مجتمع

لماذا تريد أوروبا إبعاد ابنك عن الشاشة؟

نشر

.

Muhammad Shehada

الحكومات حول العالم تنتفض لواجهة ما تراه وباء وآفة خطيرة جديدة. هذه المرة الوباء منتشر في كل منزل تقريباً ويقوم بتهديد مستقبل الأجيال القادمة. ذلك الوباء هو إدمان الأطفال والمراهقين للهواتف الذكية والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والذي قد يؤثر بالسلب على مهاراتهم الاجتماعية واللغوية وقدرتهم على التركيز والفهم والمتابعة الدراسية.

فيرا جوروفا، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشفافية ووزيرة التنمية التشيكية السابقة، شعرت بالمشكلة بنفسها على نحو شخصي. فهي تقول بأن حفيدها البالغ من العمر 10 سنوات ينغمس في شاشة الهاتف كما لو كان قد غطس في عالم آخر، حيث ينسى ويتجاهل كل ما حوله بما في ذلك جدته المحببة.

لذلك تعمل فيرا وزملاءها في المفوضية الأوروبية على إقرار إجراءات وقائية وعلاجية تكافح إدمان الأطفال للهواتف الذكية. فما قصة تلك الإجراءات؟ وهل تنجح حقاً؟

في الصين، الحكومة تسعى لمحاربة إدمان الأطفال للإنترنت

نموذج الصين

في الصين، الحكومة تسعى لمحاربة إدمان الأطفال للإنترنت والهواتف المحمولة بتقليل الوقت الذي يمضيه الأطفال دون سن الثامنة على الشبكة العنكبوتية لأربعين دقيقة يومياً، وساعتين لمَن تتراوح أعمارهم بين 16-18 عام. بالإضافة لتغيير خوارزميات التطبيقات التي يتعامل معها صغار السن لتعرض محتوى مخصص يليق بكل فئة عمرية على حدا.

وفي فرنسا، استهدفت الحكومة مصنعي الأجهزة الذكية والحاسوبية وألزمتهم بتثبيت نظام رقابة أبوية يمكن تنشيطه عند تشغيل أجهزتهم من قبل أطفالهم. وأما في أميركا، فقد قامت بعض الولايات مثل يوتاه بفرض حظر رقمي على الأطفال يتطلب موافقة أهاليهم للسماح لهم باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

وفقاً لصحيفة بوليتكو، فإن المفوضية الأوروبية فرضت قوانين شاملة وصارمة على مواقع التواصل الاجتماعي للتحقق من أن تلك الشركات العملاقة تبذل قصارى جهدها لعدم إلحاق الأذى بالأطفال. وستدخل تلك القوانين حيز التنفيذ مع نهاية شهر أغسطس لمحاربة إدمان الأطفال للهواتف الذكية، حيث ستطبق على أي موقع تواصل اجتماعي بعدد مستخدمين أوروبيين يفوق 45 مليون مستخدم. أي أن ذلك سيشمل فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام وسنابتشات، وتيكتوك، وpintrest وغيرها.

وأي شركة ترفض الامتثال والتعاون، ستفرض عليها غرامات تقدر بنحو 6% من معدل أرباح الشركة السنوي. أي مليارات الدولارات.

المفوضية الأوروبية فرضت قوانين شاملة وصارمة على مواقع التواصل الاجتماعي

لماذا تظهر هذه الصورة أمامي؟

المنشورات التي تظهر لك على موقع فيسبوك أو إنستغرام ليست عشوائية. هناك خوارزمية برمجية معقدة تحدد ما هو المنشور التالي أو الإعلان الذي قد يظهر على الشاشة بينما تقلب في الهاتف، ويكون ذلك اعتماداً على أنشطتك السابقة وسجل تصفحك للموقع واستخدامك له، لضمان أن تجذب المنشورات والإعلانات انتباهك وأن تكون مناسبة لك.

الشركات الكبرى سيتعين عليها أن تسلم لهيئة الرقابة على قانون الخدمات الرقمية في المفوضية الأوروبية تقييماتهم السنوية حول التأثير الكبير لتصميمهم وخوارزمياتهم وإعلاناتهم وشروط خدماتهم على مجموعة من القضايا المجتمعية مثل حماية القصر والصحة العقلية. وسيتوجب عليهم بعد ذلك اقتراح وتنفيذ تدابير ملموسة تحت إشراف شركة تدقيق مستقلة والمفوضية ومجموعة من الباحثين الذين سيقومون بفحص وتدقيق سجلات تلك الشركات.

قد تشمل تلك الإجراءات والتدابير أن يقوم إنستغرام مثلاً بالتأكد من أن خوارزميات الموقع لا تظهر أو توصي للمراهقات بمقاطع فيديو حول اتباع حميات غذائية. أو إيقاف تشغيل خاصية التشغيل التلقائي بشكل افتراضي حتى لا يستمر الهاتف في عرض المزيد من المحتوى في مقاطع الفيديو وفقاً لبوليتكو. كما سيتم أيضاً حظر خاصية جمع البيانات عن المستخدمين الأطفال بهدف عرض إعلانات مخصصة لهم بناءً على بياناتهم الخاصة وتعاملهم مع الموقع.

المزيد من القوانين

بوليتكو تقول بأن بروكسل أيضاً تعمل مع شركات التكنولوجيا والجمعيات ذات العلاقة ومجموعات حماية الطفل للوصول لقواعد أخرى حول كيفية تصميم المنصات بطريقة تحمي القاصرين. حيث من المرتقب أن يقوم قانون الاتحاد الجديد المخطط تبنيه في العام التالي باسم قواعد "السلوك بشأن التصميم المناسب للعمر" بإنشاء قائمة صريحة ومفصلة بالإجراءات التي ستفرضها المفوضية الأوروبية على شركات مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى لحماية الأطفال.

غرامات بالمليارات

لا يوجد مزاح مع الاتحاد الأوروبي. فعملاق مواقع البحث، غوغل، لم يستطع الصمود أمام المفوضية الأوروبية وخسر ثلاث قضايا متعلقة بمكافحة الاحتكار منذ العام 2010 بقيمة كلية بلغت أكثر من 8 مليار يورو. بينما قام الاتحاد الأوروبي بتغريم فيسبوك بنحو 1.2 مليار يورو في شهر مايو الماضي. ومن المتوقع أن يفرض الاتحاد غرامة على شركة تيكتوك بمئات الملايين في الأيام القادمة بعد إدانتها بانتهاك خصوصية بيانات المستخدمين الأطفال.

قام الاتحاد الأوروبي بتغريم فيسبوك بنحو 1.2 مليار يورو في شهر مايو الماضي

خطوات إيجابية.. لكن غير كافية

بعض مواقع التواصل الاجتماعي قامت بالفعل ببعض الخطوات في الأعوام الماضية تحت تأثير الضغوط لتقليل إدمان الأطفال على الهواتف الذكية وفقاً لبوليتكو. فقد قدمت منصات مثل Instagram و YouTube و TikTok أدوات متنوعة ذات علاقة بهذا الهدف مثل خاصية الرقابة الأبوية. ومنذ عام 2021، يرسل YouTube وInstagram للمراهقين تذكيرات أثناء استخدامهم التطبيق لأخذ فترات راحة. كما أعلنت TikTok في مارس أنه يتعين على القاصرين إدخال رمز مرور بعد ساعة على التطبيق لمواصلة مشاهدة مقاطع الفيديو. إلا أن تلك الإجراءات لا تبدو كافية لإرضاء مخاوف الاتحاد.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة