موظفون بلا رواتب في السودان.. شبح الموت جوعا يطارد الناجين من الحرب

في إبريل الماضي، بدأت ملامح السودان في التبدل مع اندلاع القتال ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خاصة فيما يتعلق بالظروف الاقتصادية والقطاع المصرفي، إذ عمدت البنوك في العاصمة الخرطوم للإغلاق مع بداية الأزمة، ما ترتب عليه صعوبات الاتصال بين المقار المركزية للبنوك وأفرعها في الولايات، خاصة مع تصاعد حدة القصف والاشتباكات و تكرار انقطاع خدمات الكهرباء.

تلك الأزمة اللوجستية تلقي بظلالها على مليون موظف لم يتلقوا رواتبهم منذ إبريل الماضي، من بينهم حوالي ٣٠٠ ألف زميل وزميلة لعماد محمد في قطاع التدريس الحكومي، كانوا بالفعل يحصلون على رواتب زهيدة قبل الحرب، وفقا لتقدير رئيس لجنة المعلمين السوداني، عمار يوسف الذي صرح وكالة فرانس برس :"المعلمون في السودان في القطاعين العام والخاص يعيشون أوضاع كارثية في ظل الحرب الدائرة .. هم أصلا يعانون من انخفاض الرواتب، وبعضهم أجبروا على البقاء في مناطق القتال".

الإجبار ذاك لم يأت بقرارات رسمية، وإنما رجوعا لضيق ذات اليد، إذ لم يتمكن العديد من المعلمين من تحمل تكاليف السفر المتزايدة داخل السودان أو خارجه، في ظل تضاعف أسعار الوقد حوالي ٢٠ مرة منذ بدء القتال. في إشارة إلى عدم القدرة على تحمل تكاليف السفر سواء داخليا أو إلى خارج البلاد في ظل تضاعف أسعار الوقود 20 مرة منذ بدء الحرب.

وفقا لرئيس لجنة المعلمين، سعت اللجنة لمحاولة توفير رواتب المعلمين إلا أن اللجنة المكلفة اكتشفت أن الحكومة موجهة بصرف رواتب الجيش فقط على مدار الفترة الماضية، وأضاف :" من لم تقتله الحرب سيموت من الجوع".

توقف الرواتب لم يمر مرور الكرام على بعض الجهات النقابية، حيث احتجت جبهة نقابية تضم أطباء ومهندسين ومعلمين وأساتذة جامعيين وصحافيين بتوقف الرواتب وهددت باتخاذ خطوات تصعيدية ضد إحجام الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الموظفين في الدولة.

كانت بادرة أمل قد داعبت الخيال أوائل يوليو الجاري في إطار إعلان البنك المركزي السوداني عن استئناف تشغيل فروعه في مختلف الولايات، كما أن وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم يعقد مؤتمرات صحفية دورية يؤكد خلالها على متانة الوضع الاقتصادي لبلاده.

إلا أن الخبراء يلقون باللوم على الحكومة في تأخر دفع الرواتب، كالخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير الذي وصف الأزمة في تصريحات لوكالة فرانس برس بـ"قصور من الحكومة"، مؤكدا أن إيرادات ١٥ ولاية في السودان من أصل ١٨ ولاية لم تتأثر بالأزمة مع ذلك تحجب الحكومة الرواتب.

وتوقع الناير زن تزداد الأوضاع في السودان خلال الأشهر المقبلة في بلد يعد بالفعل من أكثر دول العالم فقرا، حتى قبل بداية أزمة القتال المستعر حاليا.