مجتمع
.
سيقطع برنامج الأغذية العالمي، بحلول 1 أغسطس، الدعم الحيوي للاجئين السوريين في الأردن، حسب ما قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن أيمن الصفدي، الذي أشار في تغريدة عبر تويتر إلى أن وكالات الأمم المتحدة الأخرى وبعض المانحين يفعلون الشيء نفسه.
أسف الصفدي أن الأردن لن يكون قادرا على سدّ الفجوة، مضيفاً "سيعاني اللاجئون". وأكّد أن عمّان لا تتحمل مسؤولية ذلك، "بل أولئك الذين يقطعون الدعم". وشدد على أنه "لا يمكننا تحمل عبء (اللاجئين السوريين) وحدنا".
باسم الأردن، حث نائب رئيس الوزراء "برنامج الأغذية العالمي والمنظمات الأخرى، التي اتخذت قرار قطع المساعدات، على التراجع عن القرار". ولفت إلى أن "توفير حياة كريمة للاجئين مسؤولية عالمية، ولا يتحمل الأردن، الذي يستضيف اللاجئين، المسؤولية وحده".
واعتبر أنه يترتب أن "تعمل الأمم المتحدة لتمكين العودة الطوعية للاجئين، وإلى ذلك الحين، يجب أن تحافظ وكالات المنظمة الدولية على الدعم الكافي للاجئين".
وختم الصفدي سلسلة تغريداته قائلا "سنتشاور مع البلدان الإقليمية المضيفة للاجئين لعقد اجتماع لتطوير استجابة مشتركة إثر انخفاض الدعم للاجئين السوريين، بما في ذلك التخفيض من قبل برنامج الأغذية العالمي، للحد من تأثير هذه التدابير"، ومشددا على أن "عبء توفير حياة كريمة (لهؤلاء) لا يقع على عاتقنا وحدنا".
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجّلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر المملكة عدد الذين لجأوا إلى أراضيها منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 بنحو 1,3 مليون شخص، وفق فرانس برس.
يقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات نقدية الشهرية لـِ465 ألف لاجئ يعيشون في المخيمات والمجتمعات المضيفة في الأردن، وفق بيان المنظمة في مارس ٢٠٢٣، إضافة إلى ذلك ساهم التبرع بقيمة 6 ملايين دولار أميركي الذي تم استلامه في سبتمبر الماضي في تقديم المساعدات الغذائية لما يقارب نصف عدد سكان مخيمي الزعتري والأزرق خلال الأشهر من أكتوبر إلى ديسمبر 2022.
لا يزال نحو 6.8 ملايين نازح داخل سوريا. مصدر الصورة: أ ف ب
أما في لبنان، فقد طلبت بعض الجهات السياسية، خلال الأشهر الماضية، من المنظمات الدولية أن تساهم بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم من خلال خفض المساعدات، لكن ثمة حصل اعتراض حصل من قبل العديد من الأحزاب والمنظمات.
ففي لبنان، تنوّعت الضغوط على اللاجئين السوريين من حظر تجول في أوقات معينة وتوقيفات وترحيل قسري إلى مداهمات وفرض قيود على معاملات الإقامة. بينما تنظر السلطات إلى ملف اللاجئين بوصفه عبئاً وتعتبر أن وجودهم ساهم في تسريع ومفاقمة الانهيار الاقتصادي المتواصل منذ 2019، حسب ما ورد في تقرير سابق لفرانس برس.
وذلك بعد أن شنّ الجيش خلال أبريل حملات مداهمة واسعة لتوقيف سوريين لا يمتلكون إقامات أو أوراق ثبوتية أسفرت عن توقيف نحو 450 شخصا، تمّ ترحيل أكثر من ٦٠ منهم إلى سوريا.
تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 14 مليون سوري فرّوا من منازلهم منذ 2011 ولا يزال نحو 6.8 ملايين نازح داخل سوريا التي يعيش فيها كل السكان تقريبا تحت خط الفقر، وفق رويترز.
ويعيش نحو 5.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومصر. وبدأ الصراع السوري بمظاهرات واحتجاجات سلمية على حكم الرئيس السوري، بشار الأسد، في 2011 لكن الأمر تفاقم إلى صراع متعدد الأطراف اجتذب إليه أيضا روسيا وإيران وتركيا ودول أخرى. وتسببت الحرب في مقتل أكثر من 350 ألفا.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي في 13 يونيو أنه اضطر إلى تخفيض مساعداته للسوريين الذين يعتمدون عليها من 5.5 ملايين شخص إلى 2.5 مليون شخص جراء أزمة تمويل، في وقت يعيش ما لا يقل عن ٩٠٪ من السوريين تحت خط الفقر.
كين كروسلي ممثل برنامج الأغذية العالمي في سوريا قال "بدلا من زيادة المساعدات أو حتى مواكبة الاحتياجات المتزايدة، نواجه واقعا قاتما يتمثل في انتزاع المساعدات من الناس في وقت هم في أشد الحاجة إليها".
ووفق برنامج الأغذية العالمي فإن السوريين يعيشون في حالة طوارئ دائمة بعد 12 عاما من الصراع وموجات النزوح الكبيرة والجائحة العالمية وآثارها على الأزمة الاقتصادية التي دفعت بأسعار الأغذية إلى مستويات قياسية ومؤخرا الزلازل المدمرة.
وفي الوقت الحالي يغطي متوسط الدخل حوالي ربع احتياجات الأسرة فقط. ويحتاج برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى حوالي 180 مليون دولار أميركي كحد أدنى لتجنب هذه التخفيضات في المساعدات ومواصلة تقديمها بمستواها الحالي حتى نهاية العام الحالي.
ويواجه البرنامج تحديا يتمثل بالاحتياجات المتزايدة بوتيرة لم يستطع التمويل مواكبتها بينما ارتفعت تكلفة إيصال الدعم الغذائي لمستوى غير مسبوق بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
يحتاج برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى حوالي 180 مليون دولار أميركي كحد أدنى. مصدر الصورة: أ ف ب
تعاني منظمات دولية من شح مالي جراء الأزمة، فحال برنامج الأغذية العالمي لا يختلف مثلا عن وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي جمعت خلال يونيو، ما يزيد قليلا عن 100 مليون دولار في مؤتمر للمانحين، وهو مبلغ "غير كاف" لمواصلة مهماتها اعتبارا من سبتمبر.
جمعت الوكالة 1.2 مليار دولار السنة الماضية، وأطلقت في يناير نداء للحصول على 1.6 مليار دولار لعام 2023، معظمها (848 مليون دولار) لتمويل خدمات أساسية مثل المراكز الصحية والمدارس الـ٧٠٠ التي تديرها، فيما يخصص المبلغ الباقي لعمليات الطوارئ في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.
لكن الأونروا التي تمول بالكامل تقريبا من التبرعات باتت "على وشك الانهيار المالي" حسب ما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح المؤتمر، في خطاب ألقاه أحد ممثليه.
وأسف لوجود "ركود" مالي في حين أن "الاحتياجات تتزايد"، مضيفا أن "بعضا من أكبر المانحين وأكثرهم موثوقية قالوا للأونروا مؤخرا إنهم قد يخفضون مساهماتهم".
وأعلنت الأونروا في بيان أن المؤتمر أتاح جمع 107.2 ملايين دولار من التبرعات الجديدة، ليصل الإجمالي إلى 812.3 مليونا، مؤكدة أن هذا "غير كاف لتغطية الاحتياجات المالية اعتبارا من سبتمبر".
المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، أشار إلى أنه "رغم امتناننا للوعود المعلنة، إلا أنها أقل مما تحتاجه الوكالة للإبقاء اعتبارا من سبتمبر على مدارس الأونروا الـ ٧٠٠، والعيادات التي يصل عددها ١٤٠ قيد التشغيل"، متحدثا عن خطر حدوث "انهيار داخلي" للوكالة. ولفت إلى مشاكل مزمنة في الموازنة، داعيا إلى "حلول طويلة الأجل" لتمويل الوكالة".
الأزمة حقيقية وهي تتعمق، وقدرتنا على إدارتها بالإمكانات الموجودة تقترب من نهايتها، ببطء ولكن بشكل أكيد"، وفق لازاريني الذي مقارن الوكالة بسفينة تغرق.
كلفة استضافة مئات آلاف اللاجئين السوريين في الأردن تجاوزت ١٠ مليارات دولار. مصدر الصورة: أ ف ب
بحث الصفدي مع مفوّض الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث في عمّان، في ٢٥ يونيو، ملفّ اللاجئين السوريين في المملكة، مؤكّداً أنّ "مستقبلهم هو في بلدهم"، وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان إنّ الصفدي بحث مع المسؤول الأممي موضوع تهيئة الظروف والبيئة اللازمة لعودة اللاجئين السوريين طوعاً إلى بلدهم.
الوزير الأردني شدّد خلال اللقاء على أنّ "مستقبل اللاجئين السوريين هو في بلدهم ما يستوجب اتخاذ خطوات عملية لتهيئة البيئة اللازمة لعودتهم". كما أكّد الصفدي "أهمية تعزيز التعاون بين الأردن والأمم المتحدة في توفير احتياجات اللاجئين، وتهيئة الظروف الملائمة للعودة الطوعية والآمنة إلى بلادهم". وأشار إلى أنّ "عبء اللجوء مسؤولية دولية وليس مسؤولية الدول المستضيفة فقط، وأنّ تلبية متطلّباتهم الحياتية بشكل لائق إلى حين عودتهم إلى وطنهم، هو واجب إنساني وضرورة أمنية إقليمية ودولية".
الوزير الأردني أكد حينها أنّ بلده "تجاوز طاقته الاستيعابية للاجئين" محذّراً من "تراجع الدعم الدولي لهم".
يقول الأردن إنّ كلفة استضافة مئات آلاف اللاجئين السوريين على أراضيه، تجاوزت ١٠ مليارات دولار.
المحادثات "تناولت الجهود المبذولة لحلّ الأزمة السورية وآليات التعاون بين المملكة والمنظمات الأممية لمواجهة تحدّيات اللجوء السوري، وآخر التطورات الإقليمية والدولية". من جانبه، عبّر غريفيث عن "تقديره للدور الإنساني الكبير الذي تقوم به المملكة في استضافة اللاجئين، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم"، وفقاً للبيان نفسه.
وكان اجتماع تشاوري حول سوريا عُقد في عمّان في الأول من مايو بمشاركة وزراء خارجية كلّ من سوريا والأردن والسعودية والعراق ومصر، بحث سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها.
وأودت الحرب في سوريا بحياة أكثر من نصف مليون شخص بحسب الأمم المتحدة، وخلّفت ٧ ملايين لاجئ، ومئات آلاف المفقودين أو المعتقلين، وأفضت إلى دولة مفكّكة، وفق تقرير لفرانس برس.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة