مجتمع

العلمانية والعباية الإسلامية بمدارس فرنسا.. قانونان وكثير من "المحظورات الدينية"

نشر

.

Camil Bou Rouphael

بول ويليامز كتب على منصة X، تويتر سابقا، أن فرنسا المعادية للإسلام تمنع الطالبات من ارتداء العباءة في المدارس الحكومية، أما أحمد الدوبي فأضاف أنه بعد كل ذلك "يحاضرون علينا بالحرية لكن حريتهم المزعومة تقف عندما يتعلق الأمر بالإسلام وتعاليمه!".

حصلت ردّة الفعل هذه على منصة X بعد إعلان وزير التربية الفرنسي، غابريال أتال، الأحد، أنّه "سيحظّر ارتداء العباية في المدارس" بحجّة أنّ هذا اللباس ينتهك القوانين العلمانيّة الصارمة في مجال التعليم بالبلاد، مشدّدا على سعيه إلى وضع "قواعد واضحة على المستوى الوطني" لمديري المدارس. وشدّد الوزير على أنّ "العلمانيّة هي حرّية تحرير الذات من خلال المدرسة".

فماذا نعرف عن العلمانية في فرنسا؟ وهل تشكل اعتداء على الحريات الدينية؟

وزير التربية الفرنسي غابريال أتال. مصدر الصورة: أ ف ب

العلمانية الفرنسية

تنبع العلمانية من فصل الدين عن الدولة، أي أن الدولة حياديّة إزاء الدين ويُحظر عليها أي تدخل في شؤون الأديان المختلفة الموجودة في فرنسا. وعملا بالمثل لا يجوز للانتماء الديني الخاص بالموظفين أو المواطنين المنتفعين بالخدمات العامّة أن يؤثّر في سير الخدمات العامة، حسب وزارة الخارجية الفرنسية.

ومع ذلك، لا تعني العلمانية إنكار الديانات. فالعلمانية ليست خيارا روحانيا خاصا، بل هي الشرطُ لوجود جميع الخيارات بحد ذاته. العلمانية هي مبدأ من مبادئ الحرية، وهي تتيح احترام الخيارات الشخصية في أعمق القضايا، في مجتمع منفتح، وفق الموقع عينه.

يمثّل ارتداء الرموز الدينية مكونا من مكونات الحرية الدينية في فرنسا. ويُسمح مبدئيا بارتداء تلك الرموز بحريّة في الأماكن العامة والخدمات العامة، مع بعض التحفظات (الصحة، والأمن، وحسن سير الخدمة، وإلى آخره). وهناك قانونان اثنان فقط ينظّمان ارتداء المواطنين والمنتفعين بالخدمات العامّة للرموز الدينية، وهما حسب الخارجية الفرنسية:

  • القانون المؤرّخ في 15 مارس 2004 بشأن المدرسة: "يحظر القانون جميع الرموز والأزياء التي يُعبّر التلاميذ من خلال ارتدائها تعبيرا جليا عن انتمائهم الديني، بغية حماية المدرسة الحكومية من التعبير عن الهوية والطائفة. ومنها على سبيل المثال الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصليب المسيحي ذو الحجم الكبير وعمامة السيخ. ولكن يجوز ارتداء الرموز الدينية الخفية. ولا تخضع المدارس الخاصة للقانون المؤرّخ في 15 مارس 2004، فيجوز للتلاميذ أن يرتدوا رموزا دينية بارزة داخل هذه المدارس. وهذه هي الحال، خصوصا في المدارس الخاصة الإسلامية في فرنسا".
  • القانون المؤرّخ في 11 أكتوبر 2010 بشأن إخفاء الوجه في الأماكن العامة: يحظر إخفاء الوجه في الأماكن العامة وداخل الخدمات العامّة، باستثناء دور العبادة المفتوحة أمام الجمهور. والأزياء التي تخفي الوجه هي الأزياء التي تحول دون تحديد هوية الشخص، أي أغطية الرأس والوجه، والأحجبة التي تغطي الوجه، والأقنعة وأي غرض أو ثوب يخفي الوجه (مثل البرقع أو النقاب). ولا يشمل هذا الحظر الحجاب الذي يستخدم لتغطية الرأس أو يوضع فوق الشعر، وفق الخارجية الفرنسية.

تنبع العلمانية من فصل الدين عن الدولة، أي أن الدولة حياديّة إزاء الدين. مصدر الصورة: أ ف ب

"الصلبان والقلنسوة اليهوديّة والحجاب"

بحسب مذكّرة لأجهزة الدولة اطّلعت وكالة فرانس برس على نسخة منها، الانتهاكات للعلمانيّة آخذة في التزايد على نحو كبير منذ جريمة قتل المدرّس صامويل باتي عام 2020 قرب مدرسته، وازدادت بنسبة 120٪ بين العامين الدراسيين2021-2022 و2022-2023.

وتفرض فرنسا حظرا صارما على الرموز الدينية في المدارس الحكومية منذ ألغت قوانين تعود إلى القرن التاسع عشر أي نفوذ كاثوليكي على التعليم الحكومي، وهي تعمل جاهدة الآن لتحديث الإرشادات للتعامل مع الأقلية المسلمة المتزايدة العدد، حسب رويترز التي أوضحت أن السلطات الفرنسية أقرت حظرا على ارتداء النقاب في الأماكن العامة في 2010 مما أثار غضب بعض أفراد الجالية الإسلامية التي تضم نحو ٥ ملايين نسمة.

السلطات الفرنسية أقرت حظرا على ارتداء النقاب في الأماكن العامة في 2010. مصدر الصورة: أ ف ب

اعرف أكثر

اليمين واليسار اتجاه واحد؟

  • كان اليمين واليمين المتطرّف دفعا باتّجاه تبنّي هذا الحظر بينما اعتبر اليسار من جهته أنّه اعتداء على الحرّيات المدنيّة، حسب ما نقلت فرانس برس. وتُفيد تقارير بأنّ العبايات يجري ارتداؤها بشكل متزايد في المدارس، وبأنّ ثمّة توتّرات داخل المدارس حول هذه القضيّة، بين المعلّمين وأولياء الأمور.
  • ينادي الطيف السياسي الفرنسي بمختلف ألوانه بالدفاع عن العلمانية، من اليساريين الذين يؤيدون القيم الليبرالية لعصر التنوير إلى الناخبين اليمينيين المتطرفين الذين يسعون للحد من الدور المتنامي للإسلام في المجتمع الفرنسي، وفق رويترز.

ينادي الطيف السياسي الفرنسي بمختلف ألوانه بالدفاع عن العلمانية. مصدر الصورة: أ ف ب

  • منذ تولّيه حقيبة التربية الوطنيّة والشباب في نهاية يوليو، يعتبر أتال أنّ ارتياد المدرسة بالعباية "مظهر ديني يرمي إلى اختبار مدى مقاومة الجمهوريّة على صعيد ما يجب أن تشكّله المدرسة من صرح علماني". وتابع في تصريحه لقناة "تي اف 1" الأحد، "لدى دخولكم صفا مدرسيا، يجب ألّا تكونوا قادرين على معرفة ديانة التلاميذ بمجرّد النظر إليهم". مسألة ارتداء العباية التي لا يعتبرها المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميّة مظهرا دينيا، سبق أن أدرجت في تعميم لوزارة التربية الوطنيّة في نوفمبر الماضي.
  • جاء في التعميم أنّ العبايات تعتبر على غرار غطاءات الشعر والتنانير الطويلة، ألبسة يمكن حظرها في حال تمّ ارتداؤها "على نحو يُظهر بشكل علني انتماء دينيا". لكنّ مديري المدارس كانوا بانتظار قواعد أكثر وضوحا بهذا الشأن مع تزايد الحوادث، وفق فرانس برس. ويُمثّل حظر ارتداء العبايات أوّل خطوة كبيرة يُعلنها أتال، 34 عاما، منذ ترقيته هذا الصيف لتولّي حقيبة التعليم المثيرة للجدل إلى حدّ كبير. وإلى جانب وزير الداخليّة جيرالد دارمانين، 40 عاما، يُنظر إلى أتال على أنّه نجم صاعد يمكن أن يؤدّي دورا مهمّا بعد تنحّي ماكرون عام 2027.

من هو أتال؟

عين أتال البالغ، على رأس وزارة التربية الوطنية الفرنسية، ليكون بذلك أصغر وزير في هذا المنصب في تاريخ الجمهورية الخامسة وأصغر عضو في الحكومة الحالية، فهو ولد في 16 مارس 1989.

كان شغوفًا بالسياسة في وقت مبكر جدًا، ومنذ سنوات دراسته الثانوية شن حملة ضد مبادرة الحكومة لتعديل قانون الشغل آنذاك. أصبح عضوًا في الحزب الاشتراكي في عام 2006، وكان غابرييل أتال من أوائل الاشتراكيين الذين تبعوا إيمانويل ماكرون أثناء إنشاء حركته.

لدى تعيينه كتب، فيليب دي فيلييه السياسي اليميني، الذي أن التعيين الجديد "كارثة الصيف"، حسب تعبيره، وأضاف أن هذا سينقل الوزارة "إلى المثليين والمتحولين جنسيا" في إشارة إلى أتال الذي سبق أن أعلن أنه مثلي الجنس، وعلى علاقة مع النائب في البرلمان الأوروبي ستيفان سيجورني. وأثارت تصريحات دوفيليي حينها غضب الطبقة السياسية الفرنسية بمختلف تياراتها.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة