أعرفه"، يروي فلوريان في مقابلاته مع الصحف وعنصر الدهشة يرافقه.

علم فلوريان بعد ذلك أن أقارب ليلى كانوا يبحثون عنه منذ 20 عاما، بعد أن رافقوا الأم الشابة إلى جناح الولادة في ذلك الوقت، وكتموا معها سر حملها. وشرحوا لفلوريان ما مرت به والدته بعد التنازل عنه للعائلة الفرنسية.

عربية وجميلة جدا

"لقد نشأت في أسرة من أصل جزائري، حيث لم يكن من الممكن تصور أن أهلها سيقبلون إنجاب ابنتهم لطفل من دون زواج. والداها اللذان اكتشفا الحمل بعد الولادة يلومان نفسيهما كثيرا وتوفيا منذ فترة وجيزة"، يروي فلوريان.

حاول أقارب ليلى التحدث معها عن ابنها، فقصته لا تزال مؤلمة للغاية بالنسبة لهذه المرأة التي أصبحت الآن في الخمسينيات من عمرها، وهي متزوجة الآن. يقول فلوريان إنه "لا يلومها، فلا أحد يستطيع أن يفهم ما مرت به"، وللتأكد بشكل قاطع من صلاتهم، يجب على فلوريان وعائلته البيولوجية إجراء اختبارات الحمض النووي قريبا. حتى لو كان لديهم جميعا القليل من الشكوك حول نتائجهم، فهناك دائما خوف من "خطأ، أو من صدفة".

"مهما حدث، سأخوض مغامرة إنسانية عظيمة. لأنني سأفهم رحلة أم اضطرت إلى التخلي عن طفلها"، يقول فلوريان، وهي وجهة نظر يشاركها المقربون من ليلى الذين كان على اتصال بهم. الآن يأمل الشاب أن تكون والدته البيولوجية مستعدة في يوم من الأيام لمقابلته، لكنها "لا تريد أن تدمر حياته. سوف نذهب إلى هناك بحنان ولطف. قبل كل شيء، لا أريدها أن تشعر بالذنب"، يكرر.

لأول مرة منذ 34 عاما، تمكن فلوريان من معرفة والدته البيولوجية، يقول إنها "امرأة جميلة جدا". ولا يهتم لفكرة ما إذا كانت ستقبل برؤيته أم لا، فهو الآن عرف القصة كاملة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة