مجتمع
.
بينما يعمل البيت الأبيض والكونغرس على تقييد نشاط الشركات الصينية، مثل تيك توك، يعمل المشرعون على صعيد الولايات الأميركية على تقييد بيع الأراضي لصينيين.
المشرعون في 33 ولاية أميركية، قدموا 81 مشروع قانون يسعى لمنع الحكومة، وبعض الشركات، والمواطنين الصينيين من شراء الأراضي الزراعية أو العقارات بالقرب من القواعد العسكرية الأميركية، كل ذلك في العام ٢٠٢٣ فقط، وفقا لتحليل أجرته صحيفة واشنطن بوست للبيانات التي جمعتها منظمة العدالة الأميركية في آسيا والمحيط الهادئ.
تقول الصحيفة إنّ العديد من هذه المشاريع أصبحت الآن قوانين نافذة في ولايات مثل ألاباما وأيداهو وفيرجينيا، بعد المصادقة عليها في المجالس التشريعية التي يهيمن عليها الجمهوريون. لكن بعضاً من مشاريع القوانين تلك، لقي دعماً من الحزبين لأنها تعالج تهديداً للأمن القومي.
فما الذي يخيف المشرع الأميركي؟ وهل يمتلك الصينيون بالفعل أراضٍ واسعة؟ ومَن يتصدر قائمة الأكثر شراء للأراضي داخل الولايات المتحدة؟
يخشى مؤيدو هذه القوانين من قيام الحكومة الصينية بعمليات تجسس انطلاقا من الأراضي التي تشتريها بالقرب من القواعد العسكرية الأميركية، وأن تتعرض الإمدادات الغذائية في أميركا للتهديد إذا استحوذت كيانات أجنبية معادية على الكثير من الأراضي الزراعية.
في هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن النائبة الجمهورية في مجلس نواب ولاية أوهايو، أنجي كينغ، قولها: "هذه القضية لها تأثير مباشر على جميع سكان ولاية أوهايو. لقد تُركت دولتنا عرضة لهجمات أعدائنا".
لكن جماعات الصداقة الأميركية الآسيوية وبعض المشرعين عبّروا عن قلقهم من كون مشاريع القوانين الجديدة تتجاوز مخاوف الأمن القومي ويمكن أن تشجع على التمييز ضد الأميركيين من أصل صيني، في وقت تتزايد فيه جرائم الكراهية، وفقا لموقع ذا هيل الأميركي.
تقول النائبة الجمهورية السابقة لولاية تكساس مارثا وونغ: "هناك جهل يدفع الناس للاعتقاد أنه لأنك صيني، بالتالي ستكون جزءا من الحكومة الصينية".
وفي رد صيني على موجة التشريعات ضدها، قال السفارة الصينية في واشنطن ضمن بيان نشرته على موقعها: "إن تسييس التجارة والاستثمار يتعارض مع مبادئ اقتصاد السوق ويقوض ثقة الناس في السوق الأميركية".
وتضيف السفارة بالقول: "إن مثل هذه القيود قد تغذي أيضاً الكراهية الآسيوية في الولايات المتحدة والتمييز العنصري، وبالتالي تتعارض مع القيم الأميركية".
ولاية فلوريدا أقرت واحدا من أكثر القوانين صرامة حيث يعاقب الأميركيين الذين يبيعون أراضيهم وعقاراتهم إلى آسيويين بدفع غرامة قدرها 1000 دولار والسجن لمدة تصل إلى عام واحد.
خلال العامين الماضيين، تم تقديم أقل من 30 مشروع قانون في المجموع وتمت المصادقة فقط على اثنين منها. لكنّ هذا العام، اكتسبت مشاريع القوانين زخماً، خاصة بعد إسقاط منطاد صيني في فبراير الماضي والذي قالت الولايات المتحدة إنه كان لأغراض تجسسية.
عقب تمرير مشروع قانون متعلق بالصين في ولاية مونتانا قال السيناتور الجمهوري كين بوغنر، في تصريح لواشنطن بوست، "بعد أسبوع من تقديم مشروع القانون، تم إطلاق بالون التجسس الصيني فوق ولاية مونتانا، الأمر الذي جعل الجميع في المجلس التشريعي يشاركون في تمريره."
بدأت أحدث الجهود لتقييد ملكية الأجانب للأراضي في عام 2019 عندما اقترح الملياردير الصيني سون جوانغشين إنشاء مزرعة رياح مكونة من 46 توربيناً، جنوبي غرب تكساس لتغذية شبكة الكهرباء بالولاية.
اقترح الملياردير الصيني سون جوانجشين إنشاء مزرعة رياح مكونة من 46 توربيناً في جنوب غرب تكساس لتغذية شبكة الكهرباء بالولاية (مصدر الصور: أ. ب)
اجتاز المشروع فحصاً تنظيمياً من قبل لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، وهي منظمة اتحادية تقوم بمراجعة المشاريع الأجنبية بحثاً عن تهديدات للأمن القومي، وقررت وزارة الدفاع، حسب مجلة فوربس، أن التوربينات لن تعطل مسارات التدريب في قاعدة القوات الجوية.
لكن المشرعين الجمهوريين في الولاية ردوا بحظر أي شركة مرتبطة بـ "الدول المعادية" من الوصول إلى شبكة الكهرباء في تكساس أو غيرها من "البنية التحتية الحيوية"، ما أدى إلى إنهاء المشروع فعلياً، وفقا لما ذكرته وكالة أسوشيتد برس.
وفي العام الماضي، أثار المشرعون في ولاية داكوتا الشمالية إنذارا مماثلا عندما اشترت مجموعة صينية أرضا زراعية بالقرب من قاعدة غراند فوركس الجوية على أمل بناء مطحنة ذرة. ولم تقم لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بإجراء مراجعة مفصلة، قائلة إن قاعدة القوات الجوية ليست على قائمة المنشآت العسكرية "الحساسة".
لكن عضوي مجلس الشيوخ الأميركي عن الولاية، الجمهوريين جون هوفن وكيفن كريمر، حصلا على تعليق من القوات الجوية، يفيد بأنّ المشروع "يمثل تهديداً كبيراً للأمن القومي". نتيجة لذلك، تم إلغاء الصفقة، وأقر المجلس التشريعي للولاية مشروع قانون يمنع الشركات الصينية من بناء مشاريع مماثلة على الأراضي الزراعية أو بالقرب من القواعد العسكرية.
هذا العام، قدمت عشرات الولايات الأخرى مشاريع قوانين، واتسع نطاق بعضها ليشمل مواطنين عاديين من دول "معادية". يحتوي بعضها على لغة عمومية، لا تحدد وجه الخطر، بما في ذلك مشروع قانون في لويزيانا يحظر على أي شخص من دولة تعتبر "خصما أجنبيا" شراء أو استئجار عقارات بالقرب من قاعدة عسكرية .
من بين 109 دولة يمتلك مواطنوها أراض زراعية في الولايات المتحدة، تحتل الصين المرتبة 18، متخلفة كثيرا عن كندا التي تحتل المرتبة الأولى، بما فيها دول صغيرة للغاية.
وبحسب مجلة فوربس، يمتلك مواطنون وشركات الصينية ما يقرب من 384 ألف فدان من الأراضي الزراعية الأميركية، وفقاً لتقرير عام 2021 الصادر عن وزارة الزراعة. ومن بين هذه الأراضي، هناك 195 ألف فدان، تبلغ قيمتها حوالي 2 مليار دولار وقت شرائها، مملوكة لـ 85 مستثمراً صينياً بين أفراد وشركات. وتبلغ قيمة الـ189 ألف فدان الأخرى 235 مليون دولار عند شرائها وهي مملوكة لـ 62 شركة أميركية مع مساهمين صينيين، وهذه اللائحة بالترتيب.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة