مجتمع

الجادرية.. "إقطاعية عراقية" يتصارع عليها أمراء السياسة

نشر

.

Assad Hussein

في قلب بغداد وفي أغلى مناطقها السكنية، الجادرية، وعلى بعد أمتار من مقر رئاسة الجمهورية العراقية، يتجمع عراقيون يشتكون من جماعات مسلحة تحاول الاستيلاء على أراضيهم بالقوة، فيما يطلب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، فتح تحقيق، بينما يتبادل تيار المعارضة وأعضاء في الائتلاف الحكومي، الاتهامات.

قضية الجادرية التي تشغل الرأي العام العراقي فتحت الباب بين العراقيين لمناقشة عمليات الاستيلاء على منازل وأراضٍ من قبل مسلحين وجماعات نافذة.

صراع أمراء السياسة

قبل أيام، بدأت مناشدات العائلات من محاولات جماعات مسلحة، تقول إنها تنتمي لميليشيا الحشد الشعبي، الشيعية، يحاولون الاستيلاء على منازلهم بالقوة، بعد تجريفها.

على الفور دخل على الخط تيار المعارضة عبر نائب رئيس البرلمان السابق والقيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، عبر زيارة لأهالي المنطقة يوم ١٢ أغسطس، استمع فيها لمناشدات مواطنين اشتكوا من استيلاء جماعات مسلحة نافذة على عقارات وأراضٍ لمواطنين بعضهم مهاجر والآخر يسكن في مناطق زراعية ورثها عن أجداده قبل عشرات السنوات.

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، يقول إن عمليات "الاستيلاء على الأراضي باتت جزءا من الحياة السياسية في عراق ما بعد 2003"، بحسب ما يقول في تصريحات لبلينكس.

يشرح الفيلي "تعود الأراضي لمهاجرين أو لأشخاص لا يمتلكون علاقات سياسية"، واصفا ما يحدث من عمليات استيلاء في بغداد وما حولها من مدن رئيسية بالـ"إقطاعية التي يتصارع عليها أمراء الحرب".

السوداني يدخل على الخط

انشغال الرأي العام بالحديث عن أرض الجادرية ومحاولة المسلحين السيطرة عليها، دفعا برئيس الوزراء العراقي إلى الدخول على الخط في محاولة للملمة القضية.

مستشار رئيس الوزراء العراقي هشام الركابي، قال إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني طلب التحقيق في قضية التجاوز على أراضي المواطنين.

أزمة الاستيلاء على بيوت الجادرية ليست بالجديدة، فهي تعود إلى أكثر من ثلاث سنوات، بدأت في منطقة تعرف بـ"بساتين اللامي" في الحي الراقي، وقتها تعرضت المنطقة لمحاولات مشابهة إبان حكومة مصطفى الكاظمي، من قِبل نفس الجماعات المسلحة وعناصر أخرى تابعة للفوج الرئاسي، قبل التراجع عنها نتيجة الضغط الشعبي والبرلماني.

صراع "إطاري- صدري"

لا تمر حادثة أو قضية مؤخرا في العراق إلا ورافقها صراع بين أنصار التيار الصدري الشيعي المعارض، وأنصار الإطار التنسيقي الذي يشكّل الحكومة، وينتمي إليه قادة ميليشيا الحشد الشعبي، الشيعية الموالية لإيران.

حادثة الجادرية الأخيرة وظهور القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي مع عناصر مسلحة برفقته للاستماع إلى شكاوى أصحاب الأرض، شغلت الموالين من أنصار الإطار التنسيقي المشارِك في الحكومة.

المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي اتهم في تغريدة له، حاكم الزاملي ومرافقيه بمحاولة الاستيلاء على الأراضي، مشيرا إلى أن "الحشد هو الملاذ الآمن للناس"، قبل أن يعود عن هذا اتهام "الاستيلاء على الأرض"، ويتهم عضو التيار الصدري بالاستعراض الإعلامي.

في المقابل، حمّل عضو التيار الصدري عصام حسين، الجماعات المسلحة المرتبطة بالحشد الشعبي والأحزاب المشارِكة في السلطة بـ"الاستيلاء على أراضي الجادرية وغيرها في مناطق أخرى"، مدافعا عن زيارة القيادي الصدري حاكم الزاملي، وأنها "أفضت إلى تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الأمر".

.. والممتلكات العامة أيضا

يشير ناشطون مختصون بمكافحة الفساد إلى أن عمليات الاستيلاء لا تقتصر على الممتلكات الخاصة، وإنما تمتد للممتلكات الحكومية، وأن هذه المحاولات ليست بالحديثة، وإنما تمتد لنحو عقدين من الزمان، وتمارسها أحزاب وجماعات مسلحة.

العضو السابق في مجلس مكافحة الفساد العراقي، سعيد ياسين، يقول إن المجلس أحصى ما لا يقل عن 137 ألف عقار وبناية، وقطع أراض تعود ملكيتها للمؤسسات والوزارات الحكومية، استولت عليها الأحزاب أو ميليشيات مسلحة سواء بوضع اليد أو حتى بالاستئجار.

يشرح ياسين لبلينكس طريقة ثانية للاستيلاء على الممتلكات العامة "تدفع جهات نافذة أو مسلحون للحكومة إيجارات رمزية مقابل استغلال مبان أو أراض تتجاوز قيمتها ما يدفعونه للحكومة، مستخدمين في ذلك قوة السلاح وفرض الأمر الواقع".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة