مجتمع
.
قبل المباراة الافتتاحية للمنتخب الفرنسي للسيدات في كأس العالم 2023 في بريزبن الأسترالية الجمعة الماضية ألقى مدرب الـ"تروا كلور" الفرنسي هيرفي رونار خطبة حماسية في غرفة تبديل الملابس، محذرا نجمات فرنسا من التهاون أمام منتخب محنك مثل البرازيل، قبل أن يطالبهن بالمزيد من الضغط والتحرر في الوقت نفسه من أجل تحقيق الفوز.
في الوجه الآخر لخطبة رونار الحماسية التي تشبه تلك التي وجهها لنجوم المنتخب السعودي بين شوطي المباراة أمام الأرجنتين في مونديال قطر 2022، ربما، بدا رونار متخوفا من دهاء مدربة منتخب البرازيلي السويدية بيا سونداج، المتوجة مع سيدات أميركا بلقب نسختي أولمبياد 2008 و2012، لكن رونار نجح في مهمته، وأسقطت سيدات فرنسا نظيراتهن البرازيليات بهدفين مقابل هدف.
بنظرة أشمل، ربما بدا قلق رونار طبيعيا، ليس فقط من خبرة المدربة سونداج، ولكن من الموقف نفسه، مدرب رجل في بطولة نسائية كاملة، بيد أن الأمر في صورته الطبيعية عكس ذلك تماما، إذ أن الغريب كان باستمرار هو تواجد أكثر من سيدة في تدريب منتخب في المونديال النسوي الذي انطلق للمرة الأولى في 1991 بالصين.
تقول الإحصاءات الرسمية في المونديال الحالي إن 12 امرأة فقط تتواجد في البطولة كمدربة منتخب من إجمالي 32 منتخبا يشارك في البطولة التي انطلقت في 20 يوليو الماضي بنيوزلندا وتحتضنها بالمشاركة مع أستراليا.
فيما يشرف 20 رجلا على تدريب بقية المنتخبات، وهو رغم يؤشر على حجم الهيمنة الرجالية التدريبية.
ولكن رغم ذلك، وبشكل عام يعتبر هذا رقما قياسيا، أي أن تتواجد 12 امرأة على رأس القيادة لمنتخبات في كأس العالم للسيدات، إذ لم يحصل أن كن بهذا العدد كمدربات في البطولة. وبالمقابل، ومن منطلق النسبة والتناسب، يبدو هذا العدد من المدربات هو نفس الرقم في مونديال 2019، إذ تواجدت 8 مدربات على رأس 8 منتخبات، مقابل 16 مدربا، في البطولة التي احتضنتها فرنسا وتوجت بلقبها سيدات أميركا، وشهدت مشاركة 24 منتخبا.
"نعم لم يصل الوضع الآن مرحلة التكافؤ بعد، لكن هذه الزيادة بمثابة خطوة مهمة في سبيل تقدم السيدات نحو التدريب، يجب أن نعمل على استمرار ارتفاع عددهن وعدم تراجعه مرة أخرى"، هكذا علقت الرئيسة السابقة للجنة تأنيث كرة القدم في دوري أوفيرن الفرنسي للسيدات، في حديثها لموقع فرانس إنفو الفرنسي.
المنتخب المغربي للسيدات يحقق نتائج جيدة في المونديال رفقة مدربه الفرنسي رينالد بيدروس. (رويترز)
رغم قلة عدد المدربات تاريخيا في مونديال السيدات، فإنهن بالمقابل، كتبن أروع سيناريو في تاريخ البطولة، وغيرها من البطولات الكبيرة في عالم كرة قدم السيدات.
وبحسب موقع wtvbam فإنه ومنذ العام 2000، وفي المسابقات الـ3 الكبرى في عالم السيدات، المونديال، أمم أوروبا والأولمبياد، لم يتوج أي رجل بلقب في هذه المسابقات، باستثناء المدرب الياباني نوريو ساساكي، الذي قاد سيدات بلاده للتتويج بمونديال 2011، فيما فازت السيدات ببقية الألقاب.
لكن على الرغم من ذلك، لا تزال الهيمنة الرجالية مستمرة، وهو أمر تحاول شبكة التدريب النسائية ومؤسستها فيكي هيتون تقليله. ولا يبدو الأمر محصورا في المنتخبات فقط، إذ نقل موقع فرانس إنفو أن الموسم الماضي من الدوري الفرنسي للسيدات، 2022 ـ 2023، شهد ظهور 3 مدربات فقط من إجمالي 12 فريقا تشارك في البطولة، وهن سونيا بومباستور مع ليون، وساندرين سوبيراند مع نادي باريس، وأماندي ميكيل مع ريمس.
وبحسب المصدر ذاته، فإن الدوري الفرنسي يبدو أفضل حالا من الدوري الألماني للسيدات، والذي تواجدت فيه مدربة واحدة فقط في الموسم الماضي، وهي اللاعبة الألمانية السابقة تريزا ميرك، التي تدرب فريق سيدات فرايبروغ.
تبدو كرة القدم كلعبة، ورغم المآخذ على قلة ظهور السيدات فيها تدريبا، أفضل حالا من رياضيات أخرى، بحسب مؤسسة شبكة التدريب النسائية فيكي هيتون.
"كرة القدم هي واحدة من أفضل الرياضات للسيدات لممارسة التدريب فيها. بشكل عام يمكن القول عنها إنها أفضل الألعاب السيئة فيما يتعلق بحضور السيدات"، هكذا علقت هيتون لموقع wtvbam.
وبحسب، هيتون، يعتبر الوضع صادما في رياضات أخرى، فيما يتعلق بتواجد السيدات في التدريب، خصوصا رياضتي التنس والرغبي، واللتين لا تتجاوز نسبة السيدات فيهما الـ 1%. ومن ضمن 200 لاعبة تشارك في بطولات لاعبات التنس المحترفات، يبلغ عدد المدربات لديهن 4% فقط.
لاعبة التنس التونسية أنس جابر يشرف على تدريبها عصام جلالي. (أ ف ب)
من أبرز أسباب الهيمنة الرجالية على التدريب، يبرز عنصر نقص التأهيل الأكاديمي المطلوب للتدريب، وهو أمر لا يمكن أن يخرج من السياق العام، لعدم إقبال السيدات على الوظائف.
وتأكيدا لذلك، أكدت دراسة أجراها موقع Linkedin للتوظيف في العام 2019، إن نسبة التقديم على الوظائف لدى السيدات هي أقل بـ 16% عن الرجال في كل المجالات.
وعن هذا الأمر قالت الفرنسية ثريا بلقاضي لاعبة تولوز السابقة والمدربة حاليا لفرانس إنفو إن الأمر يعود إلى التضحية الكبيرة التي تقدمها اللاعبات خلال مشوارهن في الملاعب، حيث "التوفيق" بين حياتهن المنزلية ومسيرتهن الكروية.
وأضافت "بعد مسيرة بين 10 إلى 25 عاما في الملاعب، يبدو الدخول إلى عالم التدريب والحصول على الشهادات المطلوبة أمرا مرهقا للغاية".
وحتى عام 2014 لم تكن في فرنسا أي مدربة حاصلة على رخصة تدريبية معتمدة سوى كورين دياكر المدربة السابقة لمنتخب سيدات فرنسا.
في السياق ذاته، رأت فيكي هيتون أن هنالك سببا آخر يعرقل حصول السيدات على رخصة يويفا لممارسة مهنة التدريب وهو سعرها الذي يبلغ 13 ألف دولار، إلى جانب شرط امتلاك اللاعب /اللاعبة خبرة تدريبية لدى الفرق الأساسية في الأندية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة