مجتمع

منذ 133 سنة.. صابون طرابلس يبحث عن الخلود

نشر

.

blinx

على مدى ما يقرب من ١٣٣ عاما، تجمع مصبنة صديق عدره وإخوته، لصناعة الصابون، نفس المكونات وتنتج صابونا طبيعيا عضويا في مدينة طرابلس بلبنان.

تأسس المصنع عام 1890، وأصبح مشروعا تجاريا رسميا عام 1912، والتزم المصنع (المصبنة) باستخدام التقنيات التقليدية لصناعة الصابون. لكن الأزمات المختلفة التي ضربت لبنان خلال السنوات القليلة الماضية شكلت تحديات لعائلة عدره التي تملك وتدير المصنع.

يضاف لأزمات لبنان أن الشركة العريقة أصبحت تواجه أيضا منافسة قوية من الصابون التجاري الذي يجذب العملاء بشكله واستخدامه السريع.

نزيه صديق عدره، وهو شريك ومدير فني في المصبنة، يقول لرويترز "تقريبا من سنة 2000 بدأ الإنتاج التجاري للصابون يظهر على السوق، بلش الطلب على الصابون البلدي أو الصابون التقليدي يخف".

يشرح عدره الفارق بين صابونه الذي ينتجه مصنعه العريق والصابون التجاري بالقول "هيدي الصابونة بحجم كبير، ما إنها كتير مألوفة، الصابون التجاري تروحي تشتريها تقدري تستعمليها بتخلص معك، بترجعي. هي صابونة استهلاكية أكتر من الصابون الحرفي. هذا الشيء أدى لتدهور الصناعة".

ضد التغيير

ورغم عدم تحقيق المصنع أي أرباح في الوقت الحالي فإن عائلة عدره لا تزال ترفض تغيير أسلوبها في تصنيع الصابون أو الاعتماد على الماكينات بدلا من العمال. فهناك ستة عمال يعملون في المصنع، بعضهم هنا منذ أكثر من خمسة عقود.

يوضح نزيه عدره ذلك قائلا "نعمل الآن زيرو بروفيت (أرباح). ما عم بنعمل أرباح على الإطلاق. بس ها الشيء ما بيعني إن إحنا نوقف أو ما نحاول إنه نكمل بصناعة هيدا الصابون أو تطويره".

يُرجع نزيه السبب وراء عدم تحقيق أرباح إلى الوضع الاقتصادي المأزوم الذي تعيشه لبنان "الوضع الاقتصادي أثر على الكهرباء وسعر المحروقات والمازوت اللي هن أساس صناعة الصابون عندنا، نحنا بحاجة الكهرباء تلقائيا للإضاءة، والمراوح، وبحاجة للمازوت لتشغيل الحلة اللي بنصنع فيها الصابون. التكلفة صارت كتير عالية بالوقت الحالي، وأدى إلى زيادة تكاليف صناعة الصابون بالنسبة لنا".

هذه المصاعب كفيلة بالقضاء على المصنع، لكن نزيه وإخوته كان لهم رأي آخر "هذا الشيء ما منعنا فعليا من أنه نظل نصنع الصابون بالمعايير والجودة اللي إحنا بنآمن فيهم من 200 سنة لهلأ وبنبيعهن بسعر كتير واطي".

وأردف قائلا "هلأ بالوقت يا اللي الكهرباء هي فعليا مشكلة كتير كبيرة نحنا بنواجهها بالمصنع لأنه ما عم نقدر نشغل كذا شيء بنفس الوقت، ممكن يكون عم نحاول نقسم شغلنا على كذا نهار، لأنه سعر المحروقات عم بيكون غالي، وفعليا مبيعات الصابون البلدي بالوقت الحالي ما إنها كافية للحفاظ على المصنع. لأنه هو بالفعل عم بيكون قادر إنه ندفع فيها تكاليف العمال، اليد العاملة اللي هي بالنسبة لنا كتير مهمة".

الشمس تدخل المصنع

عن أهمية العمالة في المصنع يقول طالب محمد عيد، الحرفي المسؤول بالمصنع "كلنا عيلة واحدة، وما بنميز أعمار، كلنا مثل بعض، حتى معلمينا بيعاملونا مثل كأننا يعني من أفراد عيلتهم، وطبعا نحنا بناخد منهم خبرة، يعني كل عم يورثها لابنه وعم نرجع نكمل، نكمل هاي العيلة اللي بدلها، وإن شاء الله عندنا 100 نورثها لأولادنا وأحفادنا".

يضيف عيد "ما بدنا مكنات تشتغل، بدنا ناس تشتغل، ما عم نشتغل مثل غير معامل إنه موظف بيشيل المعمل مثل ما هو، ما بدنا هدا الموضوع. نحن الله خلقنا نحنا نشتغل، نحنا نشغل المكنة، ما المكنة تشغلنا، نحنا هدفنا نجيب جيل نعلمه ونورثها لناس بعدنا".

وتسعى المصبنة لتحقيق الخلود في طرابلس لبنان في كل جوانب إنتاجها.

ومن العبوات إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية وإعادة تدوير النفايات، يأمل أصحاب المصنع في أن يكونوا قدوة في حماية البيئة، كل ذلك مع تذكير الناس بالفوائد الخاصة لاستخدام الصابون التقليدي.

يقول نزيه "بالنسبة لنا أعتقد أن أكثر ما نقوله في المصنع هو أنه من الأفضل الحفاظ على الجودة بمرور الوقت، ونحنا بدنا نحاول المحافظة على هذه الجودة حتى لو أنا بطلت موجود بالمئة سنة اللي جايين بدي أتأكد إنه اسم "ص. ع." يظله موجود".

يضيف "لأنه في آخر اليوم هذا اللوح اللي عم تحملوه بايدكم ما إنه مجرد صابونة، هادي صابونة محفورة ومصنوعة، فأنت بالفعل تمسك منحوتة في يدك".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة