مجتمع
.
المكان متجر للبقالة أو "سوبر ماركت" في مدينة بافلو، إحدى مدن ولاية نيويورك الأميركية شمال العاصمة واشنطن. الزمان مايو من العام الماضي، حيث أسابيع قليلة متبقية على بدء فصل الصيف في المدينة المطيرة الباردة.
ترجل الشاب بايتون جندرون، من سيارته بينما ينقل تحركاته إلى منصة التواصل الاجتماعي Twitch عن طريق بث حي، وخلال لحظات، بدأ الشاب إطلاق النار العشوائي على المحيطين بمتجر البقالة، وسرعان ما اقتحمه أيضا ليُكمل نوبة القتل التي حصدت أرواح ١٠ أميركيين من أصول أفريقية قبل أن يُسلم الشاب نفسه للشرطة.
يقضي الآن جندرون عقوبة على حزمة تهم من بينها القتل والترويع المدفوع بالكراهية، لكن قائمة الاتهامات في القضية الأميركية المؤسفة على وشك التمدد لتشمل قائمة عمالقة التكنولوجيا، ما بين شركة ميتا وجوجل وأمازون، إذ يتهم أهالي ضحايا حادث إطلاق النار العشوائي تلك الشركات بالمسؤولية عن دفع الشاب المذنب في سبيل العنف من خلال ما يقدموه من محتوى، يعزز نظريات المؤامرة وتفوق العرق الأبيض.
يطالب الأهالي بمبلغ تعويض غير محدد. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
بالرغم من مضي ما يزيد عن عام على الحادث، يتقدم أهالي الضحايا مرة أخرى للمحكمة، اليوم، بدعوى قضائية قوامها ١٧١ صفحة يطالبون فيها بتحقيق العدالة من وجهة نظرهم، ولكن هذه المرة، قائمة الاتهامات موجهة لشخصيات اعتبارية، ربما لم تضغط بنفسها على الزناد وتُزهق أرواح ١٠ أفراد، لكنها من وجهة نظر عائلات الضحايا شاركت في الجريمة بشكل غير مباشر.
في قمة القائمة شركة ميتا وانستجرام و جوجل وديسكورد، وحتى أمازون، فبالرغم من أنها تسهم بشكل محدود في المحتوى المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقابل أنشطتها الأخرى إلا أنها الشركة المالكة لموقع Twitch الذي استخدمه القاتل في تقديم بث حي لجريمته بحسب وكالة أسوشيتد برس.
بعض الأهالي شاهدوا مقطع فيديو لجريمة القتل. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
تقول أوراق الإدعاء في القضية الجديدة أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على عقل جندرون كان قاتلا، حتى أنه اعترف بإدمانه استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، التي استدرجته في دوامة نفسية وغذته بشكل مستمر بالأكاذيب والعنصرية بروباغاندا الفتفوق العرق الأبيض على باقي البشر، ومن ثم يطالب الأهالي بمبلغ تعويضي غير محدد، بالإضافة إلي إحداث تغييرات في أنماط عمل تلك الشركات.
إلا أن بعض الشركات المتهمة ترى أنها تبذل ما في وسعها في سبيل محاصرة المحتوى غير المرغوب فيه، كشركة جوجل على سبيل المثال التي علقت في أعقاب انطلاق القضية أنها تستثمر في التكنولوجيا والسياسات التي تساعدها على تحديد وإزالة المحتوى المتطرف، كما أنها تتعاون في هذا السياق مع كلا من السلطات الرسمية و المجتمع المدني.
المحتوى الخاص بجريمة بايتون جندرون، انتشر بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي وأدوات المنصات، قبل أن يطلق القاتل رصاصته الأولى في صدر أحد الضحايا.
فقبل أن يقود سيارته مسافة ٣٢٢ كيلومتر وصولا إلى متجر البقالة المنكوب، شارك جندرون مخططاته حول جريمته على شبكة الإنترنت، عبر ملف قوامه ٧٠٠ صفحة كتبه عبر خدمة وثائق جوجل، وشاركه مع متابعيه، وذلك بالإضافة لإرفاق سيرة خاصة عبر Google document، تضمنت، بحسب الدعوى القضائية الجديدة، ملخصا لدوافعه العنصرية.
ثبت القاتل خوذة وكاميرا على رأسه ليسجل الجريمة. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
أما الجريمة ذاتها، فقد بثها جندرون مباشرة على Twitch، المربوط بحسابه على موقع ديسكورد للمحادثات، وذلك على طريقة ألعاب الفيديو، إذ ثبت كاميرا للتصوير على خوذة يرتديها، وتمكن ٢٢ شخص من مشاهدة البث القاتل أثناء وقوع الجريمة، فيما تداول مقطع الفيديو آخرون مع إرفاق أسماء بعض من أهالي الضحايا في المحتوى عبر خاصية tag كي يتمكنوا من مشاهدته.
تستعيد والدة أحد المصابين في الحادث الأمر وتقول "لا يجب أن يشاهد أي شخص مثل هذا المشهد أبدا". كانت Twitch قد أعلنت في العام الماضي أنها أنهت بث جندرون بعد أقل من دقيقتين من بدء إطلاق النار.
عندما أقدم بايتون جندرون على جريمته لم يكن قد تخطى الـ١٨ من عمره، إلا أنه يمضي اليوم عقوبة السجن مدى الحياة بعد قتل ١٠ أُفراد بطلقات من بندقيته في مايو من العام الماضي.
جيندرون، اعترف بالذنب أثناء المحاكمة، وصدر الحكم ضده بالسجن مدى الحياة مع عدم وجود إمكانية إطلاق السراح المشروط.
حاول الشاب الأميركي الانتحار بمجرد مغادرة المتجر، إذ وجه البندقية إلى رقبته، إلا أن قوات الشرطة الحاضرة تمكنت من إقناعه بالعدول عن ذلك القرار وإلقاء البندقية أرضا.
الرئيس الأميركي جو بايدن علق على الجريمة بمجرد وقوعها إذ قال "لسنا بحاجة لأي شيء كي نؤكد حقيقة واضحة؛ هى أن جريمة الكراهية المدفوعة بالعنصرية أمر مقيت على نسيج هذه الأمة".
وأضاف "أي عمل إرهابي محلي، بما في ذلك المرتكب باسم الأيديولوجية القومية البيضاء البغيضة، يتعارض مع كل ما ندافع عنه في أميركا".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة