مجتمع

"أيمن" بائع أحذية ومرشد سياحي يدعو لترميم آثار جنين

نشر

.

Qassam Sbeih

من داخل محله المختص ببيع الأحذية المستعملة، أخذ أيمن جبر، ٥٨ عاما على عاتقه مسؤولية الترويج لاقتصاد البلدة القديمة في جنين أمام الزوار الأجانب، أملا في "جذب انتباه من يهتمون بالتراث والآثار ليعمروا السيباط".

أيمن الذي تربى صغيرا في قرية عرابة جنوبي غرب جنين وسكن بعد أن تزوج في المدينة، يتقن اللغة الإنجليزية، يقول إن هذا "أمر غريب" على أبناء جيله حسب ما يقول جيرانه في السيباط.

هذا التمكن من اللغة التي يتحدث بها أكثر من ١.٥ مليار شخص، جعل أيمن يتحمس للحديث مع الأجانب الذين يأتون من "أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا وغيرها لزيارة السيباط"، حسب ما يقول في حديثه مع بلينكس كان يجهّز بعض البضاعة التي وصلته حديثا على رفوف محله.

تظهر على محلات السيباط علامات الزمن، "تحتاج إلى ترميم كبير"، يقول أيمن أن هذا ما يحاول توصيله للسائحين الأجانب نظرا إلى إيمانهم "بالتراث والآثار أكثر منا نحن أصحاب الأرض" على حد تعبيره.

العثمانيين والمماليك كانوا هنا

يبيع أيمن في محله منذ ١٢ عاما، وكي يتمكن من شرح المعلومات الوافية عن الأبنية الموجودة في السيباط، عاد إلى مدير مدرسة جنين الثانوية مخلص محجوب قبل وفاته، حيث كتب مدير المدرسة وهو في عمر الـ ٨٠ كتاب "تاريخ جنين ماضٍ وحاضر".

عرف أيمن من الكتاب كيف أن السرايا العثمانية كانت تتخذ من السيباط مقرا لها، وذكر مخلص في كتابه أن المحل الذي يعمل به أيمن حاليا شيده المماليك، كما أن قلعة لا تظهر معالمها حاليا كانت موجودة قبل حرب ١٩٦٧، وبناها سليمان القانوني في ذات الفترة التي بنا فيها سور القدس حول البلدة القديمة فيها.

آخر ترميم في ٢٠٠٥

يعتقد أيمن أن ما جناه في حياته من علم ومعرفة، يستخدمه الآن في محاولاته لإنقاذ السيباط، فهو يحمل شهادة البكالوريوس في علم الآثار من جامعة اليرموك في مدينة إربد الأردنية "يعجب الأجانب بكلامي عن الآثار لأني أتحدث بناء على علم درسته".

بعد تخرجه من الجامعة ذهب في برنامج تدريبي حول الآثار وكيفية ترميمها، واستمر التدريب عاما كاملا في المملكة المتحدة، ومن هناك تعلم اللغة الإنجليزية وأتقنها، ليجد نفسه في ٢٠١٠ يفتح محلا في أقدم آثار مدينة جنين.

نفذت بلدية جنين آخر ترميم للمنطقة القديمة في العام ٢٠٠٥، وشمل الترميم إصلاح الأرضية الحجرية للشوارع والأزقة. واليوم لا يريد أيمن وجيرانه من الهيئات الفلسطينية إلا مظلة ثابتة فوق شارع السيباط تقيهم وتحمي رؤوس الزوار من حر الصيف ومطر الشتاء، وهو ما يقول أيمن وباقي باعة السوق التاريخي إنه يساعد على تنشيط الحركة التجارية في المنطقة.

قبل سنوات لم تكن مطالب أهل السيباط تقتصر على مظلة، بل كانوا يطالبون البلدية ترميم المحلات وخطوط المياه والكهرباء، والعمل على زيادة الوعي بأهمية المنطقة الأثرية، إلا أن أيمن، يقول لبلينكس، متحسرا إنهم لم يجدوا آذانا مصغية.

بعض الأيام دون زبائن

يعمل أيمن في مهنة تجديد الأحذية المستعملة وبيعها منذ ١٥ سنة أي قبل نحو ٣ سنوات من وجوده في السيباط، ويبيع في محله الذي لا تتجاوز مساحته ١٦ مترا مربعا، أحذية من ماركات عالمية يعمل على تجديدها وتلميعها وعرضها في المحل الذي نادرا ما يأتي إليه الزبائن. للكن أيمن له زبائنه الذين اعتادوا على صنعته، ويطلبون أحذيتهم عبر الهاتف أو يتصلون بين الحين والآخر بأيمن للسؤال "هل وصلتك بضاعة جديدة؟".

لا تتجاوز مبيعات أيمن الـ١٥٠ شيكل يوميا، نحو ٤٢ دولارا أميركيا، وفي بعض الأيام لا يبيع أية قطعة، وهذا الحال يتقاسمه معه جيرانه أصحاب المصالح الأخرى مثل محلل المخلل المجاور ومحل الدواجن والنجارة وغيرها، وهذا هو السبب الرئيسي الذي يدفع أيمن للتحدث مع السائحين في كل مرة يرى أحدا منهم في السيباط دون كلل أو ملل.

كانت البلدة القديمة، المعروفة حاليا بسوق السيباط، هي مركز مدينة جنين إلى ثمانينيات القرن الماضي، بعدها توسعت المدينة وكثر الناس، حسب ما يقول أيمن، وبدأ السوق بالتوسع نحو شارع أبو بكر المحاذي للسيباط والذي أصبح حاليا مركز مدينة جنين. ويحوي السيباط مسجدا عثمانيا قديما ومكتبة تحوي أكثر من ٥ آلاف كتاب، وكان مكان المكتبة مقرا للحكمدار العثماني في عام ١٥٠٠ ميلادية، قبل أن يتطور إلى سرايا ومركز حكومي بداية القرن الماضي.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة